من مزايا الثبات على ماهو حق
أن لايزيغ القلب عن جادة الحق والصواب ، أن لاتجرف مزاياه الأهواء ، أن يعتصم بعزيمة منحها الله للصادقين في مواجهة الشدائد والمحن ، أن يسعى إلى الرشد ووضوح السبيل ... إلى آخر عناوين فصول القيم العالية التي تزخر بها أسفار الفطرة السليمة ، وهي الراسخة في قلوب أولي الهمم العاليات ، التي تمنح الإنسان حبَّ السلوك الحسن في الأعمال والأقوال ، وبالتالي لاتخيفه غمرات الأحداث العاصفات ، فهو على جانب من القوة والحكمة والوعي ، وتلكم من أوعية الثبات في بيئة الحق ، والقيم السامية لايتخلى عنها إلا مَن هانت نفوسُهم للوساوس والإغراءات ، وللأطماع الرخيصة ، وخصوصا في زمن الفتن واضطراب أحوال الناس . والإنسان قد يُبتَلى ويُمتَحَنُ ، وتلك سُنة الله سبحانه في خلقه ، فطوبى لِمَن ثبت على الحق ، ونجح في هذا الاختبار وكان من الفائزين .
وفي حياتنا نشاهد نماذج من أهل الثبات على الحق من رجال ونساء ، فهم يعيدون سير الآباء والأجداد الذين كان أهل الأرض يحترمونهم ويهابونهم أيضا لأنهم أصحاب حق ، ولأنهم ثابتون عليه . أعرف من هذه النماذج إحداهن مازالت على منهج الصالحات ، فكيف لها أن تكون بهذه المثالية المترفة! تجمع بين الاتزان والتفاؤل بملامح هادئة يأنس بمجالستها زميلاتها . ولديها تلك القدرة على الإنصات بتمعّن ، ثم إنها تهتم بكل التفاصيل حتى الصغيرة منها ، والتي تجد - من خلال رؤيتها الخاصة - أنها تستحق إعادة النظر فيها . تُعير اهتمامها وانتباهها لكل مُتحدّث.. مُشجّعة لأولئك الذين تخونهم/تخذلهم أنفسهم حين يشتد خناق الحياةُ حول أعناقهم ، وتضعهم في أماكن ضيّقة لتمتحن صبرهم وصمودهم ، حيث يُخشى عليهم الخروج من دائرة الثبات على الحق ، والانزلاق في مستنقعات الضياع . متمكنة من أداء عملها ، فهي طبيعية بعيدة عن التصنّع رغم أنها إجتماعية إلاّ أنها مُتحفّظة فيما يخص حياتها الشخصية. كلّما نظرتَ في عينيها أكثر تشعر بأنها تسبر أغوار ذاتك ، فكيف باستطاعتها أن تبرع لهذا الحد في تحليل : صمتك ، نظرتك ، وحتى إيماءاتك! كيف باستطاعتها أن تكون هادئة لهذا الحد رغم البركان الثائر بأعماقها حين تهتف بقيم الحياة الفاضلة التي هجرها معظم الرجال والنساء ؟ كيف لها أن تبقى معتصمة بقضيتها بكل هذه النزاهة ،وبكل الشرف الذي يسمو بفضائل الأخلاق وجميل المزايا ، ولا تنجرف مع التيار كما هو حال الأغلبية !
أجل إنها هي ... هي في زمن التلون والانجراف مع التيارات ...
وسوم: العدد 936