تكنولوجيا - السياسة
لاشك أن هناك منظومة ميكانيكية حركية، تضبط آليات عمل السياسات العالمية. وقبل فهم آليات العمل السياسية هذه لا يمكن أن تكون مؤثرا فيها.
بعض الناس يعلنون ثورتهم على هذه الآليات فيصنفون من قبل القائمين عليها، والممسكين بمناطات القوة والتأثير في هذا العالم " إرهابيين " ويعاملون " إرهابيين" وغالبا ما يتسم خروج هؤلاء بالفوضى، وبطرائق غير مشروعة من سفك الدماء ، واخذ البريء بجريرة غيره، فينفض عنهم الناس ويكونون في المثل بمقام " براقش " التي تجني بنباحها على نفسها.
وبعض الناس يقاربون هذه الآليات بجهل وقصور ، وينخدعون بالعناوين التجارية التسويقية والتجميلية لها ..مثل عناوين " الديمقراطية " و " حقوق الإنسان " والقانون الدولي " فيصطدمون بحقائق جهلهم وقصورهم.
لو كانت الديمقراطية في كل دول العالم تطبق على وجهها الحقيقي مثلا لما كان الحكم في كل دول العالم تقريبا دُوْلة بين حزبين رئيسيين يحتكران السلطة وتوابعها في بلدانهم. ولو كانت مواثيق حقوق الإنسان سارية بالقدر نفسه في كل دول العالم لما كان حق حيوان أليف من جنسية راقية في هذا العالم مقدم على حق شعب كامل برجاله ونسائه وأطفاله ...!!
أعلم من أحاديث بعض الأسر الصناعية في حلب، أن الصناعي منهم كان أراد أن يستورد أي " مكنة " حديثة لمصنعه، كان يشترط على الشركة الموردة ، أن يعمل رجل من طرفه في أحد مصانعها لمدة عام أو أكثر ، يتعرف على خط إنتاج الماكينة، ومشكلاتها اليومية أثناء العمل، وطريقة فكها وتركيبها ومعرفة دور كل قطعة فيها.، فيرسل لتعلم ذلك رجلا من أهل خاصته يثق بذكائه الصناعي كما يثق بإخلاصه ووفائه له ..
في تصوري أن شعوبنا التي تعيش منذ قرن " مرحلة ما قبل الدولة " أصبحت أبعد ما تكون عن معرفة وفهم آليات التكنولوجيا السياسية العالمية. ونحن مع أننا جميعنا نتمترس وراء " الواقعية " إلا أننا نعيش حالة من الطوباوية الحالمة التي لن تزيد طيننا إلا بلّة ..ونحن هنا تشمل منتظمنا الوطني بكل تصوراته وطروحاته ...
فهل نستطيع أو هل نريد ؛ أن نعلن ثورة على العالم ، قيمه - مهما كان رأينا في قيمه-ومصالحه كلها دفعة واحدة ، ولاسيما تلك التي تتعلق ببلادنا، الأمر الذي سيجعل مصالح الآخرين رهن إرادتنا؟؟ سؤال جدير بجواب وعلى المستويين ، هل نريد ؟؟ وهل نستطيع ؟؟
أطرح هذا وأنا الذي قرأت منذ نصف قرن كتابا لكاتب هندي عنوانه "الإسلام يتحدى " ؟؟؟؟
مضى علينا قرن - بوصفنا أمة وشعوبا وقبائل - ونحن نعلن الحروب على المنابر ، ولم يكن ذلك أبدا سهلا ، ودفعنا ثمن حروب المنابر كثيرا ، وأكثر مما يستحق الأمر ...
ولكننا اليوم ونحن ننتقل بالمعارك من المنابر إلى الميادين ، فندفع الثمن الأكبر ، هل أجدنا دراسة فيزيولوجيا السياسة الدولية كما فعل من قبل "حي بن يقظان " ؟؟؟
أعرف كثيرين اليوم في سوق المهن الالكترونية العربي بارعين، يعرفون كيف يصلحون أي خلل في أجهزة الهواتف الخلوية الذكية بأنواعها ولكن كم منهم يستطيع أن يعيد تصنيع جهاز هاتف من مثل آيفون أو سامسونغ أو هواوي..؟؟
تكنولوجيا السياسة على ما علمنا وتابعنا أشد تعقيدا من صناعة هذه الأجهزة الالكترونية الدقيقة والذكية ...
إيماننا بالمطلقات مهم وجميل وعاصم وضروري، ومعرفتنا كيف نمر بين النقاط دون أن نبتل أمر أكثر صعوبة ..
وأنادي وتنادون : ما لنا غيرك يا الله . وإنا إن شاء الله لمنتصرون ..ونأخذ كتاب ربنا بقوة ...
ولكن نحتاج إلى كل ذلك إلى قليل " من القطران "
وسوم: العدد 939