نعال الغنوشي
هذا الذي يظهر شبه عاريا بالصورة امامكم ..
هو زعيم حركة النهضة بتونس ،
ورئيس مجلس النواب فيها ..
رجل دولة و سياسي مخضرم ،
له تاريخ طويل وحافل بالنضال ،
ضد السلطة الدكتاتورية و التعسفية القمعية ..
منذ بداية مسيرته السياسية وهو في عز شبابه في ١٩٦٩ ،
تعرض للاعتقال و السجن والتعذيب مرات عديدة ..
وحكم عليه بالإعدام مرتين ،
و اجبر على العيش بالمنفى لمدة اكثر من ٢١ سنه ،
حتى عاد لبلاده إثر نجاح الثورة التونسية ..
هو حقوقي و باحث ، له باع طويل في الكتابات الفكرية ..
نشر و ترجم له اكثر من عشرين كتاب ،
تناولت مختلف الافكار الانسانية الجميلة مثل ،
حق الاختلاف و حق حرية المرأة ،
و حقوق المواطنة و الحريات العامة و الانسان ..
هو احد أهم المفكرين المعاصرين في أوساط الاسلام السياسي المعتدل ،
الذي تطرق الى مسألة العلمانية و الحداثة بالدين ،
و مباديء العلاقة الروحية السامية ،
ما بين هذا الدين و الديموقراطية و المجتمع المدني ..
حصل على عدة جوائز عالمية و دوليه منها ،
جائزة تشاتام هاوس المقدمة من قبل ،
المعهد الملكي للشؤون الدولية في بريطانيا ..
جائزة ابن رشد للفكر الحر من قبل ،
مؤسسة ابن رشد للفكر الحر في المانيا ..
جائزة في السعي لجائزة السلام
(In Pursuit of Peace Award)
هو الأول في قائمة أفضل 100 مفكر ،
من قبل فورين بوليسي ..
اختارته مجلة جون افريك من بين ،
أكثر 50 أفريقي تأثيرا في العالم ..
و صنفته الگلوبال انفلوانس ،
ضمن قائمة الشخصيات العربية الأكثر تأثيرا ..
هذا بالإضافة الى عضويته بكثير من الجامعات ،
وحصوله على العديد من الشهادات التقديرية ،
و درجات الدكتوراه الفخرية ..
لكن الاهم من جمالية هذه المقدمة الرائعة ،
و الاهم من كل تلك السيرة الذاتية المشرفة ..
ان هذا الرجل لم يرث القداسة او الزعامة من ابيه ..
بل ورث عنه حب الارض و الصبر و التواضع ،
فأبوه كان فلاحا بسيط ..
لم يتم انتخابه بدعم من مرجعية او بأمر من طهران ...
لم يتقلد منصبه بناء على صفقة تجارية ،
او محاصصة طائفية ،
بل حصل عليه عن جدارة واستحقاق ،
بعد فوزه بانتخابات نزيه وشفافة ..
هذا الرجل المؤمن الموحد الذي يصفونه بالاخونچي ،
لم يستولي على جميع الخيرات و كامل الثروات ،
مع خمس الارزاق من ابناء شعبه ،
ثم يتاجر بدمائهم و يأمر بقتلهم ..
لم ينفذ اجندات الدول المجاورة لبلده ..
لم يسرق وطنه ولم يبع اراضيه ،
و لم ينبطح و يتنازل عن سيادته للغير ..
هذا الوطني الغيور لم يتحالف ،
مع البريطاني ولا الباكستاني لغزو بلاده ..
لم يتبادل الاحضان مع الامريكي ،
الذي دمر ارضه و دنس عرضه ،
حرق زرعه و حل جيشه و حاصر اطفاله وقتلهم ،
جوعا و مرضا و قصفا بالقنابل ،
كي يهديه بعد ذلك الحضن الحميم ،
سيف ذو الفقار محفور عليه بالذهب الخالص ،
" لا فتى الا علي " ..
هذا الاسلامي المثقف و المعتدل ،
الذي استسلم لقدره و رضي بمصيره ،
و بحكم الشعب دون مقاومة ..
ليس لديه آلهة تعبد و لا اصنام تقدس ..
غير اله واحد يؤمن به و يصلي له ..
ليس لديه ميليشيات و لا ارتال من حمايات مرتزقة ..
ليس لديه كواتم و لا دراجات نارية و لا فرق اغتيالات ..
ليس لديه استثمارات و لا امتيازات
ولا مرتبات تصاعدية مدى الحياة ..
ليس لديه قصور في لندن و لا شركات بالإمارات ،
و لا جزرا بارخبيل المالديف بالمحيط الهندي ..
نحن العراقيين ،
بعد كل ما مر بنا من مآسي و ما شهدناه من خراب ..
لو ان مثل هذا الرجل كان موجود بيننا الان ..
و رشح نفسه للانتخابات ..
لما كنا فقط وقفنا وصفقنا له و انتخبناه ..
بل ربما كنا صنعنا له تمثالا من الذهب و عبدناه ..
نعم هذا الرجل هو مفكر اسلامي ،
قرا فقه الدين و ربما تأثر به ،
لكنه لم يخدع الفقراء و يخبرهم ،
بانهم سيدخلون الجنة تعويضا عن بؤسهم ،
لم يضحك على عباد الله المساكين ،
و يقول لهم ان القناعة كنز لا يفنى ،
ليستولي هو بالنهاية على الكنز لوحدة و يترك لهم القناعة ..
راشد الغنوشي المسلم لم يتزوج مثنى و ثلاث و رباع ..
كما شرع الدين ،
لأنه احترم القانون المدني التونسي ،
الذي منع تعدد الزوجات ،
حفاظا على حقوق الانثى و كرامتها و مساواتها مع الرجل ..
لم يسبي امرأة او يغتصبها ..
لم يساوم امرأة على جسدها ،
كي يمنح اسرتها المشردة شقة تأويهم ، من بركات العتبة ..
لم يستمتع مع امرأة بدعارة مقدسة ،
كي يخصص لوالدها المريض مرتبا تقاعديا ،
يكفي لوجبة طعام واحدة يوميا ..
هذا الرجل تزوج امرأة واحدة ، احبها واخلص لها ..
فرزق بولدين و اربع بنات ..
جميعهم حملوا شهادات الماجستير و الدكتواره بمجالات انسانية مختلفة ..
فيزياء فلكية ، علم الاجتماع ، فلسفة ، حقوق انسان ..
كان يمكن له ان يجعل من اولاده رجال دين ،
ويصنع منهم وعاظ للسلاطين لكنه لم يفعل ،
كان يمكن له ان يزج بذريته ،
في معترك السياسة و الانتخابات ،
لانهم على الاقل اكاديميون وحملة شهادات عليا ،
لكنه لم يفعل ..
كان يمكن ان يعين اولاده و بناته
محافظين او مدراء او سفراء ،
لكنه لم يفعل ..
عدا ابنه البكر جعله مديرا لمكتبه ،
لأنه درس الحقوق و سار على نفس تخصص ونهج ابيه ،
وكان مرافقا له من حقبة نضاله و منفاه ..
لقد حزت بنفسي كثيرا ،
كمية التسقيط و التشوية الذي تعرض لهما هذا الرجل ..
من قبل الكثير من دعاة العلمانية ،
و الحانقين بشدة على الاسلام السياسي ،
و انا واحد منهم بل اولهم ..
لكن بما انني لا ارضى الظلم على نفسي ،
ايضا لا ارضاه على غيري وان اختلفت معه ..
نعم انا ضد الدين حين يتحول لبضاعة ،
لكنني اقدسه ان كان مجرد ايمان يرتقي بإنسانيتك ..
انا ضد المتاسلم الفاسد لكنني لست ضد المسلم النزيه ،
الذي يعتز بدينه ويحميه من الصفقات الرخيصة والمتاجرة ..
هذا المسلم اقبل يديه و اضعه على الراس ..
من الاجحاف جدا مقارنة راشد الغنوشي ،
باي سياسي اخر بالعراق ..
نعال الغنوشي هو عندي اطهر من جميع ،
الحثالات والامعات الذين يحكمون بلدي ..
وللحديث بقية ..
وسوم: العدد 940