من هم الماتريدية ...؟؟
ومع صعود حركة طالبان، طرق أسماع الناس كثيرا أنهم أحناف ماتريدية. ووصف أحناف وصف قريب الفهم متداول ، وأنهم في الفقه كما هو حال المسلمين في تركية وآسية الوسطى وشبه الجزيرة الهندية، على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رحمه الله تعالى، سابق الأئمة التابعي 75- 150 .
أما وصف " الماتريدية " فقد يشكل على كثير من الناس فأحببت أن أكتب تعريفا تثقيفيا مختصرا بالماتريدية كمذهب من أكبر مذاهب أهل السنة أهل الس والجماعة في الاعتقاد، دون الخوض في القضايا الكلامية، إذ لا يحتملها في تقديري المقام . فعموم أهل السنة والجماعة في الاعتقاد ينقسمون إلى ثلاثة مذاهب كبرى؛ ينقسمون حسب تعداد الأتباع إلى : الماتريدية والتي يتبعها تقليدا كل أتباع الإمام الأعظم أبي حنيفة في الفقه. ذلك أن الإمام الماتريدي كان حنفيا واتبع قواعد الإمام أبي حنيفة في كل ما قرر. ثم الأشاعرة ويتبع مذهبهم كل أتباع مذهبي الإمامين الجليلين مالك والشافعي رحمهما الله تعالى.؛ ذلك أن الإمام الأشعري كان شافعيا واتبع تقريرات الإمام الشافعي فيما قرر. ثم ثالثا مذهب أهل الحديث وهم الحنابلة من أتباع الإمام أحمد على العموم . وإن كانوا قد خلطوا المذهب بكثير من أقوال الظاهرية. وكل هذه التقسيمات عمومية مائعة. فكم من حنفي لم يسمع بالماتريدي ولا بالماتريدية ولا بالإرادة بين الإرادتين، وكم من شافعي لم يسمع بكسب الأشعري. وكم من حنبلي لم يعي مسألة الجهة والتحيز والاستواء على وجهها الحقيقي.
إذن " الماتريدية " مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة على مستوى "لاعتقاد " أي على مستوى معرفة ما يجب لله وما يجوز ، وما يمتنع عليه، ومعرفة التوحيد المتعلق بالذات والصفات والأفعال ..
وكانت بعض البدع قد بدأت تتسرب لعقول المسلمين مع إطلالة القرن الهجري الثاني ، وبدأ الناس يتحدثون في القدر وفي الذات وفي الصفات ونشأ ما يعرف بالجبر والارجاء حتى تأسس الاعتزال ..
الإمام أبو منصور الماتريدي محمد بن محمد بن محمود ينتهي نسبه إلى سيدنا أبي أيوب الأنصاري ..
نشأ في ناحية " ماتريد " من مدينة سمرقند التي تتبع اليوم دولة أوزبكستان..
ولد على التقريب 250 - وتوفي 333..
أحب أن أذكر أنه معاصر للإمام أبي الحسن الأشعري الذي ولد في البصرة 260 وتوفي في العام نفسه الذي توفي فيه الإمام أبو منصور ..
نشأ الإمامان في بيئتين مختلفتين، فبين سمرقند والبصرة أميال وأميال، وكلاهما أسس لمذهب اعتقادي يصوغ ويصون عقيدة أهل السنة والجماعة. وكلاهما تصدى لبدعة المعتزلة بالطريقة نفسها، وكلاهما وصل إلى مذهبين شديدي التقارب. حتى قيل إن جل الخلافات بين مذهبي الماتريدي والأشعري هي خلافات لفظية.
وإنه لأمر يعتز به أهل السنة والجماعة أن يشرح إماماهما حقيقة واحدة على غير لقاء أو اتفاق، فكلاهما رد بدع الاعتزال. وفند شبه أصحاب الشبهات، وتوازنَ في الاعتراف بمكانة العقل والنقل. واعتبر العقل أساس التكليف وأداة فهم نص، وعليه التعويل في التدبر والتأويل ...وأن تجاوز التأويل يعني في بعض صوره إلغاء النص. والإحالة على العماء. يد ليست كالأيدي ؟؟؟ عين ليست كالأعين ؟؟؟
في رحاب اللقاء على عقيدة أهل السنة لم يكن لأحد أن ينكر على أهل الظاهر طريقتهم في التسليم ، ما لم يصل بهم الأمر إلى ما يسمى "التجسيد" الذي هو من أشد البدع نكارة والعياذ بالله، حتى اضطر الإمام ابن الجوزي أن يكتب كتابا بحق المجسدة الذين تعلقوا بظاهر النصوص ، وكان عنوان كتاب ابن الجوزي " دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه " ولو قرأته لوجدت فيه الأعاجيب من أقوال أولئك القاصرين.
كان جوهر الأمر في شرح عقيدة أهل الإسلام هو التوازن بين " المعطلة" وبين "المجسدة" والمعطلة فريق من الناس زعموا التنزيه ، فكانوا يقولون جلّ الله أن يفعل أو أن يكون أو أن ...
إذن " الماتريدية " مذهب معتبر معتمد من مذاهب أهل السنة والجماعة يستغرق مع مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، سواد المسلمين حول العالم. وأحيانا يستغنى بذكر أحد المذهبين عن الآخر ...لعلي أوجزت كثيرا ولكن المقام لا يتسع لأكثر.
وسوم: العدد 943