نظرية المؤامرة بين النفي والإثبات ...!!
وفي الحديث الشريف "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل. ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ..)
ومن الأمور التي كثر الخصام والجدل فيها، ما يسمى فيما نتداوله من اخذ ورد " نظرية المؤامرة"!!
النظرية التي يريد البعض أن يجعل منها مشجبا ،يعلق عليه عجزه وضعفه وجهله وقصوره وفساده واستبداده ؛ حتى يقول بشار الأسد " إن خروج السوريين للمطالبة بحقوقهم الأولية؛ كان مؤامرة " كلام يستخف بالعقول والقلوب معا، والمتذرعون بنظرية المؤامرة على هذا المستوى هم قوم من العاجزين المستسلمين المستقيلين من الفعل ومن الحياة أصلا " إنما الميت ميت الأحياء "
ويرى بعض القوم هذا فيستفزه ويزعجه، ويذهب إلى حد إنكار المؤامرة جملة وتفصيلا ، ويصير في رؤيته للأحداث تجري على هذه الأرض ووقائعها إلى رؤية القائلين بالصدفة النافين للغائية المنظمة في كل ما يكون ..!!
المعنى الواقعي المقابل الذي تتمثل فيه نظرية المؤامرة ،هو أن يكون في هذا العالم قوى أو دول متحكمة مهيمنة مسيطرة متنفذة، تنظر إلى هذه الأرض كرقعة شطرنج ، وأن مربعاتها مزراع موروثة لها ، فترسم كل مربع في الجغرافيا والديمغرافيا شروط عيشه وملامح يومه ومستقبله!! فتضع مخططاتها لهذه المربعات، وتعمل على تنفيذها بكل أدوات هيمنتها ، وبغفلة من أصحابها، وتكون هذه المخططات "مؤامرة" عندما يكون هدف القوي المهيمن فيها تحقيق مصلحته، على حساب مصالح الآخرين، وتكون المؤامرة أبشع وأحقر كلما بالغ القوي المسيطر النافذ المهيمن، في إلحاق الضرر بلا حدود بحياة الناس، الآخرين وأعراضهم وأوطانهم ، أي أنه يتعدى فيما يتعدى أن يحيف عليهم، أو أن يخسرهم ويستوفي منهم ..إلى أن يمحق وجودهم، ويعدمهم أوليات حياتهم.
العامة في بلادنا تصور بعض هؤلاء بقولها " فلان يبعج الظرف - ظرف الزيت أو السمن - لكي يلحس منه لحسة." أي أنه لا يمانع في فقهه النفسي أن يلحق الضرر بصاحب الظرف فيهريق له كل ما في ظرفه ، مقبل مكسب تافه صغير أنه يلحس منه لحسة...
الآن حين تحدثنا التقارير أن بعض دول الهيمنة على العالم كانت قد رسمت الخطط وأعدت السيناريوهات مستفيدة من كل نقاط الضعف والثغرات، منذ ثلاثين عاما مضت وأنها اليوم تضع خططها لعشرين عاما قادمة لتحدد لنا هل نكون أو لا نكون ؟؟وإذا كنا فكيف نكون؟؟ ولكي تدفع بلادنا في الطريق الذي ما زالت فيه منذ قرن من الزمان... وأنها منذ 1970 كانت متعاقدة مع حافظ الأسد، وجاءت مادلين أولبرايت في سنة 2000 لتجدد العقد مع بشار الأسد، وعندما سئلت قالت بالحرف وأقتبس " إن الرئيس بشار يعرف ما يجب عليه أن يفعل ، وقد فعل ، ولذا تقرر أن يجدد له اليوم بالقاء والاستمرار ..
وأنعلم اليوم ن الدولة المهيمنة نفسها منذ " إيران غيت" ومنذ ريغان وبوش الأب قبل أن يكون رئيسا قد أبرمت اتفاقية مع طهران الخميني وليس الشاه الامبريالي لتكون أداة في المؤامرة الكبرى ..
حين نطالع كل هذا في التقارير عن أهداف المؤامرة وأركانها وأدواتها؛ ندرك أن الممثلين على مسارح الولايات المتحدة لا يرتجلون، والملقن تحت خشبة المسرح يتابعهم على الفتحة والضمة ..
كل هذا لا يسمح لنا بأي حال أن ننكر المؤامرة ....ولكنه أيضا لا يسمح لنا أن نجذب زقا ونتكي ونشربها أربعا في أربع ..
السباحة في المازوت أو في الوحل بعض قدرنا ،وعلينا أن نتحمله بقوة وعزم صابرين محتسبين ..
وسوم: العدد 947