ماسبيرو زمان وماسبيرو هذه الأيام… وفضيحة «بي بي سي»!

لا يعرف قيمة أمه، إلا من يقوده حظه العاثر فيتعامل مع زوجة أبيه!

فنظرة إلى ماسبيرو زمان، وماسبيرو هذه الأيام، يمكن من خلالها التوصل إلى مستوى الانهيار، الذي هو أزمة سلطة، وليس قدراً يدفع للتخلص من قوى مصر الناعمة، التي تتمثل في اعلامها الرسمي!

وغني عن البيان أن أهم قناة تبث مصر الآن هي قناة “ماسبيرو زمان”، وهي الإنجاز الوحيد، الذي يحسب لعهد أنس الفقي، وزير الإعلام الذي كان مكلفاً بملف التوريث، في العهد البائد، وهي قناة أحرص على متابعتها منذ بداية بثها، وأعتقد أنني عرفت كثيرين بها من خلال الكتابة عنها. وأتنقل بينها وبين قناة “الجزيرة”، فان القلوب تمل من الأخبار، وهي قناة تجيب من خلال ما تقدمه على سؤال أين كنا وأين أصبحنا؟ فالأزمة ليست لعجز في النهوض بالتلفزيون المصري، ولكنها الاختيارات الرديئة للسلطة للمناصب العليا في ماسبيرو، والتي نتج عنها اختيار الأكثر رداءة في ما دون ذلك!

فليس في “ماسبيرو” هذه الأيام، مقدمو برامج بحجم أحمد فراج، وفاروق شوشة، وعمر بطيشة، وسامية الأتربي، بل وسهير شلبي، وليس فيه ضيوف بحجم طه حسين، والعقاد، وتوفيق الحكيم، ومحمد عودة، ومحمود أمين العالم، ومالك بن نبي، بل وجمال الغيطاني، وإذا نظرنا للكوكبة التي حاورت طه حسين من عقول مصر ومفكريها، وننظر إلى حالنا الآن، فسوف يرتد الينا البصر خاسئاً وهو حسير، وهي حلقة أعدها أنيس منصور، فمن بين المعدين الآن في مستواه، أو في مستوى غيره؟!

فاذا انتقلنا إلى البرامج الدينية وجدنا الشيخ الشعراوي، وعبد الغني الراجحي، والأحمدي أبو النور، وغيرهم من شيوخ، وقد صارت الدعوة الإسلامية الآن حكراً على وزير الأوقاف، الذي يكفي أن تراه على المنبر في يوم الجمعة، حتى تجد نفسك مطالباً بالفرار منه فرارك من الأسد، وإذ غيب الموت قراء للقرآن الكريم بحجم الحصري، والمنشاوي، ورفعت، وعبد الباسط، والطبلاوي، ومنشدين، كنصر الدين طوبار، والنقشبندني، ومحمد عمران، فمن الحاضرين الآن يمكنه أن ينافس هؤلاء القمم، ومن تصدروا المشهد ليسوا أكثر من مقلدين، تتشابه أشكالهم وأصواتهم!

ونأتي إلى نقطة التميز الكبرى في ماسبيرو زمان، والتي تتمثل في الدراما، إذ كان هناك قطاع الإنتاج، الذي يعود الفضل له في انتاج الملاحم الدرامية، فمن يقدر على ذلك إلا إذا كان تلفزيون الدولة؟ ونظرة إلى مسلسلين يعرضا الآن على ماسبيرو زمان، سيتم الوقوف على حجم الانهيار الذي وصلنا اليه الآن!

فمسلسل “لن أعيش في جلباب أبي”، هو قصة احسان عبد القدوس، وكتب السيناريو له مصطفى محرم، والبطولة لنور الشريف، وعبلة كامل، وعبد الرحمن أبو زهرة، ومصطفى محرم، ومخلص البحيري!

أما مسلسل “ليلة القبض على فاطمة”، فإذا كانت المؤلفة من الوزن الخفيف، فان المخرج محمد فاضل، والمخرج المنفذ هو مجدي أبو عميرة، والبطولة لفردوس عبد الحميد، وفاروق الفيشاوي، وأمينة رزق، وممدوح عبد العليم!

وإذا كانت السلطة الحاكمة الآن قد وضعت يدها على الإنتاج الدرامي بالكامل، فلا كُتاب، ولا نصوص، ولا فنانون، ولا مخرجون، والمقارنة لا تجوز ابتداء، احتراماً لهذه القمم، وبعضها لا يزال على قيد الحياة، لكن الخبراء الأجانب – ممثلين في الوافدين على مجال الإنتاج الدرامي، من عساكر وخلافه – يعتقدون أنهم قادرون على أن يصنعوا البديل!

إن انهيار التلفزيون الرسمي ليس وليد اليوم، فقد بدأ في العشرين سنة الأخيرة في عهد مبارك، لكن أصحاب الخبرات المتراكمة فيه كانت لديهم القدرة على تغطية الفشل في حدود قدرتها على ذلك، وكانت الجريمة الكبرى، عندما تم التخلص من قطاع الإنتاج، لصالح المشروع الاستثماري مدينة الإنتاج الإعلامي، فشهدنا تفوق الدراما السورية، وكانت المنافسة الثانية مع الدراما التركية، لكن قامت الثورة، فلم تتمكن من الانتشار والذيوع!

بيد أن الضربة القاضية كانت بإعطاء نظام 3 يوليو/تموز ظهره تماماً لمبنى ماسبيرو، وإن استمر يفرض خياراته عليه، وهي خيارات فاشلة وباهتة، وقد ظن أن بإمكانه أن يصنع بديله، ورغم ما ينفق على الإعلام المملوك للأجهزة الأمنية، فقد فشل فشلاً ذريعاً، وأمامك قنوات “دي إم سي”، التي حرصوا أن تكون استوديوهاتها على أعلى مستوى، فولدت ميتة!

ولأنه فشل سلطة في الأساس، فلا يجوز أن يحاسب من يعملون في ماسبيرو على “المشاريب”!

فضيحة «بي بي سي»

لا أعرف مجدي عفيفي، ضيف “بي بي سي”، لكني أغبطه على هذه الشجاعة في المطالبة على الهواء بمستحقاته المتأخرة على القناة البريطانية، فكم من ضيف أكلت عليهم القناة مستحقاتهم وماطلتهم ومنعهم الحياء حتى من المطالبة بها؟!

منذ سفري للخارج بعد الانقلاب، لم أشارك على “بي بي سي”، لكني أعلم أن القناة لا تدفع للضيوف ومن القاهرة إلى إسطنبول، إلا إذا كنت محظوظاً وتم الاتصال بك من الإدارة في لندن، عندئذ كنت أسأل عن القاعدة في عملية دفع المكافآت، لأن هناك قنوات بالفعل لا تدفع للضيوف ولم يمنعنا هذا من المشاركة في برامجها، لتكون الإجابة هي دعك من القاعدة، ويكون هناك اعتذاراً رقيقاً بأن المسؤولة لم تكن موجودة في المرات السابقة، ومع أنه يتصادف وجودها هذه المرة فإنها تتجاهل ما سبق، وعلى أساس أن ما فات مات، لكي تتكرر التجربة من جديد، اعتماداً على أن الحياء يمنع من المطالبة!

واحد فقط هدد بتفجير الأمر على الهواء قبل الثورة، بينما يدلف إلى الأستوديو، وهو جهاد عودة، وتم احتواؤه وتسوية الأمر في وقت لاحق، لكن مجدي عفيفي فعلها، وارتج على المذيعة، وأنهت الاتصال سريعاً، وأصدرت القناة بياناً اعترفت فيه بالمشكلة، وطالبت أصحاب الحقوق على القناة الاتصال بها، وهو عبث جديد، لأن الأصل في الأشياء أن هذا مقيد لديها، أو من المفروض أن يكون، بما يكشف أنه تصرف للتغلب على الفضيحة التي علم بها القاصي والداني!

وزميلة شاركت معهم من إسطنبول عشرات المرات، وكلما طلبت بمستحقاتها طلبوا منها إرسال كشف بها، ثم لا حياة لمن تنادي، لتكون النتيجة هي التوقف عن استضافتها تماماً، وهو ما سيفعلونه مع مجدي عفيفي، كما فعلوه مع كل من طالب بمستحقاته على تواضعها.

وقبل أيام كتب أحد النشطاء السودانيين عن السر في استضافة “بي بي سي” لباحثين مصريين للكلام في الشأن السوداني، وظن أن الأمر مرده إلى عملهم في مركز الأهرام للدراسات، وعليه طالب بإنشاء مركز للأبحاث يمكن السودانيين من الحديث في الشأن المصري، فأيقنت أنه طيب القلب!

لقد تعرضت في هذه الزاوية لهذه الظاهرة قبل عشر سنوات، وأرجعتها إلى أن الضيف المصري مريح من حيث عدم مطالبته بمستحقاته، بدافع الخجل، فيطمع الذي في قلبه مرض، وتكون مناقشة حريق شب في أوغنداً، ومعنا الخبير في الشأن الإفريقي فلان الفلان من القاهرة!

السؤال، هل هي أزمة إدارة، أم تصرف موظفين؟!

أرض ـ جو

مع تقديمه لبرنامجين، أحدهما في قناة مصرية والآخر في “الحرة” الأمريكية، إلا أن إبراهيم عيسى يعاني أزمة انحسار الأضواء عنه، لهذا هو يأتي بكل عجيب من أجل لفت الانتباه اليه، فيهاجم النادي الأهلي، ويجعل من قضية صيدلي يقرأ القرآن في صيدليته جريمة نكراء، ويحتفي بمطربين عاهات، ويقف احتراما للفنانة منى زكي بعد دورها في الفيلم الذي أثار ضدها الرأي العام، وعلى قاعدة خالف تُعرف.

لقد انتهيت، فلا تحاول!

وسوم: العدد 966