الفصائل الفلسطينية ما بين العقم والإنفلونزا وانتهاء الصلاحية

الفصائل الفلسطينية

ما بين العقم والإنفلونزا وانتهاء الصلاحية

فؤاد الخفش

 لا تصيب الأمراض والعلل جسد الإنسان وحده بل تصيب الأحزاب والحركات أيضًا كلما تقدم بها العمر وكما مضت بها الأيام ومرت عليها السنون.

وهذا هو حال الأحزاب والحركات والمنظمات في كل مكان في العالم فمن الصدارة والقمة إلى الحضيض والاندثار وبين هذا وذاك علل وأمراض تفت بِعَضُد هذه الأحزاب والتجمعات والحركات.

في الحالة الفلسطينية الأمر مشابه لما تحدثنا عنه في البداية، فهناك أحزاب مصابة بالعقم السياسي غير قادرة على أن تقنع أعضائها وأفرادها بما تطرح ناهيك عن عدم قناعة الشارع بها ومع ذلك تحترف المزاودة والمناكفة يظن البعيد عن الواقع من جعجعتها أنها جيش جرار وهي ليس من ذلك في شيء.

تستمر هذه الأحزاب بطرح ما لديها دون أن يكون لها خطط مراجعة للذات وتقييم للمراحل. وتستمر في المكابرة وتطالب بالديمقراطية وهي لا تمارس أدنى مطالب الديمقراطية فأعضاء لجنتها المركز وأمناؤها العام باقون على عروش أحزابهم التي تلاشت وكأنها مملكة تسيطر على كل الدنيا.  

وحركات فلسطينية أخرى مصابة بعقدة وداء العظمة يعجبها ماضيها التليد وبطولاتها السابقة تتغنى بالمجد الماضي تعاني حالة انفصام كبيرة بين ما كانت عليه من ماض مشرف وسيطرة على كل شيء وبين واقع مختلف تماما عما انطلقت من أجله. لا تجد ما تقدمه للأعضاء الجدد تملك المال والإعلام ومحترفة بتلميع الأسود. لا أفق لديها ويحكمها جمع من المقاتلين القدامى الذين تقاعدوا مع الزمن لم تعد ولود تمنع الجيل الجديد من الصعود وبها جيش من المنتفعين، ولديها جيش من المخلصين يسيطر فيها المال وأصحاب القرار على كل شيء وهي تعاني من مرض الكبر دون أن يكون لديها جيل من الكفاءات الصغيرة .

وأحزاب أخرى تعيش على الصراعات ما بين الأحزاب الكبيرة لا تضيع موقف من المواقف إلا وتسجل موقف ضد هذا أو مع ذلك محترفة في إخراج التصريحات مشلولة في فرض الحلول، ومواقفها متباينة في الضفة لها موقف وفي غزة لها رأي وما بين هنا وهناك تحتار عناصرها.

وحركات أخرى متخبطة تعاني الأنفلونزا في مكان والعظمة في مكان آخر، وهي غير قادرة على تشخيص الواقع. ظهر لديها تضارب بالتصريحات ما بين داخل وخارج ، وفقدت جزء كبير من قياداتها التاريخية، أما جيل الشباب لديها مضغوط في مكان ومفتوح له في مكان آخر.

وتعاني منذ عقود الاستنزاف والاعتقالات والقتل، غير قادرة على التعايش مع الواقع الجديد، وثقتها بجزء من قادتها اختل واعتل، فقدت عنصر الدافعية الذي كان يحرك لديها كل شيء وتتمنى أن يعود مجدها والمجد لا يعود بالأماني.

 في جغرافيا ما أصبح لديها طبقتين بعد أن كان هناك ثلاثة طبقات طبقة النخب والصف الأول وهم قلة باتوا يخشون المواجهة وطبقة وسطى (شبه انتهت) الجيل الثاني استنزف بشكل هائل وكبير وباتت لديه الدافعية أقل وهو الذي كان يحرك الطبقة الثالثة الجيل الصغير الذي ما زال يملك الدافعية دون أن يجد من يوجهه بعد انخفاض الدافعية لدى الجيل الثاني والطبقة الأولى تخشى على نفسها من التواصل مع طبقة الشباب الصغير.

ومابين العقم والإنفلونزا لا يمكن أن نرى حزب سياسي أو حركة وطنية خرجت علينا في يوم من الأيام لكي تعترف أنها أخطأت في قرار ما بل الصواب المطلق حليف الجميع ولا أخطاء لدى العظماء.

لم يعهد الشارع الفلسطيني المسيس بغالبيته أن سمع الزعيم أو الرئيس أو الأمين العام يعتذر للشعب عن القرار الفلاني أو الموقف العلاني فالاعتذار صفات الضعفاء وفي فلسطين كل الأحزاب قوية فتية شابه لم يصبها المرض ولا العفن.  من أين لنا أن نأتي بأحزاب جديدة لا تحترف المزاودة وتعلن الاعتذار وسمات الشعب هي سمات قادتها ولطالما قلنا كما تكونوا يولى عليكم!

إصلاح الأحزاب لا يأتي إلا من الأفراد الأقوياء الذين يملكون عصا التغيير ويملكون القدرة لقول الحقيقة في وجه الجميع ويعلنون طرق وآليات جديدة تجبر قادة أحزابهم على التنحي وإكمال الطريق والمشوار برؤى جديدة وخطط شبابية.

لفلسطين وشباب المستقبل والتقدم والقوة الجرأة كتبت هذا المقال لا أقدح بأحد ولا أزاود على أحد ولكن أدعو الجميع أن يكونوا على قدر مسؤولياتهم فكما أن هناك مواد تنتهي صلاحيتها هناك أفراد تنتهي صلاحياتهم.