هامات رفيعة
لقد اختلف علماء الشعر في طول القصيدة وفي دلالته كليهما جميعا؛ فغَرِيتُ أن أجعل في ذلك مقالي "دلالة طول القصيدة"، الذي أجبتُ به دعوة أكاديمية الشعر العربي السعودية إلى مؤتمرها الدولي، ثم لم أنفض منه يدي حتى اصطفيت ثلاثة شعراء: قديما (أوس بن حجر: 620م)، ووسيطا (البهاء زهير: 1258م)، وحديثا (علي محمود طه: 1949م)، يجمع بينهم ما يفسر اختيارهم بلا اعتساف، ويفرق بينهم ما يضمن تكاملهم بلا تناسخ. وحلَّلتُ قصائدهم كلها أنماطا وأطوالا وأغراضا، ثم وازنت منها بين طُولَياتها، خروجا من تحت وطأة المعايير الثلاثة التي أنكرت التعويل عليها: البنائي (الذي تتصفُ فيه بالطول القصيدةُ التي تعددت موضوعاتها دون التي انفرد بها موضوع واحد)، والتاريخي (الذي تتصفُ فيه بالطول القصيدةُ التي تجاوزَت الحدَّ المُراعى على مر الزمان دون التي وازَتْهُ أو تخلفت عنه)، والعملي (الذي تتصفُ فيه بالطول القصيدةُ التي تستغرق قراءتُها جلَسات متعددة دون التي يُفرَغ منها في جلسة واحدة)!
ألا ما أقصر هذا المقال، وما أطوله!
لقد استطال عليَّ أولًا بما اقتضاني أن أتبينه من معالم الدواوين الثلاثة، ثم تفلت من بين أصابعي آخرًا بما اقتضاني أن أوجزه من شؤونها! نعم؛ ولكنه استحق بما استكن فيه من فرح بالحَراك الشعري العربي، أن يُعد خطوة تاسعة في سبيل التطبيق النصي العروضي!
وسوم: العدد 969