لقطات من معاناة معتقل -10-

تحت عنوان "من تدمر إلى هارفارد" كتب الدكتور براء السراج، الأستاذ في قسم زراعة الأعضاء في كلية الطب في شيكاغو، مذكراته عن مدة اثنتي عشرة سنة قضاها في تدمر. ونسجّل هنا بعض فقرات من مذكراته الغنية، في حلقات قصيرة متتابعة:

17 آذار 1988م:

إعدام عشرة أشخاص، منهم شخص من آل كعيد وآخر من آل هواش، ربما من حماة.

18 نيسان 1988م:

- كان ألم الأسنان يذهب ويجيء، وكان لي خراج في فكي الأيسر ناتئ. الألم كان مقترناً بألم والتهاب الجيوب الناتج عن الصفعات والكرابيج، مما أدّى لفقدي ضرسين كان على أصدقائي أقوياء القلب أن يساعدوني في قلعهما. الأسلوب بدائي وهو إزالة اللحم ما أمكن حول الضرس، ثم لفّ خيطان النايلو حول قاعدة الضرس، هذه الخيطان مجدولة إلى عصا خشبية، وكان على أحدهم تثبيت رأسي بينما يقوم قوي البنية بشدّ الحبل ليخرج الضرس مع بعض من عظم الفكّ.

- كنا في التنفّس، وكانت نوبة الرقيب المكسيكي، سمّيناه بذلك لشبهه بأهل المكسيك بشعره المطبق وشاربيه المحفوفين بعناية. كان ظالماً لا يرحم، وكانت صفعاته تثقب الآذان، ووقع أصابع يده على الوجوه كقضبان الحديد. سمعنا أنهم يدربون أصابعهم في أكياس الرز لتقويتها على الصفع، وكثيراً ما رأينا أحد الشرطة معصوب اليد نتيجة ضربٍ مبرح لنا من اليوم السابق.

27 تشرين الأول 1988م:

كان اسمي ضمن عشرات سيقوا هذا اليوم إلى المحكمة العسكرية. لم يكن هناك إعدام. جلسنا طويلاً على الأرض الإسمنتية الباردة، والأيدي وراء الظهور، والرأس مدفون بين خواصر من أمامي. كنتُ متشنجاً لساعات خوف الرفس على الخواصر إلى أن أتى دوري. يسوقني أحد الشرطة لأدخل غرفة صغيرة يجلس فيها رئيس السجن العقيد غازي الجهنة، وضابط أمن السجن المساعد محمد نعمة، والعقيد سليمان الخطيب الحاكم العسكري السابق، واللواء جودت حبيب الحاكم العسكري الحالي، وكاتب جالس جانباً. طلبوا مني ترداد تهمتي التي رتبها لي العقيد يحيى زيدان رئيس مخابرات حماة العسكرية بحماة. لم يكن لي خيار الإنكار. ربما دقيقة مرت وانتهت المحاكمة. لا أعلم نتيجة الحكم! أصبحتُ محكوماً كغيري من قدامى السجناء وعلي من الآن أن أجهز نفسي للإعدام كلما قُرئت أسماء في الباحة.

وسوم: العدد 978