رؤية شرعية، للقضية السورية

د. عامر البوسلامة

[email protected]

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه.

تمهيد:

عاشت سورية، في ظل هذا النظام المجرم، الذي أسسه الدكتاتور الفاسد، حافظ الأسد، من خلال توليه للسلطة، عام 1971م/ بعد انقلاب، قام به، على رفاق دربه.

ومن يوم ما تولى السلطة، شعر الغيورون من العلماء والمفكرين والساسة، من أبناء سورية، خطر هذا الرجل، وما سيجره حكمه على البلاد من ويل وثبور، وأن سورية دخلت في نفق مظلم، وصارت في عنق الزجاجة، وعلى كل المستويات، لما يعلمون من تاريخ الرجل، وما يحمل في جعبته من أجندات مدمرة.

تأكد هذا الأمر لما أعلن عن دستوره الخبيث، وما فيه من ألغام، وما في بطنه من شرور، وما في داخله من معاني الفكر المدمر، ومن مفرداتها الحرب على الفكر الذي، يمثل هوية الأمة.

وعلم الأحرار من أبناء سورية، أن هذا الدستور، يؤصل لمرحلة، غاية في الظلامية والسوء،وكان لا بد من وقفة صادقة، وموقف قوي، لتجاوز هذا الخطر القادم الماحق، فدخل الأحرار والعلماء، معركة سميت (معركة الدستور) والأحرار الذين اعترضوا على الدستور، كان مصيرهم السجن سنوات طوال، وعلى رأس هؤلاء الشيخ سعيد حوى – رحمه الله – وهكذا دخلت سورية بمرحلة جديدة، وطور لم يكن مألوفاً من قبل في تاريخها، بنظام الحزب الواحد، والإعلام الواحد، والتغييب للهوية، والتشكيل الطائفي، فكممت الأفواه، وانتشر الفساد، بمفهومه الشامل، وحبست الأنفاس، وتعطلت الحياة السياسية على أسس الحرية، وكان من نتائج ذلك، أن نهبت الثروة، وانتشر الظلم، وارتكبت مجازر، كمجزرة حماة عام 82م/ ، التي راح ضحيتها قريباً من أربعين ألف إنسان، مع هدم لثلث المدينة، على رؤوس ساكنيها، ومجزرة تدمر عام 80/، التي قتل فيها قريباً من ستمائة شاب، داخل السجن، في ليلة واحدة، وفتحت السجون للأحرار، وعلق كثير منهم على أعواد المشانق، خصوصاً بعد قانون العار رقم 49/ لعام 80/ الذي يقضي بإعدام كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

××××××××××××

انتهى عهد الدكتاتور المجرم السفاح، حافظ الأسد، وجاء دور ابنه بشار، الذي وصل إلى السلطة، بطريقة مضحكة، ورغم هذا تأمل بعض الناس خيراً، لعله يكون غير أبيه، وتكشف الحقيقة للشعب السوري، أنه مثل أبيه، بل أخبث، ومع هبوب الربيع العربي 2011/ أشعل فتيل الثورة، أطفال درعا، فنهض الشعب السوري – من خلال مظاهرات عارمة –في درعا، وكل المدن السورية، بأيد خاوية، ينادون سلمية سلمية، يطالبون بالإصلاح والتغيير، أمراً بالمعروف، ونهياً عن المنكر، وأفضل الجهاد، كلمة حق عند سلطان جائر، والأمة إذا لم تقل للظالم يا ظالم، فقد تودع منها.

وصدرت فتاوى العلماء وعلى رأسهم فضيلة الدكتور القرضاوي، بتأييد مطالب الشعب السوري، من منطلق ما ذكرنا.

وقد كتبت وقتها مقالة، بعنوان ( حكم الشرع في المظاهرات في سورية):

وهذا رابط المقالة لمن أراد الاستزادة.

http://www.islamsyria.com/consult.php?action=details&COID=261http://www.islamsyria.com/consult.php?action=details&COID=261http://www.islamsyria.com/consult.php?action=details&COID=261http://www.islamsyria.com/consult.php?action=details&COID=261

 الثورة والعمل العسكري:

الأصل في الثورة أنها سلمية، قامت تنادي بالإصلاح، لكن النظام المجرم، هو الذي قابلها بالحديد والنار، وبالانتقام من المتظاهرين، عن طريق شبيحته، وأجهزته المخابراتية، فأحرق الأخضر واليابس، وقتل الصغار والكبار والنساء، لم يستثن أحداً، بطرائق همجية، لا يعرف لها مثيل، ولم تسلم بيوت الله، ولا المصلين الآمنين، من جبروته وطغيانه.

فيصدر الاتحاد العالمي بيانه:

 يتابع الاتحاد بقلق بالغ وألم شديد ما يقوم به النظام السوري مع شعبه الثائر المطالب بحقوقه المشروعة من الحرية وحق اختيار من يمثله، ويلاحظ تصاعد وتيرة العنف بشكل مثير من قتل وتعذيب وسجن وإهانة واستهانة بإزهاق الأرواح بمختلف مناطق سورية، وانتهاك حرمات المساجد، والاعتداء على أئمتها...

والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أمام هذه الاعتداءات والانتهاكات لحقوق الإنسان وحرمة المساجد والعلماء يعلن ما يراه:

أولا: يدين الاتحاد بشدة ما يقوم به النظام السوري من جرائم القتل والتعذيب والإهانة، وانتهاك حرمات المساجد، ويستنكر بشدة انتهاك حرمة مسجد الشيخ عبد الكريم الرفاعي بدمشق، والاعتداء على العالم المربي الشيخ أسامة بن عبد الكريم الرفاعي وضربه في رأسه، ويده!!

إن الاتحاد ليتألم أن يصل تعامل النظام السوري إلى هذا المستوى من الوحشية والقمع، حتى لا تسلم منه المساجد بمآذنها، وحرمها، ولا يسلم منه العالم الذي يدعو له حتى الحيتان في البحر.

ثانيا: يحذر الاتحاد النظام السوري وينبهه بأن هذه الاعتداءات المتكررة، والدماء المسفوحة والانتهاكات لحرمة الإنسان، والمساجد تعتبر جرائم وحشية خطيرة في الإسلام وجرائم حرب، ونحن نقول بكل وضوح: إن هذه الجرائم تسلب عن الحاكم شرعيته، وتفقده بيعته – مع فرض وجودها – لأن مقاصد الشرع في بيعة ولي الأمر هي حماية الشعب ومقدساته، فإذا تحول إلى عكس ذلك فقدْ فَقَدَ الشرعية.

ثالثا: يطالب الاتحاد جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي أن تقف مع الشعوب المظلومة، وليس مع الظلمة القتلة، ويوجه الاتحاد نداءه إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أن يتعامل مع الشعب السوري مثلما كان يحب أن يتعامل مع الشعب المصري أثناء ثورته السلمية المباركة.

رابعا: يطالب الاتحاد المسلمين جميعا بالدعم المادي والمعنوي والتأييد للشعب السوري حتى ينتصر، ويحصل على جميع حقوقه.

خامسا: يناشد الاتحاد جميع منظمات المجتمع المدني في العالم الإسلامي، بل وفي العالم أجمع، والشرفاء إدانة الجرائم الوحشية ، وانتهاك الحرمات والمقدسات، ودعم الشعب السوري.

سادسا: وأخيرا يطالب الاتحاد النظام السوري بأن يستجيب لمطالب شعبه حماية لهذا الشعب وحفظا من تدويل هذه القضية وما يترتب على ذلك من مخاطر وآثار خطيرة على الجميع، وذلك من خلال آلية يرضى بها الشعب، ونحن في الاتحاد مستعدون للمساهمة في ذلك بكل ما لدينا.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون.

أ.د علي القره داغي                                            أ.د يوسف القرضاوي

الأمين العام                                                        رئيس الاتحاد

وهنا أفتى العلماء، بجواز حمل السلاح للدفاع عن النفس، والدفاع عن المتظاهرين سلمياً، وبهذه الحالة، زاد إجرام النظام، خصوصاً مع دخول الجيش إلى المدن.

تشكيل الجيش الحر: بعض أبناء الجيش، من الغيورين الأحرار، رفضوا إطلاق النار، على أهلهم، وانشقوا عن النظام، وأعلنوا التحاقهم بصفوف المتظاهرين، مطالبين بالحرية، ومن هذه النواة، تشكل الجيش الحر.

في هذه المرحلة، صار إسقاط النظام، واجباً شرعياً، ولا بد من العمل على هذه الفتوى التي أصدرها العلماء، كالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أو الهيئات والروابط العلمائية، في العالم كله.

وإسقاط النظام، يحتاج إلى سلة من الأعمال، وحزمة من المناهج، لذا كانت التشكيلات الثورية، وظهرت الكتائب، وبرزت الألوية، وولد المجلس الوطني، ومن بعده الائتلاف، وتشكلت الأركان، ونظمت الجمعيات والمؤسسات، وتبلورت منظومات العمل في الداخل والخارج.

××××××××××××××××××

في سورية نكبة كبيرة، ومصيبة عظيمة، وكارثة ضخمة، وقد أفتى العلماء بوجوب مساندة الشعب السوري، والتعاون معه، حتى يخرج من محنته، ويحقق مشروعه......قال تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى) وقال صلى الله عليه وسلم: [ المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ولا يخذله ] [ من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته].

وأفتى العلامة الشيخ القرضاوي، بدفع الزكاة لشعب سورية.

(دعا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي المسلمين إلى دفع أموال الزكاة والوصايا والأوقاف وفوائد البنوك لمساعدة الشعب السوري ودعم صموده في ثورته التي دخلت منذ أيام عامها الثاني، مبيّنًا أن الثوار هناك يمثلون مختلف مصارف الزكاة؛ فمنهم الفقير والمسكين والمجاهد في سبيل الله والغارم وعابر السبيل.

وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في خطبة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة "ادفعوا أموال الزكاة لهذا الشعب لأنهم يستحقونها، كذلك أموال الوصايا والأوقاف والأموال التي بها شبهة من فوائد البنوك وما شابهها، فأي مساعدة تُغطّي جزءاً من حاجتهم وتُعينهم على صمودهم".

وجدّد القرضاوي تأكيده أن هذا الشعب الصابر على جبروت بشار الأسد، وجيشه الظالم سوف يُكتب له النصر في النهاية، داعيًا إلى تقديم كل أشكال الدعم المالي والمادي له حتى يكتب الله له الخلاص.

دعا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي المسلمين إلى دفع أموال الزكاة والوصايا والأوقاف وفوائد البنوك لمساعدة الشعب السوري ودعم صموده في ثورته التي دخلت منذ أيام عامها الثاني، مبيّنًا أن الثوار هناك يمثلون مختلف مصارف الزكاة؛ فمنهم الفقير والمسكين والمجاهد في سبيل الله والغارم وعابر السبيل.

وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في خطبة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة "ادفعوا أموال الزكاة لهذا الشعب لأنهم يستحقونها، كذلك أموال الوصايا والأوقاف والأموال التي بها شبهة من فوائد البنوك وما شابهها، فأي مساعدة تُغطّي جزءاً من حاجتهم وتُعينهم على صمودهم".

وجدّد القرضاوي تأكيده أن هذا الشعب الصابر على جبروت بشار الأسد، وجيشه الظالم سوف يُكتب له النصر في النهاية، داعيًا إلى تقديم كل أشكال الدعم المالي والمادي له حتى يكتب الله له الخلاص).

لذا نقول: القضية السورية، قضية شعب، مظلوم، يجب الوقوف إلى جانبه، بكل المستطاع، وأفتى العلماء، بجواز دفع الزكاة لهم، وأمام هذا الخذلان العالمي، ننتظر دوراً أكبر من هذا الدور، لإخواننا العرب والمسلمين، وأحرار العالم، من خلال، ما يأتي:

جهد سياسي، مشرف، يقف إلى جانب الشعب السوري، يتبلور بمواقف قوية، مساندة للشعب، ومطالبة برحيل النظام.

 نطالب بمظاهرات عارمة، ووقفات احتجاجية، وإصدار بيانات، وجهد إعلامي مميز، في كل أنحاء العالم، تطالب بمناصرة الشعب السوري، وتقف إلى جانب مطالبه العادلة.

يجب دعم الجيش الحر، ومن في حكمه من الكتائب والثوار، حتى يتحقق مشروع الأمة السورية، المطالب بالعدل والحرية والكرامة وحقوق الإنسان.

 إغاثة الشعب السوري المنكوب، واجب شرعي، وضرورة إنسانية، وحاجة بشرية، وقيمة عالمية.

 وعلى العلماء، وهم ورثة الأنبياء، أن لا ينسوا دورهم، في دفع الأمة، نحو القيام بمساندة الشعب السوري.

ومن الفتاوى والبيانات، التي صدرت بهذا الشأن، فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في وجوب، مساندة الشعب السوري، ومناصرته.

-         وهذا نص الفتوى:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:

 فإن ما يجري في أرض الشام من أحداث دامية مؤلمة، من قتل للأنفس، وهدم للبيوت، وقصف للأحياء السكنية، وقتل للشيوخ والأطفال والنساء، وانتهاك الحرمات، واعتقال وتعذيب وإعدامات، يستلزم تجديد العهد لدعم هذا الشعب الأبي الصامد المظلوم، ودعم المبادرات الجادة لنصرته، وأمام هذا الواقع المرير الذي استمر سنتين، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يدعو ويؤكد على ما يلي:

أولا- يدعو الاتحادُ جميع المسلمين والعربَ، وشرفاء العالم، إلى إنقاد الشعب السوري المظلوم وأن يتحملوا مسؤولياتهم أمام ما يتعرض له من قتل ممنهج، وتشريد، وتدمير، وهتك للحرمات، وتخريب للديار، واستعمال للأسلحة الفتاكة، لإحداث أكبر قدر ممكن من الإيذاء والضرر بهم، من قبل النظام الظالم وأعوانه، (الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد). ولذلك يفتي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بوجوب نصرة هذا الشعب المظلوم، بكل الوسائل المتاحة للأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، الدالة على وجوب نصرة المظلومين، وحرمة نصرة الظالمين، بل حتى الركون إليهم{ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسّكُمْ النَّار وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ }]هود، 113[.