شيء عن الإئتلاف.. ومساره.. وأزمته..

عقاب يحيى

تكوّن الإئتلاف من ممثلين لكتل وتشكيلات سياسية مختلفة، بواقع واحد لكل منها، ومن عدد من الشخصيات الوطنية ـ تحت عنوان مستقلين ـ ومندوب واحد عن كل محافظة باسم المجالس المحلية، ف"كتلة المجلس الوطني" وامتنع ممثلي هيئة التنسيق، وعدد من الشخصيات في الداخل عن الحضور، وكان تمثيل المرأة هامشياً ..

ـ هناك إشكالية تأسيسية في بنية المعارضة، منحيث الفاعلية، وآثار سنوات الاستبداد فيها، والمحاور التي قامت، والتحالفات الهشّة لوضع اليد على الهيئات السياسية.. وقد تعامل المجلس الوطني ـ لفترة طويلة ـ بمنطق الضرّة ـ الباحثة عن أي ثغرة وأخطاء، ورفض الاندماج، والانتقال من تمثيل حزبي، أو تكتلي لتمثيل عام..

وبين مفردات النظام الأساسي المعبج بناء، وبين محاولات الإصلاح كانت الخلافات مفهومة، وجزءاً من عملية طبيعية يجب فهمها في إطار حق التباين..لكن على أساس تغليب المصلحة العامة على الخاصة ..

ـ في وثيقة الإئتلاف وردت مهام ثلاث اعتبرت مقوماته، ومبرراته :

توحيد العمل العسكري تحت قيادة سياسية ـ هي الإئتلاف .

تشكيل حكومة مؤقتة بوحي الاعتراف الكبير بها وتقديم الدعم لها .

تشكيل لجنة قانونية بهدف رئيس : استرداد الأموال السورية المحتجزة التابعة للنظام ورموزه..وفق حقن من وعود المساعدة في هذا المجال، وتقديم ملف تحويل رأس النظام وكبار الرموز لمحكمة العدل الدولية كمجرمي حرب، وإبادة.

ـ بناء على هذه المعطيات ناقشت الهيئة التنفيذية للكتلة الوطنية الديمقراطية أمر المشاركة حين وصلتها دعوة باسم رئيسها للمشاركة، وقررت الموافقة..

ـ لكن وبدلاً من الشروع بتوحيد العمل المسلح.. قامت قوى إقليمية بإنشاء هيئة الأركان ضمن حسابات خاصة بها، ولم يستشر الإئتلاف، ولم يشارك فيها ، وكان ذلك إسفيناً قوياً موجّه إليه.. وحكاية الأركان تحتاج لبحث خاص.

ـ وحين تغلب الوطني في الإئتلاف على المُراد منه، وعلا صوته.. توقفت وعود الدعم وترجمة التأييد، وأثر ذلك على فكرة قيام الحكومة المؤقتة، وجدواها، بينما تبيّن أن استرداد الأموال السورية المجمدة تحتاج إلى جسم شرعي معترف به من الأمم المتحدة، ناهيكم عن أمر تحويل رأس وكبار رموز النظام لمحكمة العدل الدولية لا يكون إلا عبر قرار من مجلس الأمن.. يعرقله فيتو روسي، وصيني..

*****

الزخم الشعبي الذي منح للإئتلاف راح يتبخر تدريجيا.. بفعل تراكب تلك العوامل ووقعها على أدائه، وضعف مأسسته، وصراعات الاتجاهات فيه، وهي طبيعية في ظروف عادية، لكنها تصبح مشلّة حين تتداخل مع بقية العوامل .

ـ في الهيئة السياسية التي انتخبها الإئتلاف..سابقاً ـ كان عدد من الأخوة شديدي الحماس لتوسعة محدودة باتجاهين : تعويض الذين لم يشاركوا بشبيههم من الاتجاهات السياسية، ورفع مستوى تمثيل المرأة إلى نحو 20 بالمائة.. وبناء على ذلك تدارست تلك الهيئة، وعلى مدار عدة اجتماعات عدداً كبيراً من الأسماء، واختارت منها 31 لتقديمها للهيئة العامة لإقرارها..وهنا جاء ما يعرف ب"قائمة الأستاذ ميشيل كيل" ال25.. والدخول في وضع تطور إلى تدخل وتداخلات عديدة.. كان من نتيجته رفع التوسعة إلى 51 جزء منهم "قائمة الأستاذ ميشيل"، ومندوب عمّا يعرف بالحراك الثوري عن كل محافظة، و15 عن هيئة الأركان، وجرى انتخاب الرئيس، وهيئة الرئاسة في ظروف خندقة قوية بين كل من السيدين : أحمد الجربا ومصطفى الصباغ، وما اعتبر جزءاً من الصراعات الإقليمية، وانتخابات الهيئة السياسية وسط حضور ضعيف وانسحابات كبيرة، ووسائل متعددة..فالصفقة التي عقدت مع المجلس الوطني الكردي ودخول 11 ممثلاً عنهم ...

ـ إثقال الإئتلاف بالكثير من الضغوطات، والمهام المتشعبة، وتطورات الميدان، والعمل المسلح، على قاعدة بنيته المتباينة، وضعف الاندماج فيه، والشللية التي تعضدّت وبرزت قوية : تقريباً وإبعاداً وتهميشاً وفق أسس غير موضوعية، وثقل جنيف والموقف منه.. أمام حجم التداخلات..أضعفت المأسسة، والالتفات إلى الإصلاح الداخلي انطلاقاً لمواجهة المهام، وتغلب الآني على المُبرمج، وكثرت واشتدت التباينات : الظاهر منها والمخفي..والحديث يطول..

*****

على الصعيد الذاتي.. لم اشارك بالإئتلاف بصفة فردية حتى تكون قراراتي وفق قناعاتي، بل مثلت الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية التي ناقشت أمر وجودنا وانسحابنا مراراً، ورغم توجيهها لانتقادات شاملة لبنية وأداء الإئتلاف، وتقديم وجهات نظرنا عبر ممثلها، أو في عديد الرسائل، إلا أنها آثرت التريّث في الانسحاب، انطلاقاً من القناعة أنه لا توجد أطر أخرى قائمة، وأن إيجادها ليس بالعملية السهلة، وأن الإئتلاف إطار عام يسمح لنا يتحديد وإعلان مواقفنا حين تخرج عن ثوابتنا، وما هو مقرر عندنا.. وكان ذلك حالنا في عديد القرارات، كالحكومة، والاتفاق مع الأكراد، والتوسعة بما آلت إليه.. وعديد من القضايا، بما فيها جنيف ورؤيتنا وموقفنا، ودعوتنا الدائمة إلى مؤتمر وطني جامع، وإلى وقفة نقدية شجاعة لما آلت إليه أوضاع الثورة والبلاد، ورفضنا لمن يتمسك بمقولة أن الإئتلاف الممثل الشرعي، لأن الاعتراف يجب أن يأتي من الداخل وليس من الدول الخارجية..

ـ ما زال موقفنا هو التريّث والذي تكرّس في اجتماع الأمانة العامة بدورتها الثالثة التي عقدت في استانبول بين السادس والثامن من هذا الشهر.. وما زلنا نحاول التوجه نحو الأمور الرئيسة.. وندعو الإئتلاف لمناقشة أوضاعه صمن دورة مفتوحة، وكذا أوضاع الثورة والبلاد.. عله ينجح في وضع خارطة طريق، وفي تجاوز الأزمات التي نواجهها في عموم الميادين والمجالات..