الشعوب الإسلامية تتحمل مسؤولية ضياع فلسطين ومقدساتها ولا عذر لها عند الله عز وجل ولا أمام التاريخ
لقد تأكد مرة أخرى مسبوقة بمرات عديدة أن الإدارة الأمريكية غير جادة فيما تدّعيه إداراتها المتعاقبة من سعي لإيجاد حل لقضية الشعب الفلسطيني المغتصبة أرضه والمسلمة من طرف الاحتلال البريطاني للصهاينة على طبق من ذهب كما سجل التاريخ ذلك دون أن تتابع بريطانيا ومن حالفها في هذه الجناية أمام العدالة الدولية ـ إن وجدت فعلا عدالة دولية في هذا العالم الذي يحكمه قانون الغاب ـ .ولا زال موقف الولايات المتحدة كما كان دائما داعما للاحتلال الصهيوني دعما غير مشروط ، ولا حدود له ، ولا زال الفيتو الأمريكي يشهر كلما اتخذ قرار في مجلس الأمن يدين ممارساته التي فاقت حدود كل وحشية عرفها التاريخ البشري.
ولقد جاءت زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة إلى منطقة الشرق الأوسط بدءا بأرض فلسطين المحتلة ليعبر لقادة الاحتلال الصهيوني عن مساندته غير المشروطة وغير المحدودة لهم معترفا بكيانهم اليهودي فوقها فقط دائم وعاصمتها مدينة القدس الموحدة ، ومتعهدا لهم بسعيه الحثيث لتمكينهم من تحقيق أمن لهم في منطقة الشرق الأوسط ، وفي سائر أقطار الوطن العربي وفق ما سمي صفقة القرن التي بموجبها يحصل الكيان المحتل على كل ما يريده دون أن يقدم في المقابل شيئا يذكر .
وبعد البدء بزيارة الكيان وطمأنته بالدعم الأمريكي المتزايد عسكريا واقتصاديا وسياسيا وهولا ينقص أبدا ،عرج على مقر السلطة الفلسطينية ليكرر مقولة حل الدولتين التي لازالت حبرا على ورق في معاهدات متعددة أكل عليها الدهر وشرب ، ولا زالت تلوكها الألسنة فقط بين الحين والآخر دون أن تظهر لها بوادر تنزيل في الواقع.
وبعد ذلك التوقف في مقر السلطة طار الرئيس الأمريكي إلى المملكة السعودية ليلتقي جمع قادة الخليج مع مصر والأردن ليتحدث عن كل شيء إلا عن حق الشعب الفلسطيني في حقه في الاستقلال والحرية مركزا على مصالحه ومصالح الكيان الصهيوني بالدرجة الأولى . وعوض أن ينصب الحديث على القضية الفلسطينية التي طالها التهميش الأمريكي خصوصا والغربي عموما والعالمي، انصب على خلاف الولايات المتحدة مع النظام الإيراني الذي لا يختلف ارتزاقه بالقضية الفلسطينية عن ارتزاق الغرب بها ، واتخذها ذريعة لصراع بين الطرفين أساسه تضارب المصالح ليس غير مع تسويق الأحلام السرابية للشعب الفلسطيني من هذا الطرف ومن ذاك والذي لا يوجد شعب في المعمور عاش ويعيش محنة كمحنته مع احتلال أطلق الغرب يده الباطشة ليفعل ما يشاء، كما يشاء، متى شاء دون أن تتجرأ جهة على مجرد إدانته بل صار من يدين ممارساته العنصرية ضد الشعب الفلسطيني يرمى ويحاسب بجريمة ما يسمى معاداة السامية مع أن الشعب الفلسطيني هو الآخر شعب سامي يضطهد ولا من يحاسب أو يجرّم مضطهده .
وبعد ما نفضت الأنظمة العربية يدها من القضية الفلسطينية بشكل لم يعد فيه شك، وهي أساسا قضية عقدية، فإن مسؤولية ضياع أرض فلسطين ومقدساتها تقع على الشعوب العربية ومعها الشعوب الإسلامية في كل المعمور ، وستحاسب عليها عند الله عز وجل وأمام التاريخ مع أنه لا ضياع لحق وراءه طالب ، ولا غالب إلا الله عز وجل .
وسوم: العدد 989