الرئيس الذي أقسم يمين الغموس أمام شعبه وغدر به منقلبا على المسار الديمقراطي
الرئيس الذي أقسم يمين الغموس أمام شعبه وغدر به منقلبا على المسار الديمقراطي لا يستغرب منه استقبال زعيم عصابة إجرامية
لم نستغرب من الرئيس التونسي ـ إذا صح أن ننعته بهذا النعت بعد انقلابه على المسار الديمقراطي ـ أن يستقبل زعيم عصابة البوليساريو الإجرامية ، وعليه ينطبق المثل العربي " الطيور على أشكالها تقع " الذي يضرب غالبا تعبيرا عن شبه الطالح للطالح ، ذلك أنه وصل إلى الرئاسة عبر صناديق الاقتراع الزجاجية في فترة ديمقراطية فتية ، وهي الأولى من نوعها في العالم العربي، فلما تمكن من كرسي الحكم اختار الانقلاب على المسار الديمقراطي بطريقة استهجنها الرأي العالم العالمي ، فجمّد في البداية البرلمان تمهيدا لحله بعد ذلك ، وألغى الدستور الذي اختاره الشعب التونسي ، وفرض عليه دستورا مطبوخا بديلا عنه ،والذي قاطع أكثر من ثلاثة أرباع الشعب ـ إذا صح خبر أن ربعا قد صوت لصالحه ، وعزل أكثر من خمسين قاضيا لم يسلسوا له القياد فيما أقدم عليه من خيانة القسم الذي أقسمه أمام الشعب بشهادة العالم ، ولفق لهم ولمعارضيه السياسيين تهما تراوحت بين الفساد ، والسطو على المال العام والتخطيط لقتله شخصيا ، والإرهاب ، والتخابر مع أعداء وهميين في الخارج... وهلم جرا ،وليس لديه مثقال ذرة من بينة أو دليل على شيء من ذلك بل كل ذلك من أجل أن يكرر أو يستنسخ ديكتاتورية الرئيسين الهالكين من قبله ، ويضع كل السلط تحت تصرفه ، ويعد المحاكم الصورية لكل من ينكر انقلابه الفاضح على المسار الديمقراطي .
والذي أقدم على كل هذه الخروقات الصارخة ،لا يستغرب منه أن يكون طائرا وقع على من يشاكله وهو زعيم عصابة إجرامية تحتجز مواطنين مغاربة كرهائن في أسوأ معتقل بمدينة تندوف لمدة تقرب من خمسة عقود ، وتشن حرب عصابات على الجيش المغربي طمعا في تقديم هدية للنظام الجزائري عبارة عن موطىء قدم في الصحراء المغربية المسترجعة من الاحتلال الإسباني عن طريق مسيرة شعبية مغربية تاريخية مشهودة .
وكما كانت عصابة البوليساريو من صنع النظام الجزائري الحقود الحسود في عهد الديكتاتور بومدين ومن ساروا على نهجه من بعده في الاستبداد بالشعب الجزائري طمعا في ممر إلى المحيط الأطلسي ، فإن أحدث ما صنعه هو رئيس دمية ضاقت به سبل الخروج بتونس من ضائقتها الاقتصادية ، وأزم الوضع فيها ما أقدم عليه من قرارات طائشة ومجهضة للمسار الديمقراطي حيث أغراه بما أغرى به عصابة البوليساريو من قبل طمعا في ممر إلى القطر الليبي لتمديد أزمته السياسية والارتزاق بها ، ونسف ما أنجز الفرقاء في مدينة الصخيرات من تذليل العقبات لاستقرار ليبيا بوساطة مغربية . والنظام الجزائري المارق ليس من مصلحته أن يستقر الوضع في المغرب العربي ، لهذا انفرد بالرئيس الدمية في تونس، واشتراه بمقدرات الشعب الجزائري ليركب ظهره من أجل إشاعة حالة عدم الاستقرار الذي يعد عاملا مهما في تنمية حقيقة من شأنها أن تجعل المغرب العربي رقما صعبا عند دول الجوار في الشمال والتي يوجد فيها من تخدم حالة عدم الاستقرار في منطقتنا مصالحه الاقتصادية ، ولا يستبعد أن يكون لبعضها يد خفية وراء القرار المتهور للرئيس الدمية في تونس باستضافة زعيم عصابة إجرامية وما يعنيه ذلك من تعمد الإساءة إلى الأخوة المغربية مع سبق الإسرار إرضاء لجنرالات فرنسا في الجزائر .
ولا شك أن انقلاب الرئيس الدمية على المسار الديمقراطي كان من إملاء بعض تلك الدول الماكرة ، وبتحريض من النظام الجزائري الطائش الذي له تجربتان منكرتان في الانقلاب على المسار الديمقراطي ، ومصادرة حرية الشعب الجزائري في اختيار من يحكمه برضاه، وليس رغما عنه ومخالفة لإرادته عن طريق سياسة القبضة الديكتاتورية الفولاذية . ولو كان للرئيس الدمية مثقال ذرة من ذكاء لتنكب مسار النظام الجزائري المستبد ،ولكنه باع نفسه رخيصا لهذا النظام الوبال على الشعب الجزائري، وعلى منطقة المغرب العربي .
ومن المعلوم أن زواج المصلحة بينهما نهايته سريعة ومفجعة لا محالة ، وهو إلى زوال بزوال المصلحة ، وهذا ما يعبر عنه المغاربة بمثلهم الشعبي : " سبعة أيام امتاع الباكور سريعا ما تزول " إشارة إلى بواكير شجرة التين . ومن أمثالهم الشعبية السائرة أيضا قولهم : " وقولهم أيضا : "لو كان الخوخ يداوي لداوى نفسه " إشارة إلى ما يكون في فاكهة الخوخ من دود ، وهو مثل ينطبق على النظام الجزائري الذي احتضن عصابة البوليساريو لما يقرب من خمسة عقود دون أن ينال شيئا من وحدة المغرب الترابية التي لا تزداد دولا العالم إلا اعترافا بشرعيتها في حين لا يجني هو إلا الثمار المرة جزاء كيده وتآمره على بلد شقيق وجار ، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله .
وبقي أن نقول للشعب التونسي الشقيق الذي نكن له المحبة الخالصة يكفيك دليلا على فساد من يحكمك استقباله لزعيم عصابة إجرامية، وبسط البساط الأحمر له في المطار، وهو مجرد حثالة ، والطيورعلى أشكالها تقع .
وسوم: العدد 995