الحريصون على التودد إلى فرنسا
على الحريصين على التودد إلى فرنسا أن يلتزموا ما اشترطه العاهل المغربي من وضوح موقفها من وحدتنا الترابية
ليس من المعقول، ولا من المقبول أن يمضي على استعادة المغرب سيادته على صحرائه المسترجعة التي كانت تحت الاحتلال الإسباني ما يزيد عن ستة عقود من الزمن وفرنسا التي كانت هي الأخرى تحتل أرضه ، وهي أعلم بمغربية صحرائه المسترجعة من احتلال جارتها الإسبانية، لا زالت فيما يسمى المنطقة الرمادية تعبيرا عن عدم وضوح موقفها من سيادتنا على صحرائنا لكونها تغلب مصالحها على حساب وحدتنا الترابية من خلال هذا الموقف الذي لم يعد المغرب يقبله ممن يريد علاقة طبيعية معه كما جاء في الخطاب الملكي السامي الذي حسم في أمر علاقات وطننيا مع غيره من الأوطان بشرط خروج كل من يقبعون في المنطقة الرمادية منها إن كانوا بالفعل جادين في علاقة جادة معه .
ومع وضوح موقف المغرب الذي يجمع المغاربة عليه قيادة وشعبا ، لا زال فينا من يحرصون كل الحرص على التودد إلى فرنسا محتلة أرضنا بالأمس من خلال عدة مواقف لا تساير الإرادة المجمع عليها بخصوص وضوح موقفها من وحدتنا الترابية . ومن هؤلاء من شق عليهم ألا يحصلوا على تأشيرة دخول إلى أراضيها خصوصا منهم من لا توجد لديهم ضرورة ملحة أو قاهرة إلى زيارتها ،علما بأنه توجد أقطار بدائل عنها في حال ما دعا الأمر إلى تلك الضرورات الملحة والقاهرة، لأن مسألة وحدتنا الترابية فوق كل اعتبار ، وليس من الوطنية في شيء أن يكون طلب التأشيرات من فرنسا أسبق أوأهم من طلب اعترافها بحقنا الشرعي في صحرائنا .
ومن صور التودد إلى فرنسا غياب الإرادة للشروع في التفكير الجاد بل التخطيط الجاد لفك كل ارتباطا معها ما دامت مصرة على البقاء في المنطقة الرمادية ، وعلى رأس ما يجب التفكير في فك ارتباطنا معها عدم اعتماد لغتها في التدريس بكل مؤسساتنا التربوية من الرياض إلى المعاهد العليا والتي هي الآن عندنا في حكم القدر المقدور الذي لا فكاك منه مع ما بين اللغة الفرنسية وغيرها من اللغات العالمية كالانجليزية على سبيل المثال لا الحصر من فرق شاسع من حيث كونها ناقلة لمختلف المعارف والعلوم ، ويشهد على ذلك واقع أبنائنا خلال بلوغهم مراحل تعليمهم العالي حيث يجدون أنفسهم مضطرين لتلقي العلوم والمعارف باللغة الانجليزية لمواكبة ركب التطور العلمي لدى الأمم الناطقة بها ، وكمثال حي على ذلك ما يقرره المختصون في مجال المعلوميات على سبيل المثال .
والذي يدعو المتشبثين إلى التمسك باعتماد اللغة الفرنسية لغة للتدريس عندنا أحد أمرين: إما الانخراط في مشروعها الفرنكوفوني الذي يهدف بالضرورة إلى تكريس استمرار الاحتلال الفكري في مستعمرات فرنسا السابقة وعلى رأسها الدول المغاربية أو العجز عن تعلم من يتحدثون الفرنسية لغات أخرى لأنهم في حال اعتماد التدريس بغيرها من اللغات ، سيكونون في حالة شرود أو على الهامش، لهذا يستميتون بقوة في الدفاع عنها ، وهم من المتوددين إلى فرنسا بالرغم من موقفها من وحدتنا الترابية ، وبالرغم مما تمارسه معنا من إهانات على غرار إهانة منع التأشيرات حتى على من يستجيبون لكل شروطها التعجيزية ،علما بأنهم لا يستردون شيئا من المبالغ المالية التي يدفعونها مقابل الحصول على التأشيرات والتي تشترطها فرنسا للحصول عليها ، وهو ما يعتبر اختلاسا وابتزازا مكشوفين .
ومن صور الاستلاب بالثقافة الفرنسية هو حرص بل إصرار بعض الآباء والأمهات وأولياء أمور المتعلمين على التحدث مع أبنائهم بالفرنسية ، وهؤلاء من الذين يعتبرون أنفسهم أرقى ثقافة من غيرهم ممن يتحدثون هم وأبناؤهم باللغة العربية الأم بل يعتبرونهم في حكم العوام والرعاع والسوقة ، وهؤلاء لا يخفون أحاديثهم مع أبنائهم بالفرنسية بل يباهون بذلك أمام غيرهم ، وينتظرون من هذا الغي أن ينظر إليهم نظرة انبهار و إعجاب دون أن يخطر لهم على بال أنهم لدى الرأي العام موضوع سخرية وتندر و استهزاء ، وأقل ما يقال عنهم أنهم يعتبرون أنفسهم فرنسيين دون أن يكون ذلك اعتبارهم عند فرنسا.
وقد يتكلف الواحد منهم العنت في التحدث باللغة الفرنسية في حضرة الفرنسيين دون مبالاة بما يجده من عنت ، وهو يتحدث معهم لغتهم بينما هم في ارتياح ، ولا يهمهم من أمر مشقته في مجاراتهم في طريقة نطقها بل إنه ليجاريهم حتى في نطق الكلمات والأسماء العربية لعجزهم عن نطقها بسبب عجمتهم ، وذلك حرصا على تقليدهم التقليد الأعمى المثير للسخرية والشفقة في نفس الوقت . وإننا لنسمع المذيعين المغاربة في قنواتنا الإعلامية وإذاعاتنا يفعلون ذلك أيضا لأنهم يرون على سبيل المثال في نطق الراء العربية غينا على طريقة الفرنسيين امتيازا بينما هو في الحقيقة لحن معيب في نطق الأسماء العربية، ذلك أن نطق اسم " رشيد " ليس هو " غشيد " ولا نطق اسم " علي " هو " ألي " ، ولا نطق اسم " يحيى " هو " ييى " ، ولا نطق اسم " محمد " هو " مؤمد " .... إلى آخر ذلك مما يلحن فيه مغاربتنا من الأسماء تقليدا للفرنسيين لعجمتهم هؤلاء في نطق حروف لغة الضاد خوفا من أن يقدح ذلك في إجادتهم تقليد الفرنسية في نطق لغتهم في حضرةالفرنسيين .
ومما يثير السخرية عند هؤلاء أيضا أنهم يسألون في الغالب من يتحدث معهم باللغة العربية وهم يحدثونه بالفرنسية عمّا يقابل ما ينطقون به من كلمات بالفرنسية بالعربية ، ويتظاهرون بالأسف الكاذب لجهلهم بها، كأنهم في الأصل فرنسيون وليسوا مغاربة .
لهؤلاء ولكل متودد إلى فرنسا، نقول كفاكم انبطاحا ، واستلابا ، وكفاكم ما تمارسه فرنسا اليوم عليكم من إذلال .
وسوم: العدد 1000