أيّها الجزائري.. لاتتّهم الجزائر بما ليس فيها
حضرت عرس أحد الأصدقاء منذ أسبوعين، ونحن أربعة نتقاسم مائدة الوليمة، والتي ضمّت: أستاذ جامعي، وطبيب، وطبيب جزائري يعمل بفرنسا، وصاحب هذه الأسطر.
قلت للطبيب الجزائر المقيم بفرنسا: في نظرك أيّهما كان أفضل، فرنسا أم الجزائر من حيث تسيير أزمة كورونا. ودون التطرّق للمسائل الطبيبة الدقيقة، التي لاأتدخل فيها لأنّي لست الطبيب المختص؟
أجاب الطبيب الجزائري المقيم في فرنسا، بسرعة ودون تردد: بكلّ تأكيد فرنسا هي الأفضل !
أطلب منه المزيد.
يجيب بافتخار: تعمدت الجزائر إخفاء الأرقام الحقيقية عن الجزائريين !
أطلب للمرّة الثّانية المزيد.
يجيب للمرّة الثّانية، وبافتخار أشدّ من الأوّل: عدد الموتى في الجزائر كان كبيرا جدّا، ومفزعا، وتعمّدت الجزائر أن تخفي هذه الأرقام المرعبة، حتّى تتجنب غضب الجزائريين. ثمّ يضيف: الجزائر فشلت فشلا ذريعا في هذه النقطة بالذات، والمتمثّلة في إخفاء حقيقة عدد الموتى جرّاء أزمة كورونا.
تدخلت، وقلت: الأرقام قدّمها طبيب موثوق به، إلى لجنة طبية بلدية وولائية موثوق فيها، ثمّ قدّمت إلى لجنة وطنية طبيبة، تضم أفضل أطباء الجزائر والعالم.
ثمّ أضفت: قولك أنّ الجزائر أخفت حقيقة أرقام الموتى، يعتبر اتّهاما صريحا لأطباء الجزائر، بالكذب والزور والبهتان، وهذا مالاأرضاه لك وأنت الطبيب، ولا أرضاه لأطباء الجزائر.
تدخل من جديد: اللّجنة لاتضم الأطباء فقط، بل تضم قطاعات أخرى، والطبيب فرد من أفرادها.
أجيب مرّة أخرى: كلّ الدول العظمى، ضمّت لجان متعدّدة التخصصات، ومن قطاعات متعدّدة، لأنّ أزمة كورونا مسّت الوطن، والعالم أجمع، وكلّ القطاعات ودون استثناء. فلزم إذن تسيير الأزمة من طرف كلّ القطاعات وعلى رأسها الطبيب، حيث لايقطع أمر دونه.
اتّجهت بعدها إلى الأساتذة الذين يقاسمونني مائدة العشاء، وقلت للجميع: نحن أربعة، ولكلّ منّا عائلة، وأقارب، وجيران، وأحباب. وأسألكم: كم عدد الذين ماتوا من عائلاتنا، وأقاربنا، وجيراننا، وأحبابنا؟.
أجاب الجميع وبصوت واحد، ومنهم الطبيب الجزائري المقيم في فرنسا: الحمد لله، لم يمت أحد.
قلت: أيعقل، أنّه لم يمت أحد -أو مات واحد -، ويقال بعدها أن الجزائر أخفت أعداد الموتى. فأين هي إذن هذه الأرقام الرهيبة المفزعة، التي تحدّث عنها الطبيب الجزائرييالمقيم في فرنسا؟.
أضفت: لو كان عدد الموتى كما قال الطبيب الجزائري المقيم في فرنسا، لما حضرنا هذا العرس، ولما أقيم من هول عدد الموتى في كلّ عائلة من عائلاتنا، وعبر أقاربنا وجيراننا، وأحبابنا، وعائلات وأقارب وجيران وأحباب كلّ من حضر العرس. مايدلّ على أنّ ماقاله الطبيب الجزائري المقيم بفرنسا، بشأن إخفاء الجزائر لأعداد الموتى، كذب وزور وبهتان في حقّ الجزائر، وأطباء الجزائر، والمجتمع الجزائري.
انتقدنا، وما زلنا، ونظلّ ننتقد سلوكات الجزائريين ودون استثناء، ومن حقّ الجزائري في الداخل أو الخارج أن ينتقد الجزائريين، ومن حقّ إخواننا العرب والمسلمين أن ينتقدوا الجزائريين. لكن دون الكذب، والزور، والبهتان.
شهادة الزور، والكذب، والبهتان حين تصدر من جزائري في حقّ الجزائر فإنّها خيانة، وجريمة، ومن عمل الحركى الخونة.
الطبيب ليس من غايات المقال، وتمّ ذكره كمثال تتطلّبه المقام، والمقال ينطبق على الجميع ودون استثناء.
حفظ الله الجزائر، والجزائريين، وأسيادنا أطباء الجزائر في الجزائر وخارج الجزائر، لما يقومون به من عمل عظيم جليل، والعرب، والمسلمين.
وسوم: العدد 1004