العوامل الإقتصادية والإعلامية والحرية لغزوة أحد من خلال كتاب نور اليقين 16
أهمية العامل التجاري: في غزوة أحد
قال الكاتب: "لما أصاب قريشا ماأصابها ببدر وأغلقت في وجوههم طرق التجارة اجتمع من بقي من أشرافهم إلى أبي سفيان رئيس تلك العير التي جلبت عليهم المصائب... فقالوا: إنّ محمدا قد وترنا وقتل خيارنا وإنا رضينا أن نترك ربح أموالنا فيها استعدادا لحرب محمد وأصحابه". 133
أقول: غزوة أحد هي امتداد لغزوة بدر من خلال أهمية العامل التجاري والاقتصادي، باعتبارهما يشتركان في عنصر واحد، وهو التجارة.
سعى المسلمون للاستيلاء على تجارة قريش ولم يفلحوا، كما حدث في غزوة بدر، ولعدّة مرّات. وسعت قريش للبحث عن طرق تجارة جديدة في كلّ مرّة، فلم تفلح بسبب تضييق المسلمين على طرق التجارة.
القافلة التي نجت في غزوة بدر، هي التي استعملتها قريش لمحاربة المسلمين، كوسيلة من وسائل الحرب على أمل أن تنتصر، وتفتح أمام قريش من جديد أبواب التجارة.
إذن، استعملت قريش أرباح قافلة قريش التجارية التي نجت في غزوة بدر لخوض حرب ثانية وهي غزوة أحد. مايدلّ على أهمية العامل التجاري في السّلم والحرب، وأنّ الدين -بمفهوم قريش-، والمكانة، والهيبة تبع للتجارة.
هذه هي الأسباب الجوهرية لخوض قريش غزوة أحد، وما عداها -حسب قراءاتي-، تبع لها، وامتداد لها.
قريش تقود التحالف الدولي ضدّ المسلمين في غزوة أحد:
تحدّث الكاتب عن الأعداء الذين شاركوا مع قريش ضدّ المسلمين، وهم: "ثلاثة آلاف رجل من قريش ومعهم أبو عامر الراهب الأوسي وكان قد فارق المدينة كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وممن هم على شاكلته وجماعات من أعراب كنانة وتبامة وأبي عزة الشاعر الذي من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر وأطلق سراحه من غير فداء". 133
أقول: شهدت غزوة أحد تحالف دولي يضم قوّة متعدّدة الجنسيات -بالتعبير المعاصر-، ضدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجيش المسلمين. ومن هنا كانت خطورة غزوة أحد.
من جهة ثانية، أدركت قريش أنّها لاتستطيع مواجهة المسلمين بمفردها، فاستعانت بحلفائها، والحاقدين، والشاعر أبي عزة ضدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمسلمين، والرامي وحشي. مايدلّ على أنّها عاجزة عن مواجهة المسلمين بمفردها.
اسغلال قريش والمسلمين للشاعر في الدعاية، والدعاية المضادة:
ظلّت قريش تحرّض الشاعر أبي عزّة، ضدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وفعلا خان العهد، ووقف مع قريش ضدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي "منّ عليه ببدر وأطلقه من غير فداء. قائلا له: إنك رجل شاعر فأعنا بلسانك".
يفهم من هذا، أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أطلق الشاعر في غزوة بدر، وحثّه على أن يكون بلسانه مع المسلمين ضدّ قريش. وقريش ظلّت تحرّض الشاعر إلى أن يقف معها في غزوة أحد ضدّ المسلمين، ومتنكّرا لفضل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليه.
تدلّ هذه الحادثة على أهمية وسائل الإعلام، ودور الدعاية والدعاية المضادة -بالتّعبير المعاصر- في خوض الحروب، ونجاحها، وفي هزيمة العدو، ورفع المعنويات، وبثّ اليأس لدى العدو. وما زالت قائمة، وستظلّ قائمة مهما تغيّرت الوسائل والأهداف.
أهمية عامل الحرية من خلال وحشي رحمة الله عليه:
قال الكاتب: "ودعا جبير بن مطعم غلاما حبشيا له اسمه وحشي، وكان راميا قلما يخطئ، فقال له اخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة بعمي طعيمة فأنت حر". 134
أقول: يفهم من هذا أنّ سيّدنا حمزة بن عبد المطلب، رحمة الله ورضوان الله عليه، لم يقتله وحشي رحمة الله عليه، بطلب من هند بنت أبي سفيان رحمة الله عليهما، كما هو الشّائع، إنّما قتله بطلب من جبير بن مطعم.
ويفهم أيضا، دور الحرية وأهميتها. فوحشي ارتكب أكبر جريمة وهي القتل لأجل الحرية، وقريش تنازلت عن العبد ومنحته حريته، لأجل أن يرتكب جريمة القتل. فهذا يريد حرية ولو بالقتل، والآخر يتنازل عن حرية عبد لأجل القتل..
وسوم: العدد 1006