ما جدوى أن يطلع علينا بين الحين والآخر مسؤولون غربيون سابقون بالكشف عما ارتكبه الغرب من جرائم في حقنا ؟؟؟

بالأمس توصلت من أحد الإخوة الأفاضل بفيديو لسفير بريطاني سابق يتحدث فيه عما ارتكبه بلده مع بلدان غربية أخرى من جرائم في حق العرب كما كان الشأن في العراق الذي تم غزوه، وتدميره بذريعة امتلاك الرئيس الراحل صدام حسين أسلحة دمار شامل ، وقد كان هذا السفير يزاول يومئذ عمله، وكان قريبا من مراكز صنع القرار، على علم مسبق بوثائق تكشف  عن هذه الذريعة  الكاذبة ،  وعن  ذريعة مماثلة هي  محاربة الإرهاب لغزو أفغانستان  والحقيقة أن الغزوان معا كان بغرض السطو على مقدرات البلدين المغزوين كما أقر بذلك  هذا السفير وقد أشار إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق هو من نصب  كرزاي  رئيسا على الشعب الأفغاني وقد كان من قبل  يدير أشغال شركته .

وأنا أتابع ما صرح به  ذلك السفير في ذلك الفيديو تساءلت وماذا بعد تصريحه ؟ وما جدوى ذلك ، وقد وقع ما وقع ؟ فهل سيفتح ملف غزو العراق وأفغانستان ،  و ملف إشعال الحروب الأهلية في اليمن وليبيا ، وملف الإجهاز على التجارب الديمقراطية في مصر وتونس ... ؟ وهل سيعاقب الغزاة عن غزوهم  ؟ وهل سيردون ما سطوا عليه من مقدرات  ؟ وهل ستقام العدالة في هذا العالم ؟ وهل سيسترد العرب والمسلمون حقوقهم كاملة غير منقوصة ؟

والجواب عن هذه الأسئلة بطبيعة الحال  معروف وواضح هوعبارة " هيهات " تتبعها عبارة " ما أشبه اليوم بالأمس " لأن مسؤولين  غربيين آخرين لا زالوا يمارسون مهامهم في البلاد الغربية يعلمون جيدا ما يوجد في التقارير التي تتضمن المؤامرات المتتالية على شعوب البلاد العربية والإسلامية ، ولكنهم ساكتون شكوت الشياطين الخرس حتى إذا ما أنهوا مهامهم  أو سرحوا منها طلعوا علينا في فيديوهات بتصريحات يكشفون فيها عما خبأته تلك التقارير ، وهم يظنون أنهم يقدمون لنا بذلك خدمة ، وأنهم أصحاب ضمائر حية يستحقونعبارة " لايك "  ويستحقون الشكر والثناء مع أنهم كانوا على علم بالإجرام و لكنهم لم يكشفوا عنه في حينه ليسجل ذلك لهم ، أما الكشف عنه بعد فوات الأوان، فهو اعتراف منهم بالمشاركة فيه، وهم يستحقون بذلك الإدانة  بل والمحاكمة بموجب القانون الذي يدين التستر على إجرام  المجرمين ، ويعتبر المتسترعليه  طرفا  مساهما فيه .

و ما أشبه اليوم بالأمس  حيث تم تنزيل  وتفعيل تقارير حررت  سلفا قبل انطلاق مباريات كأس العالم  وهي تستهدف دولة قطر بنفس الطريقة الخبيثة التي استهدف بها العراق وأفغانستان وغيرهما  مع اختلاف  في الذرائع حيث انبرت البلاد الغربية  لانتقاد دولة قطر بعدما بذلت هذه الأخيرة  كل ما في وسعها من جهد لإرضائها ، وأنفقت مبلغا خياليا من أجل أن تتمتع شعوبها  بالفرجة الممتعة  ، وبالإقامة المريحة ، وقد انصب نقدها  لقطرعلى ذرائع  واهية لا تختلف عما اعتادت اختلاقه حيث أشيع عن قطر أنها لا تحترم حقوق الإنسان ، وأنه قد هلك عمال كثيرون في بناء الملاعب والمرافق التي أعدت للمونديال دون حصول ذوي الحقوق على حقوقهم .

وفضلا عن ذلك  ابتذلت الدول الغربية حقوق الإنسان إلى درجة غير مسبوقة  حين جعلت موضوع الشواذ جنسيا ضمن تلك الحقوق استهتارا بهذه الأخيرة حيث سوت بين المحرومين من الحرية ومن العيش الكريم في المعمور وبين منحرفين أخلاقيا يمارسون أشنع وأبشع جريمة مهينة للكرامة البشرية ، وماذا يبقي الشواذ جنسيا لهذه الكرامة  بسلوك المشين الذي تأنف منه الحيوانات ؟  فأي حق هذا الذي تقيم الدول الغربية عليه الدنيا ولا تقعدها ؟  إنه لمن العار أن يسمى فعل الشواذ جنسيا حقا من حقوق الإنسان ، فذلك احتقار للإنسان  ، ومع ذلك تحيط به هالة إعلامية غربية  إلى درجة أن الواصفين الرياضيين يخصصون له من أوقات الوصف الرياضي  حيزا مهما كي يصرفوا الأنظار عن المقابلات الرياضية إلى موضوع قذارة مثيرة للغثيان  .

أما مواضيع حقوق الإنسان الحقيقية، فلا وجود لها في برنامج الغرب الذي يصم آذاننا بادعائه الدفاع عنها ، فأين هو حق الشعب الفلسطيني في استقلاله فوق أرضه المغتصبة ؟ وأين هو حق المسلمين في حياة كريمة في ميانمار، والصين ،والهند  وغيرها  ؟ وأين هو حق  اللاجئين في الدول الغربية التي يفصل فيها الصغار عن آبائهم وأمهاتهم بذرائع واهية من جنس ذريعة أسلحة الدمار الشامل في العراق ، ومن جنس ذريعة محاربة الإرهاب في أفغانستان، وهو ما كذبه السفير البريطاني بعد فوات ألأوان ، وسيأتي حتما بعده من يكذب ذريعة حرمان أبناء العرب والمسلمين من أحضان آبائهم وأمهاتهم وتسليمهم إلى الشواذ جنسيا بمقابل وأجر  ليربوا على طريقتهم في الشذوذ ، وليستغلوا جنسيا ؟؟؟

وأخيرا نقول لبعض بني جلدتنا ممن يطربهم ما يطلع به علينا بين الحين والآخر مسؤولون غربيون بعد إنهاء خدمتهم من تصريحات تفضح جرائم  بلدانهم في حقنا كفانا غفلة ونحن أمة شعار : " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين "، واعلموا أن كل يوم يمر بنا تحرر فيه تقارير في بلاد الغرب الظالم تطبخ فيها الذرائع الكاذبة لإلحاق الأذى بنا ، ونحن  مع ذلك  نثق بها الثقة العمياء ، ونتطلع إلى أن يصبح  حالنا كحالها وبئس الحال ،وساء مصيرا .

وسوم: العدد 1008