هل يستمر صمت المقاومة في غزة على جرائم الاحتلال في الضفة؟
أحد اهم استراتيجيات الاحتلال في المواجهة مع الفلسطينيين هو تفتيت وحدتهم الجغرافية والسياسية وتمكنت للأسف دولة الاحتلال من فعل ذلك واستمرت على مدار خمسة عشر عاما ومازالت، باءت كل محاولات الفلسطينيين والدول الشقيقة بالفشل ومازالت جهود الجزائر مستمرة لدفع الفلسطينيين للبدء بالخطوة الاولي لاستعادة وحدتهم ذلك بعد أكثر من شهر ونصف على اعلان وثيقة الجزائر للمصالحة الفلسطينية. كان تركيز دولة الاحتلال بعد حرب 2021 "معركة سيف القدس "على تحييد قطاع غزة عن ما يجري في الضفة الغربية وكأنها تحضر لشيء ما قادم , اقصد المرحلة الحالية والتي تعتبر ومن اخطر مراحل المواجهة بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية والتي تحاول فيها دولة الاحتلال بكل الأساليب الأمنية والعسكرية والدسائس ان تصفي المقاومة في الضفة دون ان تتدخل المقاومة في غزة او يكون للمقاومة في غزة أية ردة فعل عسكرية على ما يجري هناك وكان الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وغزة لا تربطهم أي روابط سياسية واجتماعية وعادات وتقاليد ودم وهوية واحدة.
أحد اهم تقييمات منظومة البحث الاستراتيجي في دولة الاحتلال تفيد بان الهدوء الحاصل في غزة الان لم يكن في السابق وان الواقع المستقر في غزة سببه تقديم تسهيلات كبيرة لغزة أهمها تصاريح لألاف العمال ليعملوا داخل الخط الأخضر واعتبر ان حماس تخشى اليوم من فقدان الكثير من التسهيلات إذا ما سمحت لبعض التنظيمات بكسر الصمت وارسال صواريخها للمدن الإسرائيلية كرد على استمرار اغتيال دولة الاحتلال قادة العمل الفدائي في الضفة الغربية , قد تكون هذه الاعتبارات في مراحلة ما صحيحة لكنها لن تكون صالحة الي الابد ولا يمكن ان تتماشي مع حالة الخطوط الحمر في التصعيد وخاصة الاعتداء على الأقصى ومحاولة تقسيمة مكانيا والاستمرار بالدفع بمئات المستوطنين لتدنيس باحاته حتي لو اتبعت دولة الاحتلال سيناريوهات التدرج في تنفيذ هذا المخطط كسياسة ليعتاد الفلسطينيين عليها ويتعايشون مع هذه الجرائم ويتقبلوا الاحتلال وبالتالي تتخدر حميتهم وينسوا شيئا اسمه تحرر وطني وقدس ودولة وهذا يستحيل ان يتحقق يوما من الأيام.
الواضح ان هناك خطوط حمراء ترسمها المقاومة دائما لاي اعتداء علي أبناء شعبنا ولديها تكتيكات معينة في ردات الفعل وحتي انها تدرك ان المواجهة مسالة وقت وهنا نقول ان توقيت هذه المواجهة وشكلها وامتدادها محكوم بمدي توحش الاحتلال الصهيوني علي أبناء شعبنا في الضفة الغربية والقدس , نعم قد لا يكون من المحبذ البدء بردات فعل على ما يجري برشقات صاروخية على المدن الإسرائيلية وهذا يرضي الكثيرين من أبناء شعبنا الا انه باعتقادي ان المقاومة تدرك انها لو فعلت ذلك الان لاطفئت المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية لأنها تريد ان تتصاعد هذه المقاومة الي ابعد مدي. الجانب المعقد في هذا الامران المقاومة في غزة لا تستطع غض البصر وتصمت علي جرائم الاحتلال الي الابد لان هذا يعني ان الاحتلال حقق معادلة تحييد قطاع غزة عن ما يجري بالضفة الغربية والقدس , ومع تصاعد الهجمة علي أبناء الشعب الفلسطيني فان المقاومة في غزة قد يكون لديها خيار اخر غير الدخول على خط المواجهة مع الضفة الغربية بتنفيذ بعض العمليات النوعية اما على الحدود او في أماكن اشتباك اخري دون الحاجة لاستخدام الصواريخ وهذه العمليات أيضا محكومة بوقت ومرحلة معينة ولها محاذير بانها قد تفتح الباب لردات فعل من قبل دولة الاحتلال تجر لمواجهة شاملة.
قد لا تنجح ضغوطات الوسطاء المصرين والقطرين في المستقبل للإلزام غزة بالصمت وعدم الدخول في أي ردات فعل مهما حدث بالضفة لكن اشك في ان تنجح هذه الضغوطات في ضبط أعصاب رجال المقاومة من الفصائل الأخرى والالتزام بتعليمات حركة حماس فقد تتمرد بعض التنظيمات على هذه السياسة وتوجه ضربات صاروخية معينة في حال ما تعلق الامر بالقدس او وسعت قوات الاحتلال رقعة الاغتيالات والاعدامات ما يستوجب ردة فعل من غزة لسببين الأول لتفادي انتقادات واسعة من قبل الفلسطينيين والحفاظ على الحاضنة الشعبية لهذه التنظيمات التي بدأت تكبر وتوجد لها قواعد عمل في الضفة وتوحد ازرع مقاومتها مع غزة, والثاني لتفهم دولة الاحتلال من خلال ذلك ان المقاومة الفلسطينية هذه جبهة واحدة أينما وجدت لا يمكن باي شكل من الاشكال تحيد ازرع منها او استهداف ازرع اخري .انا اعتقد ان الوسطاء اذا ما كانوا معنيين بنزع فتيل الاشتعال الكبير وحدوث مواجهة كبيرة فان المطلوب منهم ممارسة زات الضغط على المستوي السياسي لدولة الاحتلال لتهدئة حالة التصعيد باتجاه الفلسطينيين في الضفة والقدس ووقف استهداف المدن الفلسطينية واجتياحها بالليل والنهار مع التأكيد علي ان أي تغيير في الوضع الراهن بالمسجد الأقصى سيشعل المنطقة باسرها ويفجر انتفاضة تختلف في شكلها وادواتها وزمنها عن الانتفاضتين الاولي والثانية.
الامر جد معقد في غزة واتخاذ قرار الرد علي جرائم الاحتلال في الضفة الغربية ليس سهلا والبقاء في مربع التجاهل امر غير مقبول أيضاً ومشاغلة العدو عبر تكتيكات اعلامية لن ينفع ولن يحدث تغير في معادلة الهجوم علي المقاومة الفلسطينية ووقف مخططات تصفيتها بل وتصفية الهوية الفلسطينية بعد ذلك حتي ان هناك خشية ان تدور الدائرة علي المقاومة في غزة اذا ما قضت دولة الاحتلال على المقاومة في الضفة الغربية ,عندها لن ينفع الصمت لان الاحتلال لا يؤتمن ولا ضمانات لعدم استهداف غزة لاي سبب كان .اما من ناحية استراتيجية فانا اعتقد ان الرد علي ما يجري في الضفة الغربية من تنفيذ مخططات تغير المشهد والوضع القائم في الضفة والقدس امر ضروري ولابد منه بغض النظر عن أي حسابات غير استراتيجية لان المقاومة وجدت لتدافع عن بندقيتها واستمرار الاشتباك مع المحتل من الثوابت طالما استمر الاحتلال واستمرت جرائمه ,وطالما بقيت القدس محتلة والأقصى مدنس من قبل المستوطنين المتطرفين ,لذا فأن الدفاع عن القدس والهوية الفلسطينية امر لا يخضع لاي حسابات .
وسوم: العدد 1010