ادنوا بخير أو دعوا

مجلس النواب الأمريكي...

يصوت بالاجماع على مشروع قانون الانفاق الدفاعي العام للعام 2023 بميزانية قدرها 858 مليار دولار

يُعتمد القانون بعد إقراره من مجلس الشيوخ ، ويصبح على طاولة البيت الأبيض...

والذي يهمنا - نحن السوريين جميعا - أنه في حزمة القرارات التي يتشكل منها هذا القانون العام :

قرار ينص على اعتبار بشار الأسد باسمه ووصفه مصنّعا وممولا ومروجا للمخدرات في العالم. وأنه يعتبر خطرا على الإنسانية جمعاء. وهي تهمة جنائية بحتة و مستقلة ، وتعطي الحق للإدارة الأمريكية في ملاحقته ومحاسبته...

وعلى ضوء الإقرار الأولي لهذا القرار، والذي يعتبر على وشك أن يتحول إلى جزء من السياسة الأمريكية، لا بد أن نتساءل عمليا هل في بنية الدولة الأمريكية سلطة منظمة، تقوم بالمواءمة بين القرارات والسياسات مثلا؟؟

فهل يمكن للسياسة الأمريكية أن تعتبر بشار الأسد أحد كبار مروجي المخدرات في العالم، وكان قد سبق لها أن اختطفت بعض هؤلاء -نورييغا البنمي-أو تصفيته - بابلو اسكوبار- على صعيد، ثم تعتبره في الوقت نفسه شريكا في الحل السياسي في سورية، وتفرض على عملائها من السوريين، أن يجلسوا إليه، وأن يتحاوروا معه، وعلى أكثر من مستوى، مرة على مستوى الحديث عن فيدرالية وحكم ذاتي، ومرة على مستوى تعديلات دستورية عجفاء لم تر حتى الآن أي بصيص من نور.....

إن ما تبقى من سورية كلها مجرد أشلاء ...

ون الموقف الدولي عموما في سورية، يتطلب موقفا أكثر إنسانية ورحمة وشفقة، ففي النهاية، ومهما تكن عداوة هذا العالم للبشر السوريين، فإنهم يبقون بشرا...!!

في العالم تتشكل جمعيات مرخصة ونشطة تحتج دائما على أشكال تصنيع كل المبيدات، بما فيها المبيدات الحشرية لكل أشكال البعوض والذباب..

إن ما سُمح باستخدامه ضد السوريين خلال عشرة سنوات لم يمر بلا شك على مثل هذه الجمعيات..!!

إن الاستمرار في ترك القرار السوري مرهونا بإرادة "بوتين الرهيب" ؛ رجاء إدانته بجرائم أبشع وأوسع هو موقف مزدوج في التعبير عن إرادة الشر. اترك المجرم يرتكب جريمته بأبشع صورة، ثم ندد بها وبه على رؤوس الأشهادا، وانس أمر الضحيةـ الذي يتفنن المجرم ويتلذذ في التشفي منه.

ثم إن استمراء البعض من أن يجعلوا من الحالة السورية بكل لأوائها وحجمها الكارثي الإنساني غير المسبوق، على مدى التاريخ البشري المحفوظ؛ ورقة أو مطية إلى مآرب رخيصة، يزيد الكارثة السورية عمقا واتساعا.

يتذكر كثير من السوريين اليوم مثلهم الدارج "جئناك يا عبد المعين حتى تعين رأيناك يا عبد المعين بدك تنعان" إن الذين يستعينون على قضاء حوائجهم، صغرت أو كبرت طابت أو خبثت، بآلام المشردين والمعذبين، وصبر الصابرات، ودموع الأيتام، لا يفلحون. لا يفلحون لا يفلحون.

في الرواية التاريخية عن عمر، وقد وقف على مضرب أعرابية في قلب الصحراء، تعلل أطفالها بماء منصوب على النار حتى يناموا ، ينادي عليها عمر: السلام عليكم يا أهل الضوء ، وكره عمر أن ينادي يا أهل النار ...!!

يستأذن عمر على المرأة التي ردت سلامه : أأدنو ؟؟؟ يعني أأقترب، تقول له بوعي جيل خوطب بالقرآن: ادنُ بخير أو دع ..

ونعتبر قول هذه الأعرابية ضابطا لكل من يريد أن يقارب قضية السوريين اليوم : ادنوا بخير أو دعوا. اللهم كل من أراد أن يغمس يدا في قصعتنا ليتبلغ بها فاجعلها عليه غسلينا وزقوما...

قرار النواب الأمريكي تجريم بشار الأسد بتجارة المخدرات، مهما تكن خلفيته ومصداقيته، لا يجوز بحال أن تغطي على جرائمه الكارثية والتي ارتكبها وداعموه على مدى عشر سنوات بل نصف قرن هي عمر نظام الجريمة في سورية.

إن التماهي مع مشروعات كل النافذين في المنطقة والعالم هي جزء من جريمة بشار الأسد نفسها. وهذه رسالة خاصة للذين يعقلون..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1010