وجوب البيان للناس على بعض الناس
ويثير الحفيظة أن ترى جمهورا من الناس، ولاسيما من المحسوبين على الإسلام وأهله، يستعلنون بموقف أو رأي لا يرضى به الله ولا رسوله ولا صالح المؤمنين، ولم تقل به شريعة، ولا يدعمه فقه فقيه، ولا عقل عاقل..
رأي مفلول ، وكلام بلا خطام، ودعاوى أقرب إلى تلك التي تفوح ريحها؛ وليست موضع خلاف بين أهل العلم والحجا أنها مستنكرة مرفوضة مدانة، ثم يغضون الطرف عنها، ويديرون الظهر لها، ويتجاهلون تفنيدها، لأن كل ذلك يخدم "مجد اللحظة" على طريقة "وزادي ومزودي ومثل ما قال صاحب الصوت العالي وأزودي" ليصبح الخطأ خطيئة، والخطيئة بلية، بينما ينشغل من يُطلب منه أن يعلم ويبصر ويرشد إلى التشاغل والإشغال. بأمور الله تعالى أعلم بها..
هذا إن لم يقم بصب الزيت على نار الغلاة والمتعصبين ودعاة الفتنة والمخطوفين لبرق اللحظة (كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ)
أو إلى الانقطاع عن الواقع والولوج إلى عالم التكرارية التاريخية، من أحاديث قالوا وقلنا مثل : ما هو حظ يزيد بن معاوية من دم أهل الحرة، أو من دم الحسين رضي الله عن سيدنا الحسين..
إن التشاغل عن قضايا الأمة والناس توضيحا وبيانا وتعليما وإرشادا، ولجما لاندفاعات الذين قل حظهم من علم أو من حكمة هو من العهد الذي أخذه الله على أولي العلم (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ)
وتعليم القاصر ولن أقول الجاهل، له أساليبه وطرائقه، والحكمة والموعظة الحسنة فيه مطلب كما هي مطلب في دعوة غير المسلم للاسلام.
إن ما كتبه المفكر الفرنسي "غوستاف لوبون" عن سلوك الجماهير، جدير بأن يدرس وأن يقرأ لا لتوظف الحالة، ويستثمر فيها كما هو شأن الساسة الميكيفيليين، بل نفعل ذلك كما هو شأن الدعاة المصلحين.
وأحفظ من أقوال سادة هذه الأمة في هذه الحالة الكثير، في تحليل الطباع، والاشارة الى الطبيعة، والاشادة بالايجابي والتحذير من السلبي، والدعوة إلى حسن التوظيف، والمطالبة بالحضور الدائم فوق رؤوس رؤوس الناس، وعند أفواههم، بالتعليم والنصح والترشيد والتسديد..
وأرسل إلي اخ عزيز فيديو لرجل مشغول والناس تئن في منطقتنا بما ابتليت به، بتوضيح تجسيم ابن تيمية "رحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية وأعلى مقامه ورزقنا مثل اهتمامه بأمر الإسلام المسلمين"
لا أحد من طرف حاشيتنا مشغوف بالدعوة الى ما يسمى الدين الابراهيمي الموهوم ولا إلى مثيلاتها من ساقط الأخلاق..
ولكن فينا من ينكر علينا أن نطعم جائعنا من أولي أرحامنا إذا كان ممن يعيش فيما يسمونه "مناطق النظام" من "كفار قريش"
حتى الذين هاجروا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاطبهم وخاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها وامرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر إليه" وأفتح كتاب شراح الحديث فأقرأ عمن يسمونه "مهاجر ام قيس" وكتبت منذ عقود: من هاجر إلى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله، ومن هاجر إلى أم قيس فليطلب أجره عندها.
وسوم: العدد 1010