غزوة أحد كانت نصرا للمسلمين من كتاب نور اليقين 21
قال الكاتب: "ولما رجع عليه السلام إلى المدينة... نادى في أصحابه بالخروج خلف العدو... فاستجابوا لله وللرسول... ثمّ سار الجيش حتى وصلوا إلى حمراء الأسد". 142
أقول: يفهم من هذا أنّ غزوة أحد لم تكن نصرا لكفار قريش، ولم تكن هزيمة لجيش المسلمين. لأنّ العدو لم يثبت على الأرض، ولم يستطع غزو المدينة. ومن مظاهر النصر أن يثبت قدم الجندي فوق أرض العدو، كما يؤكّد ذلك القادة العسكريون في أقوالهم، وأفعالهم. وجند كفار قريش لم يثبّتوا أقدامهم في ميدان غزوة أحد باعتبارها ميدان المعركة، ولم يثبّتوا أقدامهم في مدينة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، باعتبارها أرض عدو بالنسبة لكفار قريش.
قال الكاتب: "وظفر عليه السّلام وهم في حمراء الأسد، بأبي عزة الشاعر الذي منّ عليه ببدر بعد أن تعهد ألاّ يكون على المسلمين فأمر بقتله". 143
أقول: الظرف ظرف حرب، ولا يمكن التّسامح مع أدنى سلوك من الجند، والمجتمع. كيف بعدو مجرم خان العهد الذي منح إيّاه، ويسعى لزعزعة الجيش، وبثّ اليأس في صفوفه، والتّفريق بين القائد وجنده.
وفي هذه الحالة أمر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو الحاكم والقائد الأعلى للقوات المسلّحة، بقطع رأس العدو المجرم الخائن. وهذا معمول به لدى كلّ الدول، والحضارات خاصّة أثناء الحرب.
الموقف الحرج يتطلّب السّرعة في التّنفيذ، والصّرامة مع العدو، وعدم التّراجع، وقطع الطريق أمام كلّ يأس من أن يتسرّب للمجتمع، والجيش، وإعادة بثّ الأمل، وروح القتال، ومعاودة القتال لدى الجيش، والمجتمع.
المتأمّل في تصرّف سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والمتمثّل في إعدام المجرم الخائن وبتلك السّرعة، والعلانية، وعدم التّراجع يدل -في تقديري- على أنّ غزوة أحد كانت نصرا للمسلمين، ولم تكن أبدا هزيمة للمسلمين.
المنتصر يتّخذ قرارات جريئة ضدّ العدو ولا يخشى عواقب فعله، والمنهزم يخشى إن اتّخذ قرارا ضدّ العدو ولو لم يكن جريئا، أن يتعرّ ض لعقوبات قاسية لاقبل له بها من طرف العدو. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم اتّخذ قرار إعدام المجرم الخائن مباشرة بعد غزوة أحد، ولم يضع في الحسبان ردّ فعل العدو لأنّه المنتصر، والأقوى، ولا يخاف عدوه، ولا يتراجع في قرار يمسّ أمن الدولة، والجيش، والمجتمع ولا يتسامح مع عدو خائن مجرم لايعرف للعهد قيمة، ولا يقدّر سوء العاقبة. وهذه من مظاهر عظمة القائد، والحاكم.
وسوم: العدد 1021