راح الأقصى
ليست المرّة الأولى التي يتجوّل فيها وزير الأمن القومي الإسرائيليّ بن جفير في المسجد الأقصى يوم الأحد 21-مايو 2023، ولن تكون الأخيرة، فقد اقتحم الأقصى هو ووزراء وأعضاء كنيست مرّات بعد أن استلموا حقائب وزاريّة وقبلها أيضا، فالأقصى مستباح وأمام العالم جميعه منذ أن اقتحمه الوزير أريئيل شارون في أواخر العام 2000، أو بالأحرى منذ احتلاله في حرب العام 1967، والذين يُمنعون من دخوله أو تُحدّد أعمارهم، أو يُمنعون من دخول القدس والصّلاة في دور عبادتهم هم مسلمو ومسيحيّو الضّفّة الغربيّة خارج حدود بلديّة القدس حسب التّقسيمات الإداريّة الاحتلاليّة، ومسلمو ومسيحيّو قطاع غزّة. وبالتّدريج تجري اقتحامات شبه يوميّة للمسجد وتحت حماية الأمن الإسرائيليّ، حتّى وصلت إلى تأدية الصّلوات التّلموديّة داخل المسجد الإسلاميّ، وما زاد الموقف العربيّ والإسلاميّ الرّسميّ عن "الشّجب والإستنكار"، ومع أنّ هذه الأنظمة أضاعت فلسطين إلّا أنّ موقفها لا يزيد عن موقف ذلك الأعرابيّ الذي نهب اللصوص إبِلَهُ، فعاد إليهم مفاخرا بشجاعته ويقول" أشبعتهم شتما وفازوا بالإبل"، فقد شجبت الأنظمة العربيّة واستنكرت آلاف المرّات، وفي الوقت نفسه فإنّ اسرائيل وبدعم أمريكيّ تواصل سياساتها الاستيطانيّة والتّوسّعيّة، والقتل والتّدمير، وتحظى بتطبيع عربيّ مجّانيّ علنيّ وسرّيّ!
ويلاحظ أنّ الإعلام العربيّ يُقلّل من تبعات اجتماع الحكومة الإسرائيليّة للمرّة الأولى يوم أمس 21مايو 2023 تحت المسجد الأقصى، وينشرون أنّ الاجتماع جرى تحت الحائط الغربيّ-حائط البراق-، وكأنّهم يستظلّون بظلّ الحائط! فهل يجهلون الحفريّات الإسرائيليّة تحت المسجد الأقصى، وهل نسوا النّفق الأمويّ "هحشمونائيم" الذي افتتح عام 1996 ويمتدّ من البراق إلى طريق الآلام؟
ويخطئ من يصدّق ما قاله نتنياهو بأنّ اجتماع حكومته تحت المسجد الأقصى جاء ردّا عى خطاب الرّئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس في الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة، ونفى فيه أيّ علاقة لليهود بالقدس، والصّحيح أنّ هذا الاجتماع جاء ردّا على قمّة جدّة، وهو رسالة واضحة وضوح الشّمس إلى العرب والمسلمين والعالم جميعه بأنّ ما تحت المسجد الأقصى صار يهوديّا بشكل رسميّ. وليتذكّر الجميع قمّة "كامب ديفيد" في يوليو 2000 بين الرّئيس ياسر عرفات وإيهود باراك رئيس الحكومة الإسرائيليّة وقتذاك، وبحضور الرّئيس الأمريكي كلينتون، حيث طُرح على الرّئيس عرفات التّنازل عمّا تحت المسجد الأقصى، فرفض رغم أنّ قادة عربا ومنهم الرّئيس المصريّ المخلوع الرّاحل حسني مبارك اتّصلوا به بأوامر من كلينتون، وطالبوه بالتّنازل عنه، لكنّه رفض ذلك، وهذه واحدة من أسباب فشل ذلك اللقاء. فهل تجاهُلِ هذا يعني أنّ هناك من تنازلوا عن أسفل المسجد الأقصى؛ ليصير أمرا واقعا مفروضا؟ وهل فضاء المسجد الأقصى وأساساته جزء منه أم لا؟ والحديث يطول.
وسوم: العدد 1033