لا يا سيدي الشيخ .. واللهِ إني أحب أن أحبك
منذ فترة غير قصيرة، علقت بصفحة شيخ من شيوخ بعض البلدان، قدرت فيه، لما اسمع من فتاويه وتصائحه وحسن تأتيه الفقه والأناة، والتلطف، والحضور، وجميل الرأي فيما يقدم للناس…
حتى كان أول أمس..
فسمعت من الرجل ما رابني، بل ما ساءني، بل ما ذكرني بزمان أول، يوم كان أحدهم يوردها وهو مشتمل..
وإذا بالشيخ، الذي ظننا وحسبنا وخلنا؛ واحد من الربع إياهم، الذين يهجمون على القول من غير تدبر ولا تدبير، ولا تبصر ولا تبصير..
سؤالان طرحا على الشيخ من معين واحد فأجاب على كل واحد منهما بعلم وأسلوب يختلف عن الآخر..
فكانت العبرة في المفارقة التي لا تطاق، بل لا تليق، وأكره شيء يكرهه المرء لمن يحب، أن يراه متلبسا بما لا يليق..
سئل الشيخ عن اللاعب المصري محمد صلاح، ليس لاعب كرة القدم أقصد، فأجاب جوابا هينا لينا مبطنا ممددا قابلا للتأويل، صالحا للدهلزة، لا يستطيعه أعتى المتتبعين، ولكنك تستطيع ان تفهم عن الشيخ، وأن تعذر الشيخ، فيما هو فيه، وإن لم تعذره أن تتمحل له العذر، حتى تلتمس ما يسعف المقال من التسعة والتسعين..
فهو في واقع وفي حال، وربما سأله السائل ليرديه…
ثم في لوحة أخرى سئل الشيخ عن أمر جرى أو يجري بعيدا عن بلده، في الجغرافيا والديمغرافيا، وموقع حجر القوم من قمة جبلهم، فيه لا يدركه من يراه بمنظار!!
فإذا الشيخ الهادئ الوقور ينقلب أسدا يزأر، ويشهر أحكام التكفير، وألفاظ التنفير، وأن حق البيان يقتضيه أن يقول، وهو الذي لم يجرؤ أن يقول في رجل من أهل ديرته بذل نفسه درأ للظلم، ودفاعا عن حق، فاكتفى بالقول فيه: أفضى لما قدم، وهي عبارة طالما افتدى بها المسلمون، أن يتحدثوا عن مصائر أهل الريبة، وظلوا يقولون بحاملي رايات الحق نحسبه على خير وإلى خير، ونظن فيه أنه تحت لواء حمزة بن عبد المطلب رافع لواء السيادة…
السيد الشيخ أطلق العنان للتكفير بالتأويل، ومن أبسط ما تمسك به المحققون، أن الكفر لا يُقضى به إلا أن يكون بُواحا، لا وجه فيه لمن رام خروجا من دلالة لفظه الصريح الواضح الذي لا يحتمل غيره، ولو قلب على كل وجوه البيان.
ولقد اشتد ابن القيم وأغلظ وذهب بعيدا في الرجل يفتي للقوم وليس منهم، ولا يعلم بطرائقهم ولا بأعرافهم، ولا بعوائدهم..كما فعل السيد الذي ظنناه وخلناه..
مأساة ليست فردية، ولا أتحدث عن فرد وإنما عن ظاهرة اردتنا وأدمتنا وما تزال..
وسوم: العدد 1035