سامي الحناوي وعبد الرحمن سوار الذهب لم يتكرر مثيلاً لهما

ssfgsfg1037.jpg

لم يكن انقلاب عبد الرحمن سوار الذهب في السودان في نيسان من عام 1985 من أجل الاستحواذ على الحكم والتمتع بمزاياه، وإنما كانت غايته إنقاذ الدولة والشعب السوداني من حكم جعفر النميري، الذي انتجت سياساته حالة من القلق الاجتماعي في الدولة، فقد على أثرها شرعيته في الحكم. لذلك كان إزاحته عنه تعد بمثابة مصلحة وطنية عليا للدولة السودانية.

وأدرك سوار الذهب أن الانقلاب العسكري أصبح أمرا لا مفر منه، ففي السادس من نيسان/ أبريل عام 1985م، تمكن سوار الذهب من الإطاحة بالرئيس الأسبق جعفر النميري، ونوابه ومعاونيه ومستشاريه، واعلنت المؤسسة العسكرية انحيازها الكامل لمطالب الشعب، وأعلن تعطيل العمل بالدستور، ونقل السلطة للشعب عبر فترة انتقالية مدتها عام واحد.

ففي السادس من أبريل/نيسان عام 1986، وبإشراف مباشر من عبد الرحمن سوار الذهب أُجريت الانتخابات التي استمرت على مدار 12 يوما، وعلى أثر نتائجها سلّمتُ مقاليد الحكم للحكومة المنتخبة الجديدة لرئيس وزرائها الصادق المهدي آنذاك. وتم حل المجلس العسكري الانتقالي والحكومة الانتقالية. وهذا دليل واضحًا بأن سوار الذهب كان زاهدًا بالحكم.

خلاصة القول يعد عبد الرحمن سوار الذهب من خلال سلوكه السياسي في المرحلة الانتقالية تعد ظاهرة انقلابية أخلاقية لم تتكرر في عالم الانقلابات العسكرية في الوطن العربي من بعده.

وهكذا عرف العالم المشير عبد الرحمن سوار الذهب وراح صيته يملأ الدنيا بزهده في الحكم وحبه لوطنه وشعبه وأعاد الأمور إلى نصابها، وهذا العالم نفسه لم يذكر ما قام به العقيد سامي الحناوي في سورية الذي سبق سوار الذهب فيما قام به بعشرات السنين وحتى ننصف الرجل لابد من إعادة التذكير به، فهو أول من قاد انقلاباً في سورية وأعاد الأمور إلى نصابها عندما انقلب على الزعيم الفاسق الأرعن حسني الزعيم، وهذه قصة هذا الضابط العسكري النبيل:

فجر الرابع عشر من آب 1949 انقلب العقيد سامي الحناوي على الديكتاتور الأرعن حسني الزعيم الذي لطخ وجه سورية بليالي وأيام حكمه الكالحة، وأساء إلى سمعتها عربياً ودولياً، فكان انقلاب سامي الحناوي الذي باغته في بيته مع رئيس وزرائه محسن البرازي، ليقتادهما صاغرين في عربة مدرعة إلى سجن المزة، الذي جعل منه كهفاً يضم ساسة سورية ورجالاتها الوطنيين، حيث أجريت لهما محاكمة سريعة لم تستغرق إلا ساعة واحدة لينالا جزاءهما العادل (حكم الإعدام)، ولتنتهي أسطورة الحاكم الأوحد.

لم يكن ما حدث مفاجئاً للأوساط الشعبية والسياسية، فالكل هلل وبارك هذه الخطوة المباركة التي أزالت هذا الكابوس الذي جثم على صدر سورية الإسلام والعروبة والحضارة والزهو والمدنية والتاريخ.

واستمع السوريون إلى البيان الأول للانقلاب صباح يوم الأحد الرابع عشر من آب 1949 والذي جاء فيه:

"لقد قام جيشكم الباسل بالانقلاب يوم الثلاثين من آذار الماضي لينقذ البلاد من الحالة السيئة التي وصلت إليها، لكن زعيم ذلك الانقلاب أخذ يتطاول هو وحاشيته على أموال الأمة ويبذرها بالإثم والباطل، ويعبث بالقوانين وحريات الأفراد، ولهذا وبعد الاعتماد على الله عزم جيشكم الذي لا يريد إلا الخير بالبلاد أن يخلصها من الطاغية الذي استبد ورجال حكومته، وقد أتم الله للجيش ما أراد فأنقذ شرف البلاد وآلى على نفسه أن يسلم الأمر إلى الأحرار المخلصين من رجالات سورية، وسيترك الجيش لزعماء البلاد أنفسهم قيادة البلاد وسيعود الجيش إلى ثكناته وسيترك السياسة لرجالاتها".

الضباط الذين اعتمد عليهم سامي الحناوي لتنفيذ الانقلاب:

العقيد علم الدين قواص، الرئيس خالد جادا، المقدم أمين أبو عساف، والرؤساء محمد دياب، ومحمد معروف، وعصام مريود، ومحمود رفاعي، وفريد سيد درويش، ويعقوب مبيض، والملازمين فضل الله أبو منصور، ومصطفى مالكي، وأنطون خوري، وحسين حكيم، وحسين حدة، وغالب شقفة، وعبد الغني دهمان، ونور الدين كنج، وبكري الزوبري، ومصطفى الدواليبي".

كلمة العقيد سامي الحناوي الأخيرة التي وجهها إلى الشعب في بهو رئاسة الوزراء قال فيها:

"أنا رجل عسكري ولا علم لي بالشؤون السياسية، وإنني قمت بحركتي مدفوعاً بعامل إنقاذ الوطن من الخطر المحدق به، وإني لا أطلب أجراً ولا شيئاً سوى خدمة الوطن ورفاهية الشعب، وهمي بعد أن تألفت حكومة قومية سأترك لها مقاليد الأمور وأعود إلى وظيفتي في الجيش".

من هو العقيد سامي الحناوي

العقيد سامي الحناوي ولد في مدينة إدلب عام 1898، وتخرج من مدرسة دار المعلمين بدمشق سنة 1916 ودخل المدرسة العسكرية في إسطنبول فأقام فيها سنة.

خاض معارك قفقاسيا وفلسطين في الحرب العالمية الأولى، ثم دخل المدرسة الحربية بدمشق سنة 1918 وتخرج بعد عام برتبة ملازم ثان، وألحق بالدرك الثابت في سنجق لواء اسكندرون، وكان من قوات الجيش السوري في معركة فلسطين سنة 1948 حيث رقي إلى رتبة عقيد.

المصدر

*مركز الروابط للدراسات-ض7/4/2023

*مذكرات خالد العظم-89/3

*مصطفى دندشلي-ص (133).

*كتاب الإيضاحات السياسية-غالب العياشي-ص592

*صحيفة العرب اليوم الأردنية-مذكرات الحوراني العدد-16/7/1997

*كتاب الصراع على سورية-باتريك سيل ص108

*كتاب عهد الاستقلال-محمد فاروق الإمام-ص207

وسوم: العدد 1037