ذهول عالمي .. ماذا يجري في روسيا ؟! وإلى اين ستمضي الأحداث ؟!
حبس العالم أنفاسه مذهولا من أنباء استيلاء قائد قوات فاجنر الخاصة على مركز قيادة الجيش الروسي في روستوف ، حنوب غربي البلاد ، المسئول عن إدارة الحرب في أوكرانيا ، وإعلانه الزحف على موسكو في مسيرة سماها " مسيرة العدالة " ل " تحرير الشعب الروسي " من حكم بوتين . وتعددت صور الذهول مصحوبة بالتساؤلات الحائرة : لماذا هذا التمرد المفاجىء ؟! وهل يكفي اتهامه لقيادة شويجي وزير الدفاع ورئيس أركانه فاليري بقصور الكفاءة العسكرية للقيام بهذا التمرد المخيف العواقب عليه شخصيا ؟! وهل يستطيع جنوده ال25 ألفا الاستيلاء على موسكو وإسقاط بوتين ؟! وأين قوات الجيش الروسي ذات الملايين الأربعة المعدة لمحاربة دول عظمى ؟! وهل في الجيش الروسي من يشارك بيروجين في تمرده ؟! وأثار محلل عسكري لبناني احتمال رفض بعض جنرالات الجيش الروسي تنفيذ أوامر بوتين بالتصدي لزحف قوات فاجنر ، وهي إثارة غريبة ، فهل الجيش الروسي بهذا المستوى من غياب الانضباط ، وهو امتداد للجيش السوفيتي الصارم الانضباط ؟! وفي سرعة أحداث أفلام العنف والرعب انتهى التمرد ، وأقنع الكساندر لوكاشينكو ، رئيس بيلاروسيا حليفة روسيا ، بيروجين بوقف زحفه وتمرده ، والانتقال إلى بيلاروسيا مقابل وقف مقاضاة روسيا له على تمرده ، وعدم المس بأي من جنوده . ولوكاشنكو صديق لبوتين ولبروجين . وبررت القيادة الروسية وبيروجين وقف نزاعهما الخطير بالرغبة في منع إراقة الدماء .وأعلنت موسكو أن القتال في أوكرانيا سيتواصل دون أي تأثر بما حدث . وسيصعق وقف التمرد زيلينسكي وعسكرييه والناتو وأميركا وكل من استبشر خيرا به ، ومنهم إسرائيل التي رفع فيها ، في تل أبيب ، علم فاجنر . وعلى القوات الروسية الآن أن تسد الفراغ الذي أحدثه انسحاب قوات فاجنر من القتال والذي استغلته القوات الأوكرانية في استعادة بعض الأراضي التي استولت عليها هذه القوات . انتهاء التمرد لا يعني أكثر من انتهاء حدث من أحداث الحرب ، وكل شيء فيها مفتوح على أغرب التطورات والمفاجآت التي تسر أحد طرفيها ، وتؤلم الطرف الآخر . إنها محنة كبيرة لهما كليهما . روسيا تعلم قلبا وعقلا أن هزيمتها فيها ستؤدي إلى تقطيعها وانتزاع القسم الآسيوي من أراضيها الذي يكون حوالي ثلاثة أرباع مساحتها التي هي أكبر مساحة في العالم حيث تزيد على 17 مليون كيلومتر مربعة ، والصين تعلم قلبا وعقلا أن هزيمة روسيا تفتح طريق الغرب للانصراف إلى التركيز عليها لإلحاقها بروسيا تقطيعا وإضعافا ، وتحطيما لحلم عالم متعدد الأقطاب ، وإبقاء لأميركا بصفتها القطب الأوحد بكل عدوانيتها ومساوئها ومظالمها وجشعها وتعزيزها لنظم الفساد والاستبداد ، وأكاذيبها عن دفاعها عن الحرية وحقوق الإنسان . وأميركا والناتو يستفظعان أن تنتصر روسيا ، ويمضي هدرا وبدادا ما قدماه إلى أوكرانيا من مال وسلاح ، وترجح كفة روسيا وحلفائها ، وأولهم الصين ، وتنفتح الطريق إلى قوتهم وضعف الغرب في التوازنات العالمية . إنها حرب تقترب في أهميتها من وضعية " نكون أو لا نكون " أي " نوجد أو لا نوجد " ، ولا أحد يريد أن يزول ، ولا أحد يريد أن يضعف حيث الضعف شكل من أشكال الزوال . وفي التقدير أن الأحداث ستتسارع عسكريا وسياسيا بين أطراف الحرب في أوكرانيا مباشرين وجانبيين ، وكل طرف سيحاول أن يوجه مسارها لما ينصره ويهزم عدوه .
وسوم: العدد 1038