أي المتوحشين سيأكل الآخر؟
إن ما يجري في روسيا من اقتتال بين بوتين وعصابته المجرمة من جهة ومجموعة فاغنر؛ التي سلطها بوتين على الشعوب المقهورة بحكامها، يسعدنا ويثلج صدورنا المكلومة بجراح لم تندمل ولن تندمل، بفعل ما ارتكبه مجرم الحرب بوتين على مدار ثماني سنوات بحق أطفالنا ونسائنا وشبابنا ورجالنا، وما خلفت من هجرة ونزوح لنصف الشعب السوري، وما دمر من مدن وبلدات وقرى على رؤوس ساكنيها بوحشية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها.
واليوم يتجرع مجرم الحرب بوتين من نفس الكأس الذي جرّعنا منه بأكثر من ألف نوع من الأسلحة المدمرة والفتاكة التي أمطرتنا به قاذفاته ومدمراته ومدفعيته برا وبحرا وجوا. ويفتخر قادته العسكريون بأنهم جعلوا من سورية والشعب السوري حقل تجارب لترسانتهم العسكرية الفتاكة والمدمرة المتطورة.
واليوم صبَّ الله عليهم صوت عذاب على أيديهم وبأيديهم، بوتين وعصابته المجرمة في مواجهة الثعبان الذي رباه لينهش أجسامنا وأجسام أمثالنا من الشعوب المقهورة بحكامها، إنها عصابة فاغنر التي تسلطت عليه اليوم كما سلطها علينا بالأمس، تنهش جسده وعقله وفؤاده.
اليوم تتوجه الأنظار إلى العاصمة الروسية، موسكو، والإجراءات الأمنية الجارية عقب تلويح زعيم مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، بالانتقام من القيادة العسكرية الروسية التي اتهمها بخطاب ألقاه يوم الجمعة 23/6/2023، بقصف معسكرات تابعة لمجموعته، وهدد بمهاجمة الجيش الروسي ردا على ما قال إنها "ضربة قاتلة" وجهها الجيش ضد قواته شبه العسكرية.
وفي مواجهة هذه الاتهامات قال رأس الأفعى فلاديمير بوتين إن "خيانة" قوات فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، "وأي أفعال تمزق وحدتنا" هي "طعنة في ظهر بلادنا وشعبنا، موجها مناشدة لهذه القوات وذلك في أول خطاب له بعد إعلان قائد قوات فاغنر، يفيغيني بريغوجين حليف بوتين تمرده على القوات العسكرية الروسية.
من يكون هذا المتمرد؟
هو يفيفغيني بريغوجين روسي معروف بلقب "طباخ بوتين"، وهذا لسبب وجيه. مطاعمه وشركة تقديم الطعام الخاصة به استضافت حرفيًا وجبات عشاء حضرها بوتين وغيره من قادة العالم بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة حينها، جورج دبليو بوش.
لكن بريغوجين معروف أيضًا بتقديم الجثث. إذ أوجد مجموعة فاغنر في عام 2014. وهي مجموعة مرتزقة خاصة تعمل بالتخفي. ولكن في السنوات الأخيرة، كشفت عن هويتها الارتزاقية في أوكرانيا وليبيا والسودان وموزامبيق ومالي وسورية.
كشفت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى تسليط الأضواء على بريغوجين وفاغنر، التي يقدر عددها مقاتيليها في أوكرانيا بخمسة آلاف مرتزق؛ يقاتلون بجانب القوات الروسية، حيث كشف تحقيق لـCNN أن فاغنر تقوم بتجنيد القتلة وتجار المخدرات من السجون الروسية، مع وعد بأنه إذا نجوا من الحرب في أوكرانيا، فسيتم منحهم عقوبات أقصر أو حتى العفو.
تتمتع مجموعة فاغنر بسمعة مروعة وهي مرتبطة بعدد من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب قطع الرؤوس، وقد حذر كبار المسؤولين الأمريكيين باستمرار من التكتيكات الوحشية لمجموعة فاغنر.
وقام بريغوجين بنفسه مؤخرًا بشيء كان سيبدو غير مقبول في زمن ما، فوفقًا لمسؤولين أمريكيين، واجه بريغوجين فلاديمير بوتين بشكل مباشر بشأن اعتقاده بأن الجنرالات الروس يسيئون إدارة الحرب في أوكرانيا، وأن المزيد من التكتيكات الأكثر صرامة يجب استخدامها.
وزعم بريغوجين أن وزارة الدفاع الروسية "خدعت مجموعة فاغنر"، وتعهد بـ"الرد على هذه الفظائع"، وقال، في رسالة صوتية نُشرت على تلغرام: "لقد خدعونا سرا، وحاولوا حرماننا من فرصة الدفاع عن منازلنا وبدلا من ذلك تعقبوا عناصر فاغنر، كنا مستعدين لتقديم تنازلات لوزارة الدفاع وتسليم أسلحتنا وإيجاد حل".
وأضاف يفغيني بريغوجين: "هؤلاء الأوغاد لم يهدأوا، لقد رأوا أننا لم ننكسر وقاموا بشن ضربات على معسكراتنا، قُتل عدد كبير من مقاتلينا ورفاقنا في السلاح، وسنتخذ قرارا بشأن كيفية الرد على هذه الفظائع، والخطوة التالية هي خطوتنا"، وزعم أنهم "قضوا على العشرات".
وقال بريغوجين إن "الشر الذي تقوم به القيادة العسكرية الروسية يجب أن يتوقف، إنهم يتجاهلون أرواح الجنود ونسوا كلمة العدالة".
وأضاف: "بدأت التفاصيل تظهر، فقد وصل وزير الدفاع سيرغي شويغو إلى روستوف لإجراء عملية لتدمير فاغنر، واستخدم رجال المدفعية وطياري الهليكوبتر متخفين لتدميرنا".
وتعهد بريغوجين بـ"الانتقام"، وقال: "ستعاقب أرواح عشرات الآلاف من الجنود الروس، وأطلب ألا يقاوم أحد، من يبدون مثل هذه المقاومة سنعتبرها تهديدا وندمرهم على الفور، وهذا يشمل أي حواجز تقف في طريقنا، وأي طائرة تُرى فوق رؤوسنا"، وطلب من الناس البقاء في منازلهم و"التزام الهدوء، وعدم الاستفزاز".
وقال يفغيني بريغوجين إنه من خلال انتقاد القيادة العسكرية الروسية، فإنه "ينفذ العدالة، وليس انقلابا عسكريا"، زاعما أن "غالبية أفراد الجيش الروسي يدعمون فاغنر".
وفي المقابل، نفت وزارة الدفاع الروسية قصف معسكر "فاغنر"، ووصفت الرسائل ومقاطع الفيديو التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي باسم بريغوجين بأنها "غير صحيحة واستفزاز إعلامي".
يذكر أن "فاغنر" لعبت دورا بارزا في حرب أوكرانيا، وتنازع زعيمها بشكل متكرر وعلني مع وزير الدفاع الروسي بشأن ما قال إنه نقص في الذخيرة، وفي إحدى المرات سجل مقطع فيديو له وهو ينتقد وهو واقفا أمام ما زعم أنها جثث من مقاتليه، وفي الأسبوع الماضي، قال إنه لن يوقع عقودا مع وزارة الدفاع الروسية، رافضا محاولة لضبط وضع قواته في الجيش الروسي.
ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ادعاءات فاغنر قائلاً: إن "خيانة" قوات فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، "وأي أفعال تمزق وحدتنا" هي "طعنة في ظهر بلادنا وشعبنا، موجها مناشدة لهذه القوات وذلك في أول خطاب له بعد إعلان قائد قوات فاغنر، يفيغيني بريغوجين حليف بوتين تمرده على القوات العسكرية الروسية.
المصدر
*العربية-24 23/6/2023
وسوم: العدد 1038