في دروب النجاح و التميز

في مواسم نهاية  مراحل التعليم،  تعيش معظم الأسر أفراحا كبيرة ، و ذلك لتمام فرحة النجاح،  و هذا حق لا يمكننا نكرانه  ، فهو حق طبيعي لكل مجتهد أن يفرح و يستبشر بمحصول اجتهاده ، محصول اجتهاد سنوات من الكد و التعب و السهر ، حرم فيها لذة الراحة ، فبشرى لكل مجتهد أن يحفل بنجاحه .

يحق لنا أن نتساءل و نطرح جملة من التساؤلات الوجيهة، هل يمكن حصر النجاح و التميز إلا في فرحة التحصيل التعليمي؟ الا يعد تميزا ما يحققه الكثير من المبدعين من التميز  في مجالات كثيرة و متنوعة    حققوا  تميزا و انجازات  مبهرة في ميادين تخصصهم ؟  . 

اتصور ان التميز  هو  إضافة نوعية يحققها المبدع باجتهاده، يقدم إضافة  مختلفة عن نجاحات غيره  ،  فلو افترضنا مؤسسة تعليمية حققت نجاحا بنسبة مئوية عالية  و حقق طلابها تميزا  تحصلوا على أعلى المعدلات في النتائج  الدراسية متجاوزين  المؤسسات التعليمية الأخرى ، فإن هذا يصنف المؤسسة في عداد المؤسسات المتميزة ،و أما المؤسسات التي حققت نسبة نجاح أقل أو  متوسطة و  حققت معها  معدلات دراسية متوسطة ،  نقول عنها مؤسسة حققت نجاحا و لم تحقق تميزا  .

و أتصور لو أن فلاحا حقق اكتفاء ذاتيا في محصول زراعي ، و حقق كفاية احتياجات بيته و أسرته ، فهذا يعد نجاحا و لا يعد تميزا ، بينما  فلاح آخر حقق مردودا  إنتاج  فاق احتاياجاته الخاصة ، بل تعداها لسد احتياجات قريته أو مديته. فهذا الفلاح حقق نجاحا و تميزا  ، و حق أن ينصف ضمن مجموعة المتميزين. 

 و قد يعد تميزا من تجاوز  باجتهاده الظروف و الأحوال القاهرة ، من يتحدى الإعاقة الحركية أو الظروف الاجتماعية القاسية ، يتحدى الفقر و الاحتياج ، يسير بمواهبه و إبداعاته في فضاءات التميز ،  فهذا الإنجاز يعد تميزا و بصمة مميزة يحق للجميع الإشادة بها ، وجعلها نموذجا يتحدى بها  بين الأصحاب  و الأقران و المؤسسات  في ميادين التميز   .

في سياق حديثي  استحضر نموذجا للتميز من خلال مطالعتي ،  شدتني كلمات تستحق أن تكتب بماء الذهب  للعالم  الياباني المبدع  تاكيو أوساهيرا لعل الشباب اليوم  يستلهم من تميزه  الدروس و العبر ، اكتفيت في هذا المقام  بلب القول و أنفعه .

يقول  "  ابتعتني حكومتي للدراسة في جامعة هامبورغ بألمانيا، لأدرس أصول الميكانيكا العلمية، ذهبت إلى هناك و أنا أحمل حلمي الخاص الذي لا ينفك عني أبداً، والذي خالج روحي وعقلي وسمعي وبصري وحسي، كنت أحلم بأن أتعلم كيف أصنع محركاً صغيراً  " . 

 فصنع المحرك  زرع نهضة أسهمت في تطور دولته  . 

و انا اخط مقالي ادخل على قلبي السرور طالب متميز من أبناء بلدتي نيله شهادة الدكتوراه بإمتياز في بلاد الغربة متحديا  الظروف القاسية،  ليصنع  هناك   تميزه  ، أقول لابن   ولايتي الدكتور صالح بركة و من خلاله  لكل أبناء   وطني بأمثال هؤلاء المميزين  نقتدي ، و بأمثال هؤلاء نسير على خطاهم ، حقيق لأي شاب أن يقتدي الأخيار،  يقتدي بالنماذج التي صنعت تميزها باجتهادها  ، فالشباب عماد نهضة الوطن ، عماد رفعة الأمة .

وسوم: العدد 1040