الصدق في الميدان

بين الميدان الذي هو ساحة المعركة ، و ساحة تدافع المشاريع ، وساحة سباق العطاء ، فالميدان وحده الحكم الصدق ، و هو سيد المواقف ، فيه ترسم الأفكار و الخطط و المشاريع ، و فيه تنفذ ، فرق كبير بين واقع الديكور و البهارج و استعراض الأزياء في مواكب الأعراس ، و واقع الميدان الحقيقي .

 أقول لأصحاب المشاريع : ليخدعنكم المظاهر البراقة الكاذبة المزينة بالمساحيق، أقول لأصحابنا ، اضربوا لكم المواعيد في ورشات العمل ، اضربوا لكم المواعيد ، في الميدان بتمريغ الأرجل في الوحل و الطين .

ما يدفعني لكتابة هذه لأسطر من الأفكار ، اعتقادي أن دور المثقف هو المشاركة في رسم معالم التحول ببذل الوسع مع الخيريين بإيقاظ الهمم ، و الاهتمام بالأدوار المهمة التي يجب القيام بها ، فدور المثقف لا يقل أهمية عن دور المؤسسات النشطة المنفذة للمشاريع ، و حقيقة المسؤولية عند القادة الناجحين ، هي تكليف و ليست تشريف ، فما يجب إدراكه أن المسؤولية تحتم على القائد أن يكون والد الجميع ، يجمع و لا يفرق ، معياره في التعامل تقريب الأصلح ، تقريب الأكفأ ، و تقديم صاحب الخبرة الطويلة ، ليس له هم سوى نجاح مشروعه ، همه الوحيد تحقيق أهدافه ، حتى و لو اصطدم الواجب مع أصحاب الأغراض و المصالح الدونية ، من المنتفعين و هم كثر حول القائد .

فما يجب معرفته و وضعه في الحسبان ، أن تأمين المشروع و تحصينه إلا بالبطانة الصالحة ، البطانة الناصحة المخلصة ، التي تكون عونا له في المشروع ، و تكون عونا له في تجسيد مشروعه .

و يظل الميدان هو الحكم الوحيد لنجاح القائد ، و يظل المحصول الملموس ، هو المعيار الذي يؤشر على النجاح و الفشل .

فالقائد الناجح هو الذي ينزل المشاريع في الميدان ، تخطيطا و تنفيذا و تقويما ، فتصنع المشاريع في مخبره ، يرعاها بتفقده و توجيهه .

و كل نجاح في المشاريع بشتى أنواعها ، فهو ثمرة عمل متكامل ، اشترك فيه جميع جهود المخلصين ، و للقائد دور مهم في قيادة المبادرة ، هو محرك أساسي في الفريق ، و مع ذلك فهو شريك مع غيره ، فالنجاح ثمرة تراكم جهود متنوعة من الموظفين و الموظفات النشطين في الميدان ، كلا حسب موقعه و مهامه و واجباته ، فدور القائد الناجح هو تفعيل كل الموارد بالتعزيز و التشجيع و عرفان فضل كل العضو في محيطه.

وفي الأخير ، فمن المهم في إدارة المشاريع العامة الخدمية ، أن توسيع دائرة المشاركة لها أهمية كبرى في إنجاح المبادرات والمشاريع ، فالمسؤول الذي يشارك غيره ، و يستمع و يصغي ، ويتقبل النصح و التوجيه ، والذي يتقن فن الإنصات ، و الذي يوسع دائرة مشورته ، لوجهات نظر أخرى ، من المختصين وكفاءات ، وأصحاب الرأي ، من النخب ، سيكون النجاح حليفه .

وسوم: العدد 1042