لم يتغير النظام العربي بعودة الأسد للحضن العربي!
انتقدت - مرارا-إعادة الأسد لجامعة [الدول] العربية! و«قمة الأسد وزيلنسكي ومراوحة الأزمات العربية» قرار القادة العرب إعادة نظام الأسد بعد 12 عاماً من إقصائه وتعليق عضويته في جامعة الدول العربية منذ عام 2011.
تحفظ دولة قطر التي لم ترغب بمخالفة الإجماع العربي، حرم الأسد من الإجماع. والمستغرب عدم التزامه كعادته بوعوده وبقرار مجلس الأمن 2254 ومخرجات جنيف 1 ـ والالتزام بحوار وطني مع المعارضة، وعودة المهجرين واللاجئين السوريين حوالي نصف الشعب السوري وخروج الميليشيات المسلحة، ووقف تصدير المخدرات والكبتاغون ـ ووقف دور الميليشيات والجماعات المسلحة. والأهم إنهاء تحالفه مع إيران! لكن تبدو تلك المطالب مستحيلة المنال. لذلك تبقى العقوبات الأمريكية والأوروبية مفروضة على النظام منذ سنوات.
وكان صادماً الخطاب الفوقي الذي ألقاه بلا خجل الأسد أمام القادة العرب في القمة العربية التي ستعرف بقمة عودة الأسد للحضن العربي في جدة في 19 مايو/أيار الماضي ـ أمام القادة والشعوب العربية مكرراً «سوريا قلب العروبة وفي قلبها» وتحدث بأسلوب أثار انتقادات وتهكما عن «تغيير الأحضان لكن لا نغير الانتماء»! ثم تهجم وانضم لمنتقدي تركيا والإخوان ـ بمهاجمته «الفكر العثماني التوسعي المطعم بنكهة إخوانية منحرفة»! واضح لم يتب الأسد ولم يتراجع عن مواقفه بل يتكلم هو وأنصاره باستفزاز بخطاب المنتصر.
في تجليات أخرى تشكل عودة نظام الأسد برغم ما ارتكبه بحق شعبه من مجازر وانتهاكات نهاية حقبة ما عُرف بالربيع العربي بانتصار الأنظمة على الشعوب التي لا تزال تكابد وتصارع من أجل مطالب محقة «العدالة والحرية والعيش والكرامة». وقد تكون الشعوب خسرت جولة ولكن هناك جولات في الأفق إذا لم تتحقق أدنى متطلبات الحياة الكريمة. وهذه نقطة ضعف النظام العربي.
وتبقى العقبة الكأداء الحاجة لإبقاء النظام برغم كل جرائمه ومخالفاته ـ لأن القاعدة القديمة تبقى ـ أن وجود النظام برغم وحشيته ومساوئه، يبقى أفضل من البديل لنظام جماعات إسلامية متطرفة مثل تنظيم داعش أو النصرة. كما أن إسرائيل منذ عام 2011 تكرر أن بقاء نظام الأسد حاجة أمنية للأمن والاستقرار. برغم ما تقوم به إسرائيل من عدوان بات ظاهرة متكررة على الأهداف العسكرية السورية والإيرانية وميليشياتها الطائفية المسلحة.
لا يمكن للنظام الإقليمي أن يتحول لنظام رباعي الأقطاب إلا بنجاح العرب بتشكيل مشروع واقعي وندي يوازن ويردع مشاريع الآخرين التي تتحكم بمفاصل النظام الشرق أوسطي
كان يؤمل بعودة الأسد تائباً والتزامه بالشروط والمطالب التي صدعوا رؤوسنا بها أن يساهم ذلك بقدرة العرب على رص الصفوف والتوحد وتشكيل كتلة عربية يمكنها ليس فقط تحقيق رؤى الدول الخليجية السعودية وقطر 2030 والكويت 2035 وسلطنة عمان 2040 ومصر الجديدة وغيرها من الرؤى العربية ـ ولكن لا يبدو أن هناك قرارا سياسيا لعمل عربي جماعي برغم ما نشهده من دور للسعودية يتحدى مواقف القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية في أكثر من محور باستقلالية تصل حتى الندية. في عدة ملفات تتعلق برفض زيادة انتاج النفط لإنقاذ بايدن والديمقراطيين في انتخابات الكونغرس في الخريف الماضي، وإحضار الصين إلى منطقة نفوذ أمريكا التقليدية في منطقة الخليج العربي بقبول وساطة الصين بين السعودية وإيران. وفي مبادرة المصالحات والتوسط بين روسيا وأوكرانيا واستضافة الرئيس الأوكراني في القمة العربية، والوساطة للتوصل لهدنة بين الجنرالين المتصارعين في السودان، وإجلاء آلاف السعوديين والعرب والأجانب بسفن حربية سعودية من السودان، وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع كندا، وتحقيق أكبر نسبة نمو اقتصادي للسعودية بين دول مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم.
لكن برغم تلك الإنجازات شهدنا سلسلة من الأحداث - ترسخ وضع محدودية النظام العربي في التعامل مع الأحداث والتهديدات من النظام الإقليمي الشرق الأوسطي الذي يبقى ثلاثي القطبية بتحكم إسرائيل وإيران وتركيا. بينما يستمر العرب بالتعامل مع الأحداث بردّات الأفعال وليس بالمبادرات.
صعّدت إسرائيل وهددت للمرة المائة بعمل عسكري لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. وعاد نتنياهو بمهمة لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي ومعه وزير الدفاع ورئيس الأركان! وردت إيران بتهديد إسرائيل برد انتقامي وحرب شاملة إذا استهدفت منشآتها النووية وبتسوية تل أبيب وحيفا بالأرض ـ في ردع وتوازن الرعب.
واستعرض حزب الله للمرة الأولى قدارته العسكرية بمناورة عسكرية واسعة في جنوب لبنان والحديث عن توحيد الساحات والجبهات، أثارت الدهشة والاستغراب وانتقادات واسعة في الداخل اللبناني حول مغزى استعراض القوة وارتهان لبنان لمشروع مغامر. وتوعدت إسرائيل برد مزلزل على لبنان الذي يئن من أسوأ وأقسى أوضاع اقتصادية ومعيشية واجتماعية وفقدت الليرة اللبنانية 90 في المئة من قيمتها ومعها ارتفعت نسبة اللبنانيين الذين يعيشون دون خط الفقر إلى 90 في المئة. بينما لم نسمع أي تعليق من النظام العربي الذي تطبع بعض دوله مع إيران ومع إسرائيل على الرسالة ثنائية الأبعاد من إيران وإسرائيل والاستفزاز الإسرائيلي.
جاء الرد الإيراني سريعاً. أطلقت إيران صاروخ «خيبر البالستي» أسرع 16 مرة من سرعة الصوت وصعب التصدي له وبمسافة 2000 كلم وبرأس متفجر زنة 1500 كلغ ـ يضع جميع عواصم ومدن مجلس التعاون الخليجي ودول المتوسط وتل ابيب في مدى الصاروخ ـ في رسالة ردع مباشرة لإسرائيل.
وسوم: العدد 1045