الحياة والموت أمام معبر رفح!
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن نظيره المصري عبد الفتاح السيسي وافق على فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة والسماح بمرور 20 شاحنة مساعدات لسكان غزة.
حقيقة الخبر أن بايدن هو الذي وافق على دخول الشاحنات بعد رفض السلطات المصرية فتح المعبر لتسهيل مرور حملة جوازات السفر الأمريكية والأجنبية فحسب. الموعد الذي حدّده بايدن لبدء دخول الشاحنات (التي يوجد قرابة 175 منها عند المعبر) كان أمس الجمعة، ولكن المعبر لم يفتح بعد.
ما لم يذكره بايدن، طبعا، هو أن إسرائيل قامت بقصف المعبر عدة مرات، في اعتداء واضح على السيادة المصرية، وأنها هي التي أقفلت المعبر وتمنع فتحه، ضمن خطتها لإطباق الحصار على القطاع، وأنها وهو ما أشار إليه وزير الخارجية المصري سامح شكري حيث أكد أن المساعدات ستدخل القطاع “فور إزالة الجانب الإسرائيلي العوائق أمام عمل المعبر”، وأن الطريق إليه من الجانب الفلسطيني تعرّض لأضرار نتيجة الغارات، وأن العمل على إصلاحه جار.
أخذ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، المبادرة، وكان المسؤول الدولي الأكبر الوحيد الذي يصل إلى المعبر حيث ألقى كلمة، أمس، طالب فيها بدخول شاحنات الإغاثة إلى أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة مقطوعين من الماء والطعام والوقود، معتبرا أن إدخال المساعدات هو “الفارق بين الحياة والموت للكثيرين في غزة”.
بعد هبوطه في مطار العريش، وفي كلمته خلال المؤتمر الصحافي مع وزير الخارجية المصري كشف غوتيريش، أن أمريكا وإسرائيل، تضعان شروطا وقيودا على دخول المساعدات، وأن أحد موانع وصول المساعدات هو عدم وجود وقود في غزة لإيصالها.
كان مؤثرا الكشف عن الأولويات التي طلبها أهالي غزة من المواد الإغاثية المطلوبة، وبينها أنابيب الأكسجين وأكياس الدم ومستلزمات المستشفيات والأدوية وحافظات الجثث، ثم المياه والأغذية والوقود، وهو ما يصف ببلاغة جارحة الحضور الكبير للموت الذي يحصد الفلسطينيين، حيث اقتلع العدوان الإسرائيلي “شجرة العائلة” لمئات العائلات الفلسطينية وشطبها من قيود الأحياء.
لقد أعطى زعماء دول كبرى “الضوء الأخضر” لإسرائيل للانتقام من أرواح الفلسطينيين، ومعمارهم، واجتماعهم، وثقافتهم، وأديانهم، ولا نعلم ما هو حجم “المحرقة”، وأشكال جرائم الحرب، وأعداد الأطفال القتلى التي سترضي مشاعر الانتقام لدى “الرجل الأبيض” الذي كشف أن إسرائيل أهم لديه من مواطنيه أنفسهم، ومن مبادئ الإنسانية وقوانينها التي يتفاخر بها “عالم المتحضرين” على عالم المتخلفين!
في ظل التواطؤ الغربي الفاجر، والميوعة الرسمية العربية، يبدو المثال الذي قدّمه غوتيريش، وبعض الساسة والكتّاب والفنانين الغربيين، مهمّا لوضع خط بين التوحّش والإنسانية، الذي هو خط الحياة والموت للغزيين.
وسوم: العدد 1055