هكذا بدأت قصة عشقي لفلسطين!
كنت في عمر مبكر جدا عندما كانت جدتي لروحها الرحمة، كلما ازعجها موقف عابر، تباشر بالدعاء على إسرائيل. لم أكن أدرك تماما ماذا تعني بإسرائيل!؟ وماذا تعني بفلسطين؟! حتى بدأت فلسطين رويدا رويدا تتولى النموذج المعرفي في عقلي، وتطلعني على الأحداث الغير واضحة في مخيلتي حول معنى الوطن وحب الوطن، وكأنها تهذبني من الداخل. كلما جلست في حوار مع عائلتي، لأنظر بعقل واع إلى ذلك المعنى العميق وكنت في الصف الثالث أو الثاني الإبتدائي لا أتذكر تماما. في حينها إحدى المعلمات الرائعات لقنتنا نشيد فلسطين. بدأ هذا الصوت يعلو أكثر فأكثر في داخلي كلما ازددت عمرا، بل وأدركت في المرحلة الثانوية ، أن الوطن لا حدود له في وجداننا، وسوريا وفلسطين توأمتان وحدود بلاد الشام التاريخية لا تتوقف عندهن كمدن.
إن أردنا أن نربي أنفسنا تربية وطنية وصحية ونفسية خالية من النزعة الحدودية المصطنعة؛ التي رباها فينا الاستعمار. أدركت تماما بعد حصولي على إجازة في التاريخ من جامعة دمشق كلية الآداب والعلوم الإنسانية. أن فلسطين قضية كل العرب والمسلمين المركزية، بل هي قضية أخلاقية ودينية قبل أن تكون وطنية. والتوقف عندها ومحاولة دراستها تاريخيا، وإيجاد الحلول المنطقية لها لا يتوقف عند دراستي لها من خلال الماجستير والدكتوراه. بل الأمر أكبر من ذلك وأشمل وأوسع. أدركت أن ذلك الصوت القوي بداخلنا لإعادة الحقوق لأصحابها لن يصمت . بل وقادر أن يوقف تلك الخلايا السرطانية لهذا الكيان الغاشم، الذي أخذ يتمدد في عموم بلادنا العربية للاستحواذ على فلسطين. أدركت أننا بحاجة أن نكون يدا واحدة للقيام بفعل مقاومة بالفكر والكلمة، كي نعرف متى نطلق الرصاص وكيف وأين ومن هو عدونا الحقيقي؟
أدركت أن حدود فلسطين وسوريا وعموم بلاد الشام التاريخية لا تتوقف في مخيلتي إلا مع صرخة كل شهيد تستغيث. لنصنع غدا أجمل. فهي لا تستحق أن ندرسها تاريخيا وحسب. بل تستحق أن نقدم الغالي والرخيص، ونخرج عن حدود الصمت لنصرة الحق، لنقول للأمم المتحدة وهذا العالم الغربي الخبيث الذي يتبجح بحقوق الإنسان في ظل مصالحه فقط،ضاربا بعرض الحائط مفاهيم الإنسانية الحقيقية. إن قرارتكم لن تقتل روح الوطن الحي فينا، لأن فلسطين واسترجاعها هو عقيدة في صلب ديننا، نحن على العهد باقون وأننا لمنتصرون بإذن الله. هذا بالتأكيد ليس تقييم موقف لما يجري حاليا على ساحة غزة، والذي لا يمكننا أن نفصله عن فلسطين الحبيبة. بل هي مقدمة من سلسلة مقالات متتالية للتذكير لكل خائن عن درب الحق. وإهداء لروح الشهداء والشهيدات في فلسطين البررة من نساء وأطفال ورجال صدقوا الله وعاهدوه على الوفاء والجهاد من أجل استرجاع الأرض منذ التغريبة الأولى وحتى يومنا هذا. لأنهم يستحقون وأكثر.
يتبع ....
وسوم: العدد 1058