تقييم موقف
الجزء الرابع من مقالات هكذا بدأت قصة عشقي لفلسطين
بعد الانتهاء من كل حرب، لا ينتهي هذا الصراخ الداخلي بصوته الأصم عن موقف هذا العالم الخارجي المهترئ، الذي لا يؤمن سوى بمصالحه، ويؤكد بعد نهاية كل حرب، أنه لا يوجد مجتمع دولي ولا أمم متحدة ولا دول اوروبية تدعي الديمقراطية وحرية التعبير والإنسانية. يعبرون عن مواقفهم تجاه ما يجري في غزة بالسعي وراء التهدئة المكثفة، لا لصالح العرب الفلسطينين بل لصالح الصهاينة. ويسمون حماس بالمنظمة الإسلامية الراديكالية، وبقية الفصائل بالفصائل المساحة في قطاع غزة وعموم فلسطين، هذا أكثر ما يلفت نظري في الصحافة الأوروبية ؟!
يفضلون حضور مؤتمر في السودان للبحث في قضايا المناخ، الذي يعتبرونه ظاهرة إنسانية، على أن يصموا آذانهم عن طفل يبكي في غزة، أو عمارات سكنية كانوا سببا في هبوطها على رؤوس ساكنيها، وهم يعلمون تماما أن الحروب هي من تلوث المناخ، والتفكير بطريقة غبية لدعم الكيان المزعوم هو من يلوث مناخ السلم الإنساني والعالمي، ولا يزالون يعتبرون أن دولهم ديمقراطية، والأدهى أننا نسير وراءهم ونصدقهم ببلاهتنا أن دولهم ديمقراطية وانهم قوم متحضرون و حقيقيون وننسى كيف تم تأسيس دولهم على جماجمنا وجماجم الشعوب المستضعفة.
لنعود إلى التاريخ ونرى أن كل دولة ولدت من رحم باطل ستبقى بكل مكوناتها ومفهومها للتاريخ والجغرافيا والزمان والمكان باطلة. وستبقى تتعامل مع القضايا الإنسانية بشكل لا إنساني ولا أخلاقي مهما حاولت إثبات العكس. لن تفلح في أن تنزع التاريخ عباءته الحقيقية التي غطت حقيقتها لفترة زمنية محدودة، بل فضحتها رمال الحقيقة وكشفت هذا العار.
وأن مقاومة الشعب الأعزل هي الطريق الوحيد إلى النصر. المقاومة الشعبية التي أوقفت الاستيطان في الانتفاضة الأولى والثانية وفي ثورة القدس والشيخ جراح، وهي دعوة مهمة لاستثمار هذا الانجاز سياسيا على الأرض. وهذا الدرس يجب أن تعيه أولا واخيرا دول الديمقراطية الأوروبية، وكذلك السلطة الفلسطينية، والفصائل الفلسطينية التي تسعى لتمكين نفسها من السلطة غير آبهة بأحلام الشعب الفلسطيني، مع الاحترام لكل فصيل حر شريف يدعم ضمير الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة باسترداد أرضه. مع التنويه أن السلطة الفلسطينية رغم التنصل لنتنياهو من التزامات أوسلو ومحاولاتها تفكيكها لا تزال وفية له لإبقاء التنسيق الأمني شعارا لها. كيف لا ومحمود عباس هو منسق اوسلو، متناسيا وسلطته حق الشعب الفلسطيني في استرداد أرضه ودحر الاحتلال. ولعل هذا يدخل في سياق أكد عليه بنرمان في مؤتمر 1907قائلا:"أن الوطن العربي يمتلك كل مقومات النهضة والقوة ولكن تنقصه فقط القيادة الصالحة". لقد صارت هذه السلطة عبأ على الشعب الفلسطيني وبالمناسبة السلطة الفلسطينية شئ و منظمة التحرير شئ آخر مختلف تماما. يعيه كل حر شريف ويعيه الشعب الفلسطيني الذي آمن بنفسه لمتابعة المقاومة وأن طريق فلسطين إلى الحرية والعدالة المشروعة لإقامة دولته يمر عبر فوهة بندقية. لذلك لا تغتروا بمواقف الدول الخبيثة، ولا تتسرعوا بالحكم لا تزال دماء الشهداء رطبة تستصرخ أهلها بالصبر والمصابرة والمقاومة واستنتاج الدروس المستقاة والمستفادة من الحروب السابقة لمتابعة التحرير الكامل.
وسوم: العدد 1061