كي لا يصبح تهجير غزة أمرا واقعا

يمكن اعتبار ما قاله المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي ،  خلال تفسيره للضرورة الملحة عالميا إلى وقف إطلاق نار إنساني في غزة، تحذيرا واضحا من أن المخطط الإسرائيلي لتهجير أهالي غزة صار، بشكل متزايد، احتمالا كبيرا.

قال غراندي إن «هناك حاجة إلى وقف إطلاق نار إنساني في غزة لمنع النزوح الجماعي المستمر من التزايد خارج نطاق القطاع» في إشارة إلى التهجير نحو صحراء سيناء المصرية معتبرا أن ذلك إذا حصل «سيكون كارثيا بالنسبة للفلسطينيين، الذين يعرفون صدمة المنفى، التي سيكون حلها مستحيلا، ويهدد أي فرصة لتحقيق السلام».

سبق ذلك تصريح أكثر وضوحا لفيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مقال نشره السبت يتهم فيه إسرائيل بتمهيد الطريق لطرد سكان قطاع غزة جماعيا إلى مصر عبر الحدود.

كشف لازاريني أيضا العامل الدولي الذي سمح لإسرائيل بالوصول إلى هذا الاستنتاج، وهو تسامح المجتمع الدولي مع الهجمات الإسرائيلية المستمرة في غزة، والتغاضي عن تجريد إسرائيل للفلسطينيين من إنسانيتهم، وكانت آخر تجلّيات هذا الدعم الدولي للدولة العبرية استخدام الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الجمعة قبل الماضي، حق النقض «الفيتو» ضد قرار وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، بعد مبادرة قوية من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي طالب مجلس الأمن بالانعقاد محذرا من تهديد توسّع الحرب على غزة عالميا، مما دفع 13 دولة للتصويت لصالح القرار، وامتناع بريطانيا عن التصويت.

أحد مظاهر الإحساس بهذا التوجّه الخطير كان رسالة وجهها رؤساء وزارات أربع دول أوروبية، هي إسبانيا وإيرلندا وبلجيكا ومالطا، طالبوا فيها رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي بالاجتماع هذا الأسبوع داعين لهدنة إنسانية دائمة ووقف الهجوم الإسرائيلي على غزة واتخاذ إجراءات لحماية المدنيين الفلسطينيين وكذلك الدعوة لمؤتمر دولي للسلام بشأن غزة في أقرب وقت ممكن، مضيفة الطلب باتخاذ عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية.

أوضح الردود العربية على هذا المخطط الإسرائيلي كان تصريح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي قال، أمس الأحد، إن «ما نراه في غزة ليس مجرد قتل للأبرياء وتدمير لحياتهم من إسرائيل لكنه مجهود ممنهج لإفراغ قطاع غزة من سكانه» مشيرا إلى حصول خلافات كثيرة ظهرت على السطح في المحادثات بين وفد من الوزراء العرب ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في واشنطن، الجمعة قبل الماضي، حول الدعم العسكري الذي تقدمه الإدارة الأمريكية لإسرائيل ورفضها الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

واضح أيضا أن الدعم الأمريكي – الغربيّ المطلق لإسرائيل، وتصاعد رغبة الانتقام الوحشي من الفلسطينيين لدى الحكومة الإسرائيلية، جعلا «الوحش الإسرائيلي» غير قادر على تحمّل أي اختلاف أو نقد لممارساته، مما تجلّى، أمس في رد رسمي إسرائيلي فظ على الصفدي، وكذلك في مكالمة من بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لتوبيخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على موافقة بلاده على القرار الأممي الآنف الذكر لوقف إطلاق النار.

ما هو مستغرب في الموضوع هو عدم الانخراط الرسميّ العربيّ، بشكل جاد وصريح وقوي، في الرد على المخطط الإسرائيلي، وكذلك اكتفاء المواقف الرسمية المصرية، بالحديث عن «خط أحمر» وهو حديث يبدو موجّها ضد الفلسطينيين الذين قد يدفعهم القصف الإسرائيلي، وحالة الإبادة الجارية، نحو الحدود المصرية، أكثر مما هو ضد المخطط الإسرائيلي الواضح للعيان.

(مما يذكر بتهدبد [أبوالغيط] أمين الجامعة العربية حاليا - بتكسير أرجل الفلسطسنيين)!!

وسوم: العدد 1062