إعدام المرشد… وكواليس أحمد منصور … وحديث «الجزيرة زمان»!
بينما أهم بكتابة هذه السطور، اكتشفت أن جهاز التلفزيون مغلق، فقد تخلصت من عادة رافقتني لسنوات، وهي تركه مفتوحاً دون صوت، وعندما اكتشفت أنه يمكنني التخلص من هذه العادة، وجدتني مدفوعاً إلى عدم التخلص منها، على مظنة، أنني سأستيقظ من نومي لأجد «عاجل» الجزيرة: «وفاة الرئيس المصري»، لكني اكتشفت أن هذا يتعارض مع قناعتي الشخصية، بأنه عقوبة، وأنه بعد أن ينتهي من هذه المهمة، فلن يموت هو دون عقاب في الدنيا، على مجمل أعماله، وفي القلب منها المجازر التي راح ضحيتها المئات، ومرت مرور الكرام، مرور ما يحدث الآن في غزة، من حرب التجويع التي عندما سيذكرها التاريخ للأجيال القادمة، ستدرس على أن البشرية كانت فقدت إنسانيتها، ولا أقول تحضرها!
مع هذا الصمت على هذه الجريمة، المنقولة بالصوت والصورة، تكشف أن التحضر ليس سوى قشرة، أو غلاف خارجي، يخفي أن البشرية لا تزال تعيش همجيتها، عندما يبدو العالم الغربي عاجزاً عن وقف هذا الجنون، وهمجية الحكومة الإسرائيلية، والحقيقة هو ركون المتواطئين لا العجزة، فلا شيء تغير. لتنتهي مقولات بعض علماء الأنثروبولوجيا، من أن تطور مجتمعاتنا لا يكون إلا بأن نصبح نسخة كربونية من الإنسان النموذج وهو الإنسان في الغرب، ومع اتساع رقعة الرفض في هذه المجتمعات ضد ما يحدث، فإنه يظل رفض القلة التي لا يمكنها أن تؤثر على القرار السياسي!
المجازر التي ارتكبت في مصر يتم تسديد فاتورتها الآن، وستدفع من لحم الحي، لا سيما وأنها لم تكن قاصرة على أداء من انقلبوا على الحكم المدني المنتخب، ولكن شاركهم في ذلك أقوام رقصوا على الدماء، وفي سابقة لم يعرفها المجتمع المصري من قبل، فقد كانوا في هيستريا وجنون، انظر كيف انتشرت الخصومات بعد 3 يوليو/تموز 2013، وتمزقت الأسر، وتحولت صداقات تاريخية إلى عدوات، هل فقد المجتمع عقله في هذه الفترة؟!
قبل أيام صدر حكم قضائي بإعدام المرشد العام لجماعة الإخوان وعدد من رموز الجماعة، في ما سمي بأحداث المنصة، التي قتل فيها أكثر من مئة فرد من الإخوان وأنصارهم، وهذا ظلم بين، لكن مما يؤسف أن جريمة القتل هذه ارتكبت قبل المجزرة الكبرى، كما ارتكبت جريمة الحرس الجمهوري، ومع ذلك تصرف قادة الجماعة على أن السلطة لن تقدم على فض اعتصام رابعة، وهي واحدة من جملة الأخطاء التي لا يمكن أن تمر تاريخياً مرور الكرام، وهو واحد من الملفات التي تعمل الجماعة كل جهدها من أجل التستر عليها، فإذا قام من يفتح الملف، تم سلخه بألسنة حداد، وهكذا تحمي الجماعة فشل القادة، فيكون ما جرى في 1965، هو ما جرى بالضبط في 2013، فلا خبرات تتراكم، ولا دروس تستخلص!
ومهما يكن، فقناعتي الشخصية، أنه عقوبة، وأن جزاء من يقومون بسفك الدماء يكون في الدنيا، فإذا انتهى من مهمته، لن يؤجل أمره ليوم القيامة، سنة الله في الذين خلوا في الأرض، إذن ماذا أنتظر من «عاجل الجزيرة»، مع هذه القناعة، من أنه لن يموت الآن، والأعمار بيد الله تعالى؟!
البعض كان يعتقد أن الجنرال سيقوم بانقلابه ويسلمهم السلطة يجروا فيها جري الوحوش في البرية، لكن ثبت لهم أنه يسري عليهم المثل الشعبي، في مجال الأحوال الشخصية: «عملت الخائبة للغائبة»!
لقد فاقوا الآن، لكن بعد خراب مالطة.
«أثير» وشاهد على العصر:
نجاح «الجزيرة»، لم يكن لتفوق نشرة أخبارها فقط، ولكن تفوقها كان مع هذا، وليس بعده، مرتبطاً ببرامجها، ومن «الاتجاه المعاكس»، إلى «شاهد على العصر»، إلى «أكثر من رأي»، ثم يأتي «نقطة ساخنة»، و«سري للغاية!
وعندما انطلقت في القاهرة قناة «ماسبيرو زمان» بقرار من وزير الإعلام أنس الفقي، كتبت في هذه الزاوية عن ضرورة أن تكون هناك «الجزيرة زمان»، لتنقل هذا التراث لمن عاصروه، وأيضاً للأجيال الجديدة، ولو وجدت برامجها من يقوم بعملية تحويلها إلى مقاطع فيديو صغيرة عبر منصات التواصل، لوجدت مشاهدات بالملايين، لأن الهواة وجدوا مجالاً تمددوا فيه، فماذا بإمكانهم أن يفعلوا في مواجهة المحترفين؟!
والحلقات القديمة التي تعرض كاملة على هذه المنصات تجد إقبالاً مدهشاً على اليوتيوب وغيره، والأحداث تحيي فكرة برامج قد يعتقد البعض أن الزمن تجاوزها، والحلقات القديمة تجد اقبالاً أكبر مما كان في زمن البث الأول، وقد أعادت الأجيال الجديدة التعرف على الفريق سعد الدين الشاذلي من «شاهد على العصر»، وبعد اندحار العدوان الأمريكي وملحقاته على أفغانستان، بحثنا عن لقاء أحمد منصور مع أحد الناجين من غوانتانامو، مع أنه كان تقريباً (14) حلقة.. شاهدتها بالكامل!
وقد بدأ أحمد منصور إعادة انتاج تراثه عبر منصات التواصل، وبدأت منصة «أثير» بث برنامج عن كواليس مقابلاته، ومن حاوره فيها هو «أحمد طه»!
و»أثير» خطوة في الاتجاه الصحيح، لوضع حد لهيمنة الغرب وتوحشه على الإعلام الجديد، حتى صار مجرد ذكر اسم الحوثيين في منشور غامض، كفيلا بإغلاق صفحة لي على «فيسبوك»!
ولأن «أثير» تنطلق من شبكة الجزيرة، فكان لا بد أن تستعين بالقوة الضاربة فيها، فكان برنامج خديجة بن قنة، ثم هذا البرنامج الذي بث حلقته الأولى نهاية الأسبوع الماضي، عن كواليس بعض مقابلات أحمد منصور مثل مقابلته مع جيهان السادات.
اللافت أنني اكتشفت مما دار بين الإعلاميين «منصور» و»طه»، أن «شاهد على العصر»، رد الله غيبته، كان في عام 1999، وكنت أعتقد أنه مع بداية التأسيس!
طريق الألف ميل يبدأ بخطوة.
مذيعو المهرجانات
مطربو المهرجانات، فعل قديم ووصف حديث، فهو اصطلاح لوصف «الطبقة الرثة» في مجال الغناء، والسلالة المقطوعة من شجرة لهذا اللون من المطربين الشعبيين الجدد، ولا يصح نسبتهم لعدوية، أو حتى لحسن الأسمر، صاحب الصوت القوي المليء بالشجن، إلى أن يظهر بشحمه ولحمه، فيخسر الجلد والسقط!
وتماشياً مع الحالة، أعتقد أن المسمى اللائق بالأذرع الإعلامية لسلطة الانقلاب العسكري في مصر، هو «اعلاميو المهرجانات»، وقد صار دورهم أن يشاركوا في احياء أفراح السلطة ومهرجاناتها، وهي أفراح ومهرجانات مفتعلة، لأن القوم من كآبة المشهد يهربون بإقامة الأفراح والليالي الملاح!
لم نكد نخرج من مهرجان حتى دخلنا في مهرجان، وفي أسبوع واحد، نصبوا مهرجان صفقة رأس الحكمة، وبعد أيام، كان مهرجان تحرير سعر الصرف، مع أن أحدهما ينفي الآخر!
فعندما تم الإعلان عن الصفقة المذكورة كان المهرجان عن هبوط سعر العملات الأجنبية ومن الدولار الى الدينار الكويتي، مرورا بالريال السعودي، ثم كان تعويم الجنيه، ليرتفع سعره في مقابل الدولار من ثلاثين جنيها وكسور، إلى خمسين جنيها وكسور، بما يؤكد أن الصفقة لم تنقذ الجنيه من الوضع المزري، كما قال اعلاميو المهرجانات، الذين اعتبروا أن تحرير سعر الصرف هو انجاز يحسب للنظام، إذاً لماذا لم تطالبوا بذلك من قبل؟!
لقد قال مذيع من مذيعي المهرجانات، وهو يكاد يرقص فرحاً، إن القرار ضربة قاصمة للسوق السوداء، ولا ندري لماذا لم يوقفوا الإجراءات البوليسية لهذه السوق، بعد هذه الضربة القاصمة؟!
أما مذيعة المهرجانات لميس الحديدي، فقد زفت خبر تعويم الجنيه على أنه بشرى وقد تجاوز الخمسين جنيها في اليوم الأول في البنوك، لتذكرنا بالمناحة التي نصبتها في عهد الرئيس محمد مرسي، عندما وصل سعر الدولار إلى ستة جنيهات ونصف الجنيه، واعتبرت أن هذا فشل، وأن على الرئيس أن يتنحى بسبب ذلك!
لقد جعلهم الله آية.
أرض جو:
العيب هو أن تمنح السلطة برنامجاً للموسيقار خالد الجندي في قناة تملكها (دي إم سي)، فينتقل من خلالها بالسيسي لأن يكون كليم الله، بإعلانه أنه تأكد أن بينه وبين الله قناة اتصال، مع ما يمثله هذا من ادعاء على الله، دون خجل أو وجل!
لقد فشلوا في تعويمه على أنه حاكم ناجح، فكان اللجوء إلى الهرطقة الدينية، وتنصيبه درويشاً، فاتهم أن الدرويش مكانه الأضرحة، والموالد، وليس القصر الرئاسي!
كفى تجرؤاً على الله!
وسوم: العدد 1073