نتنياهو ضد العالم!
ألقى بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تابع فيها سلسلة الأكاذيب الحافلة بالتناقضات التي اعتاد إلقاءها، على جمهوره المحلّي، أو في مكان إلقائه المسرحيّ المفضل: الكونغرس الأمريكي، أو في الأمم المتحدة، كما حصل أمس الجمعة، ملتزما حبكة تابع تكرارها ضمن تاريخه السياسي حتى صار متمرّسا فيها.
على الصعيد الإسرائيلي، كشفت مقالة رأي في صحيفة «هآرتس» جزءا من التفاصيل المخزية التي تحاول كلمات نتنياهو وادعاءاته المضّخمة أن تخفيها. قارن المقال نتنياهو برئيس أوكرانيا الذي فضّل البقاء في بلاده التي تخوض حربا وجودية وإلقاء خطابه من هناك، وفضحت بالتالي سبب ذهابه الحقيقي إلى نيويورك، وخوضه «معركة» بيروقراطية لإلقاء كلمته يوم الجمعة كي يقضي يوم السبت في الفندق «لويس ريجنسي» الفاخر مع زوجته المتحكمة بأمور إسرائيل (كما كشف تقرير آخر) ثم ينتقل إلى «جبهة ميامي» حيث ابنه يئير المقيم في فلوريدا في حراسة عناصر الشاباك (المخابرات الداخلية الإسرائيلية) ولعل هذا الكشف هو ما اضطرّه للحديث في كلمته أنه لم يكن يريد المجيء إلى نيويورك «فإسرائيل في حالة حرب وتقاتل من أجل البقاء» على «سبع جبهات»!
يجري هذا، وإسرائيل، حسب الصحيفة، في وضع أمني ـ سياسي ـ اقتصادي ـ اجتماعي فظيع ومخيف، يبدو أنه الأسوأ في تاريخها، ولا أفق أو أمان أو مستقبل لها، وما يهم نتنياهو، هو الحكم والهرب من أفعاله، وما يخيفه هو اللحظة التي يغيب فيها الحديث عنه باعتباره محور «القصة الكبيرة».
يتناظر كشف هذه الحقارة الشخصيّة والعائليّة لنتنياهو مع الصغار والتلاعب والاحتيال الذي يظهره تجاه حراك دول العالم الدبلوماسي لإنزال إسرائيل من فوق جبل الدمار الذي راكمته، وبحر الدماء الذي سفكته، والذي كان آخر حلقاته تكذيبه الصفيق لاتفاقه مع راعيه الأمريكي على إصدار مبادرة لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة.
يتناظر هذا أيضا مع مشهد خروج دول عديدة، بينها تركيا والسعودية وقطر والكويت وايران، وتعالي صيحات الاستهجان من وفود دول أخرى، كخلفيّة مناسبة لوصف المناخ الذي خيّم على مقر الأمم المتحدة عند إلقاء نتنياهو كلمته، بحيث لم يجد، أمام الاستنكار العالمي لإجرامه المعمّم، غير مهاجمة الأمم المتحدة نفسها واصفا عزلها إسرائيل بـ«الوصمة الأخلاقية» في حقها، ولاجئا، كما العادة، إلى اتهام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بـ«معاداة السامية»!
بعد هذا الهجوم الصريح على المنظومة الأممية التي تمثّل شعوب العالم ونظمها ومؤسساتها، كان مثيرا للسخرية أن يدّعي نتنياهو أن إسرائيل لا «تدافع عن نفسها» فحسب، بل تدافع عن العالم «ضد عدو مشترك». الأكثر إثارة سخرية هو وصفه للكيفية التي يقوم بها ذلك «العدو» لتدمير أسلوب حياة العالم وهي «العنف والإرهاب»: الوصفة الأكثر انطباقا على إسرائيل، من أي بلد آخر في العالم، وعلى نتنياهو، أكثر من أي مسؤول في العالم!
وسوم: العدد 1096