تقويم غير موضوعي لحرب حزب الله مع شركائه الأصليين!!
تواصل معي صديق غير سوري.. ودغدغني بقوله: أستاذ زهير أنت رجل موضوعي، وأنا من متابعيك، وأعرف ذلك عنك..
ثم أردف: هل تستطيع أن تقوّم حرب حزب الله، ضد العدو الصهيوني تقويما موضوعيا…
فأجبته، ادعاء الموضوعية أمر سهل على كل الناس. وحتى لو كانت الموضوعية ممكنة فيما تسأل عنه؛ فإن من حقي أن لا أدعيها.. ومن أخبرك عني أنني مثل برنامج الذكاء الاصطناعي، يظل يذكر المستفيدين منه أنه مجرد "برنامج لغوي"، يجيب حسبنا برمجه مبرمجه؟؟!!
احكي لك هذه الحكاية يا صاحبي، لتعبر لك عن الحقيقة التي لا تستطيع أنت وأمثالك إدراكها: فقدنا أنا وزوجتي طفلا وليدا عاش بيننا لمدة أسبوع فقط، وذلك في عام ١٩٨٠
حفظت الوالدة أسماء كل الأطفال الذين ولدوا مع ابنها الفقيد، ممن تعرف، وما تزال منذ أربعة وأربعين عاما تتابع هذا الجيل من الأطفال الذين أصبحوا اليوم كهولا.
تابعتهم يوم دخلوا رياض الأطفال، تقول لي كان محمود سيذهب إلى الروضة، ثم إلى الابتدائية ثم يوم نجحوا في الثانوية؛ تسألني هل كان سينجح في الثانوية، وكم سيكون مجموعه فيها، وأي فرع في الجامعة كان سيختار… ثم بعد سنين، تقول كان محمود سيتخرج من الجامعة، ثم تراه عريسا وتقول كان سيتزوج ويكون عريسا وسيكون له ولد…
حكاية طويلة لا تستطيع أن تفهمها..حتى أنا دائما أذكرها أن محمودنا أصبح عهدة عند الله، وتأبى عيناها إلا أن تطفر..
لا تستطيع، يا صاحبي ولا كل أصحاب عمائم الضلال الذين التفوا حولك، أن تتفهم حكاية الأنثى التي انتهك جنود حزب الشيطان عرضها، أو اغتصبوها أمام زوجها وبنيها وبناتها، ولا مشاعر الأم التي ذبح أبناؤها وبناتها أمام عينيها، وهذه المكلومة والثكلى والأرملة واليتيمة واليتيم ستظل تلعن على مدى الزمان من كان سبب نكبتها، وتلعن معه كل من شدّ على يديه..أو دافع عنه ببنت شفة…
وتسألني عن تقويم موضوعي…
لعلك استمعت إلى ذاك المجرم الأسير الذي كان شيطانا مريدا في سورية؛ كيف جلس مثل الأرنب الوديع بين يدي المحقق الصهيوني، يقول: ما جعلنا نلتحق بحزب الله إلا الجوع والفقر…كنا نجوب لبنان من أدناه إلى أعلاه فلا نجد فرصة عمل…!!
ذريعة مكرورة، سمعناها طويلا منهم ومن غيرهم على مدى عقود.
الفقر يجعل الناس أرق قلوبا، ولا يجعلهم مجرمين مغتصبين. الإيمان يجعل الناس أكثر خشية لله؛ ولا يجعلهم كالذئاب التي لا يعجبها إلا أن تفني القطيع..
تريد التقويم الموضوعي يا صديقي..!!
وأخطر شيء تكشفَ عنه الموقف هو حجم هذه الاختراقات الأمنية في طهران وفي ودمشق وفي لبنان..
والحجم يشمل الكم ويشمل الامتداد والعمق والارتفاع!!
نزل إسماعيل هنية رحمه الله تعالى وتقبله شهيدا، ضيفا على طهران، ولم يكد يطأ ترابها حتى كان العميل يعطي عنه أدق التفاصيل.
بل غادر قاسم سليماني دمشق إلى العراق في رحلة لا تتجاوز الساعتين حتى كان البلاغ عن رحلته قد سبقته، فصار إلى جهنم -إن شاء الله وبئس المصير- أقول إن شاء الله لأنني لا أتألى على الله في أحد.
ثم ها هم تنكشف عوراتهم الأمنية فإذا المال الذي جعلهم قتلة ومجرمين في سورية، قد جعلهم خونة وعملاء وجواسيس في العواصم الثلاث…
لا تمط شفتيك، ولا تزوي وجهك، إذ لم يعجبك هذا التقويم، وموضوعية هذا التقويم وأنت الذي سألتنيه!! كان العربي يقول: والله لو خانتني يميني لقلت لها بيني.
ثم انظر إلى هذا السلاح المرصود الذي لا يكاد يصيب إلا لماما..
تحلة قسم. أو مثل حسو الطير ماء الثماد. هل تظن أن ذلك مصادفة؟؟
أكثر من مائتي صاروخ من إيران.. لو كانت رمية بمقلاع!!
هل استمعت يا صاحبي إلى الرئيس الإيراني يبرأ من قصف منزل نتنياهو في تل أبيب!! ألا تظن أنه قد تم إبلاغ المذكور قبل القصف، إما رسميا، وإما عن طريق الجواسيس!!
أما ترى معي أن هذه اللعبة من أولها إلى آخرها - حاشا ما يجري في غزة ومن أهلها وعليهم- نصرهم الله وأيدهم، ما هي إلا مسرحية يشرف على إخراجها المخرج الهوليدي. شرطي السير يعطي الضوء الأخضر للرشقات كما وكيفا وهدفا وتوقيتا..
وإن لم يكن الأمر كذلك، فلا بد أنك تؤمن أن سلاح المكاومة سلاح "مرصود" هل تعي معنى كلمة "مرصود" معناه أنه درس عليه أصحاب الأسفار في بيت مدراسهم، فكبلوه فهو لا يصيب غير المسلمين، عند إمامنا أبي الحسن الأشعري، وصف المسلم ليس جوازا للجنة.
نعم يا صاحبي لم تحقق حرب أصحابك الذين تريد مني أقومها تقويما موضوعيا، غير أنها فتحت أصوات الجعير باطلاق صفارات الانذار.. بينما ترامت جملة الصواريخ في "الأرض اليباب" مع الاعتذار لإليوت، مع أن الأرض الفلسطينية المحتلة أغليها عامر غير غامر…!! أهي مصادفة أن لا يصيب من كل مائة صاروخ غير واحد!!
لقد تفتح وعيي على حرب ١٩٥٦ وعشنا حكاية بور سعيد، وروينا الروايات التي ترويها اليوم يا صغيري بكل الفخر. ودفعنا نصف ليرة، لمشاهدة فيلم باسم "بور سعيد"، وقاطعنا العرض مرات كثيرة بالتصفيق، واحتفلنا مع الزعيم الأسمر بعيد كان اسمه "عيد النصر" كان في التشارين أيضا، نستمع فيه كل مرة إلى مثل الخطابات التي تدبجونها اليوم، فلما كبرنا خمس سنوات أكثر علمنا أن الرئيس الأمريكي إيرنهاور، هو الذي طلب من القوات البريطانية والفرنسية الانسحاب من قناة السويس، وهو الذي أمر القوات الصهيونية الانسحاب من سيناء..
أظنني خيبت ظنك يا صاحبي..
فقد قلت لك.. أنني لا أستطيع أن أكون موضوعيا، ولو كنتُ لأتحفتك بما هو أكثر من هذا بكثير...
وسوم: العدد 1099