ترجّل الفارس العنيد ..
لقد ترجّل الفارس أبو إبراهيم "يحيى السنوار" تقبّله الله تعالى، بعدما ركّعَ إسرائيل وأذاقها الويلات التي لم تذق مثلها ولا نصيفها طيلة ثمانين سنة مضت، منذ أن قررت احتلال أرض فلسطين عام 1948.
ما فعله صاحبُ الطوفان "يحيى السنوار" ذلك المُعتقل الذي كان محكوماً أربع مؤبّدات لدى الكيان الصهيوني ثمّ خرج بصفقة تبادل قلبَ كلّ استراتيجيات المنطقة بما في ذلك إسرائيل.
فعملية طوفان الأقصى أفقدت الشاباك والاستخبارات الإسرائيلية صوابها، وأفسدت جميع خططها وتدابيرها الخاصة بغزّة، وما جعلها في هيستيرية جنونيّة هو ذلك التخطيط العالي الجودة، المُحاط بتعتيم تام وسريّة عميقة وحصون متينة وتجهيزات إبداعيّة غير مسبوقة ولا مُتوقعة، فكلّ ما رأيناه وصدم العالم أجمع في السابع من اكتوبر 2023 كان بتوقيع الشهيد "يحيى السنوار" وإخوانه المجاهدين.
إنّ الشهيد الغزاوي "أبو إبراهيم" ذلك البطل العنيد استطاع وعلى مدار عام كامل أن يقضّ مضاجعَ المحتلّين الغاصبين، فعيّشهم في أرقٍ مُزمن، وكآبة مُستدامة.
لقد أوجعَ هذا الرجل الستينيّ المتمرس الأعداءَ من جميع الجهات، فعدد قتلى الصهاينة بالمئات، وأسراهم وجرحاهم ومعاقيهم بالآلاف، بالإضافة إلى الآلاف الذين يريدون الهروب مما تسمى "إسرائيل" المزعومة.
وما تشهده المشافي النفسيّة من الاكتظاظ بالضباط والجنود الصهاينة من هول ما رأوه في المعارك أكبر دليل على حجم الضربة التي تلقتها قيادة الكيان الصهيوني الغاشم.
ومما آلمهم أيضاً الانهيار الاقتصادي الذي شلّ حركة البلاد، ناهيك عن الخيبة العالمية التي مُني بها ما يسمى بـ "الجيش الذي لا يُقهر"، فما فعله "السنوار" وطوفانه عجزتْ عنه جيوش الدول العربية والإسلامية جمعاء والتي لا قوة لها إلا على شعوبها وأوطانها فقط.
فقد أخزت تلك العمليّة الأسطوريّة التي قادها سنوار غزّة بجماعة مُحَاصَرة منذ سنوات عدّة في القطاع جميعَ الحُكّام العرب، الذين باعوا كرامتهم وأرضهم مقابل بقائهم على كراسيهم، فكُشفت عمالتهم وخيانتهم لأوطانهم وشعوبهم المقهورة.
ونجح بتفتيح عيون العالم بأسره شعوباً وحكومات على قضيّة فلسطين العادلة التي كادت تموت بفعل حملات التطبيع العربية الآثمة التي أرادت وضع القضيّة في التابوت أو القبر لأجل عيون الصهيونيّة، حتى رأينا ملايين الشعوب الحرّة تنتفضُ في العالم من أجل غزّة، وقامت الحكومات العادلة بالاعتراف بفلسطين، وانقلبت على حكومة الكيان الصهيوني.
لقد برهن الشهيد العسقلاني "السنوار" لجميع المجاهدين والثوّار وأصحاب الحقّ وحركات التحرر في العالم أنّ صاحب الحقّ بإرادته وتصميمه وإخلاصه قادر على فعل المستحيلات ليصل إلى حقّه وينصر قضيته ويُخضع عدوَه ويقهره.
لقد أذلّ أبو إبراهيم رأسَ الكيان الصهيوني المتمثل بالإرهابيّ "نتنياهو" بعدما أعجزه عن إيجاد أسراه وإعادتهم، وعن إخضاع المجاهدين في غزّة، وأفشله في ضرب عزيمة المقاتلين، فلم يثنهم عن متابعة جهادهم ونضالهم في سبيل قضيتهم.
وفي الطوفان أثبتَ "السنوار المجدلي" للعالم همجيّة العدو الصهيوني الذي أظهر قوته، واستعرض عضلاته على الأطفال والمدنيين والنساء والشيوخ والعزّل، تبريراً لعجزه في القضاء على المقاتلين المدافعين عن شرف هذه الأمّة ومُقدساتها، كما أظهر وحشيته العمياء في تدمير غزّة بشكل كامل وبشتّى أنواع الأسلحة المحرّمة، وإحالتها إلى خراب وأثر بعد عين، وفي حصار شعب فقير أعزل، ومنعه الطعام والدواء ولوازم العيش والمحروقات ووسائل الدفء حتى ماء الشرب، إضافة إلى قصفه جميع الأماكن المدنيّة والخَدميّة من مستشفيات ومدارس ومخيّمات وأسواق ومساجد وكنائس، ونسف جميع الممرات والأماكن الآمنة التي حددها للمهجرين والنازحين ثمّ ساقهم إلى الموت.
إن استشهاد المجاهد أبي إبراهيم "السنوار" تقبلّه الله في ساحات الوغى مُقبلاً غير مُدبر بعتاده وسلاحه وذخيرته وهو يناور ويشتبك مع غاصب أرضه الصهيوني لهو شرف عظيم يرجوه كلّ مؤمن، ويتمناه كلّ صاحب حق، فحسبه فخراً أنّه نال الشهادة وهو يقاتل عدوه وجهاً لوجه يذود عن دينه وشرفه وأهله وأرضه لا فارّاً مرتجفاً مختبئاً متوارياً عن الأنظار في الأقبية كصاحب القبّة الحديدية "نتنياهو"، أو في أقنية الصرف الصحيّ كزعيم حزب الله الهالك "حسن نصر الله" وخليفته.
لقد سلّم "السنوار" الراية وترجّل، فما أتوقعه بعد استشهاده سيكون أشدّ وأسوء وبالاً على المحتلّ ممّا قبله، فقد أتعبَ أبو إبراهيم الغزاوي مَن بعده، وحتماً خليفته القادم سيقتدي بسلفه وزيادة، وسيجعل بني صهيون تترحّم ألف مرّة على "السنوار"، فغزّة مدينة المجاهدين وَلّادة مباركة لا تنجب إلّا الأبطال والقادة والفاتحين.
فيا بني صهيون.. القادم أشدّ وأمرّ وأدهى، فانتظروا إنّا منتظرون..
وسوم: العدد 1100