المشهد السوري العام فوضى .. ومشهد نخب المعارضة أشد خربطة واضطرابا
فبعض السوريين تجمعهم العصا، وبعضهم تميل بهم الريح حيث تميل…
وأنا لا أدعي أستذة على الناس، وإنما أنادي عليهم تقدموا فتفكروا ثم قدروا ثم تفاهموا ثم أعلنوا موقفا متقاربا، يشهد له عقل العقلاء، وعلم العلماء، ثم اعملوا عليه بجد، وخذوا أمركم بقوة…
ونصيحتي هذه للسوريين جميعا، وأخص منهم الأعقل فالأعقل. وعكس هذا، هو الحال الذي نحن فيه، وهو الحال الذي كان العرب منذ جاهليتهم يصفونه بأنه "الفوضى" والذي قال فيه أفوههم: لا يصلح القوم فوضى…
أكتب منذ أسابيع أن المتغيرات المتعاظمة في سورية تفرض نفسها على كل العقلاء، فلا يمكن أن يظل الجميع سادرين..
صحيح ما يردده بعضنا:
فإن الماءَ ماءُ أبي وجدي .. وبئري ذو حفرت وذو طويت..
ولكن الماءَ اليوم قد صار "نُهبى" تحت سطوة الضواري المفترسات، ولا ينفعنا يا أهلّنا طولُ التغني، ولن يؤدي بنا كثرة التغني إلا إلى المزيد من التعنّي!!
أحاول إعادةَ "المعايرة" مع كل جديد، شعاع قوة زائد أو ناقص،، متغير حضور أو غياب، أعيد المقابسات، والمقايسات في نفسي، وأبدأ دائما بمثل هذا التقرير:
حقوق الإنسان السوري فردا ومجتمعا في كل مقايسة أو مقاربة، أولا…
أعيد حقوق الإنسان السوري، فردا ومجتمعا، دمه وعقله وعرضه وماله أولا…ولا أراني أسرفت، أو لعلي!! وأرجو أن لا ينازعني في مثل هذا الحياة. نحن
ردّ عليّ قريني، وما أكثر ما أردّ عليه ويرد عليّ: إذا كان لديك كمية من العسل قيمتها عشرة دنانير، ووضعتها في إناء قيمته دينار، ثم جاءك ما يفرض عليك أن تغامر بأحدهما!! العسل أو الإناء!! وما زلت أفكر، ولم أجد المسألة محسومة كما كنت أظن…
تقول لي: لا سورية بغير سوريين فأهمهم أو أحمحم كما حصان عنترة..
وأقول لك: ولا سوريين بغير سورية، وإذا كسرت الإناء الذي قيمته دينار، خسرت الإناء وخسرت العسل..
هي نفسها حكاية جحا الذي قطع رأس العجل حفاظا على الجرة، ثم كسر الجرة!! لعلكم تتفكرون!!
كنت أتساءل نحن هذا الجيل من السوريين الأحرار إلى أين؟؟ وانضاف إلى السؤال: وسورية التي عشقناها وأحببناها إلى أين؟؟ كانت سورية من قبل "بين نابيّ ومخلب الأسد" وصارت بين أنياب ومخالب الروسي والإيراني والأمريكي والصهيوني وما شئت من إنياب ومخالب بعد..!!
إذا كنتم تتابعون أفلام الحياة البرية، فاستعيدوا صورة شلو غزال، اجتمع عليه عشرة من الذئاب..كل يريد أن يسبق إلى مزعة من لحمه الغض الطري، حتى بعض من زعم أنه… وأنه.. وأنه..كلنا يرى ويسمع، ويحوقل ويسبحل..
تلك هي سوريتنا فيما آل إليه وضعها هذه الأيام.. ولا أريد أن أزيد…
دائما أردد على الناس، أهلكتنا بل دمرتنا الحقيقة الهندسية "الخط المستقيم أقرب مسافة بين نقطتين" حين طبقت على أنها أقرب مسافة بين موقع القدمين وبين الهدف المطلوب..
معادلة "كسرت كعوبها أو تستقيما" معادلة صعبة قاسية شديدة، تتنافى والوصية النبوية الكريمة "سددوا وقاربوا" نحتاج إلى مقال لشرح معنى "المقاربة" شرعا وعقلا، كياسة وسياسة، وقاربوا…
قيل للشيخ عندما حاول أن يتلحلح: يا شيخنا خطواتك في الجنة!! أجاب بدي شيء يقطّعني..!!
أتابع تحليلات بعض الأحباب، يكتبون، وكأنهم يكتبون من قاع الخلية السوداء في أعمق أعماق الكواليس!!
أتذكر رسائل بل تقارير كانت تأتينا من أعماق الأعماق، في أوائل الثمانينات، كان يأتينا فيها مثلا، كما يكتب الآن بعضنا: وكان حافظ الأسد مصابا بالزكام، فعطس فناوله رفعت المنديل…!! ثم اكتشفنا أنها مجرد خرابيط!!
يا أصحابنا قليلا من التواضع فيما تقدرون، ولا أظنكم تزعمون، أنكم كنتم للحظة بين البصلة وقشرتها، ولا أظن أن من مصلحتكم إن كنتم هناك، أن تنشروا حولنا فيحها أو ريحها!!..
مهما قلتم أو رأيتم أو أتيتم بأدلة، من عوالم العوالم من ضاربات الودع، أو قارئات البخت؛ فإن المفارقة الأسدية مع مشروع الولي الفقيه، ومشروع ميليشياته بما فيها حزب الله، ومحور ما يسمى المخاتلة والمكاومة.. قد اتسعت حتى صارت هوّة، وذلك ليس بخيار أو اختيار…
ولو اشتغلتم على قياس حجم الهوة، عمقها وعرضها، وكيف يمكننا توسيعها لكان أولى بكم وأولى بنا…
(يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ)
وسوم: العدد 1104