نظرة مالك بن نبي للاستدمار الفرنسي، والجمعية من خلال بين الرشاد والتيه
مالك بن نبي: "بين الرشاد والتيه"، دار الفكر، دمشق، سورية، تصوير 1406ه-1986 عن طبعة 1978، من 177 صفحة.
مقدمة القارئ للأستاذ مالك بن نبي:
سبق للقارئ المتتبّع أن أفرد مقال[1] خاص بقراءته الأولى للكتاب. واليوم يضع بين يدي القارئ الكريم الحلقة الثّانية ممّا يذكره من قبل.
أوّلا: تشريح الاستدمار الفرنسي:
الاستدمار يسخّر قلما لكيلا يكشف عن وجهه. والاستدمار لا يسخّر قلما بل أقلاما. 11
قال أحد المحتلين للجزائر عن الجزائريين: "إنّنا نعطي لهؤلاء عصينا كي يجلدونا بها". 30
يستطيع الاستدمار أن يتحضّر وإن لم يكن مستعدا لتحضير غيره. 79
يجعل الاستدمار من فعلي استدمر و"حضر" مترادفين. والحضارة ليست في نية المستدمر. 120
تحريم العلم، والتقدّم على الجزائريين:
لم تستفد الجزائر من "قرن البخار والكهرباء والنتيجة وصول الشعب الفرنسي وحده إلى عتبة العهد الذري. والشعب الجزائري لم يخرج بعد من مرحلة الأمية. 35
يوجّه الطالب الفرنسي إلى الصناعة الميكانيكية. ويوجّه الطالب الجزائري إلى صناعة الخشب. ويهدف الاستدمار إلى خلق حملة شهادات. 36
بعد أن اختبر الحاكم الفرنسي المحتلّ للجزائر، قال بعد أن خرج الجزائري من مكتبه: "فكر خطير إنّه يعرف الحساب إلى عشرة". 37
إذا كان الفرد متعلّما. فلا يقال أنّه متعلّم. بل يقال نحن "علّمناه". 123
تشويه المجتمع الجزائري:
أنشأ الاستدمار مجتمع جديد ليس بالعربي ولا بالفرنسي. 33
بعد الاستدمار حرم الجزائري من الوسائل. فأصبح على فرنسا أن تدير شؤون بلاده بمفردها. 39
يفضّل المستدمر شيئا من الغموض حول مواقفه. 45
وحشية الاستدمار في ثوب خلاّب:
يضفي الاستدمار على عمليات الاستغلال والقرصنة ألقابا رنانة كـ "رسالة تحضر". 41
من مصلحة الاستعمار أن يخفي دائما أبرع مشاريعه وراء مظاهر خلاّبة. 73
حقد الاستدمار الفرنسي على الجزائر:
قال الوزير بيدو: "إنّني لن أترك الهلال ينتصر على الصليب". 56
احتجّ الفرنسيون في فرنسا على ارتفاع أسعار الفواكه القادمة من الجزائر. والسّبب -في نظرهم- بطء العامل الجزائري الذي يقوم بشحن البضاعة بالموانئ الجزائرية. 70
القاصر والحضانة لدى الاستدمار الفرنسي:
بعد اختلاس مصالح "القاصر" الذي وضعه سوء حظّه تحت "حمايتهم" يختلسون ذاته فيقرّرون اسم "قاصر" إلى الأبد. وبذلك يفقد مفهوم "الحضانة" ويمسي في مصطلح "الحماية". 42
كلّما وضع الاستدمار التّرتيبات اللاّزمة لإفقار المستدمرين ماديا، فإنّه يتبعها بالتّرتيبات لإفقاره أخلاقيا ليظلّ "القاصر" ولا يبلغ سنّ الرشد. 44
في نظر المستدمر فإنّه أيسر على "القاصر" أن يفتح مقهى من أن يفتح مدرسة. ولا بدّ للمقهى أن تضمّ الخمر، والقمار. 43
كلّ مطالبة من القاصر للمستدمر كيما يعترف برشده يعتبر خروجا عن الطّاعة.
يستهدف المستدمر إلى تحطيم كلّ إرادة، أو شبه إرادة تدفع الإنسان المستدمر إلى التقدّم. 43
إرادة الاستدمار تقتضي وضع الإنسان في عالم الأشياء. والشيء لا يقول: فكري، ولقمة عيشي. وبالنسبة للاستدمار فإنّ الخبز كمنحة وليس حقّ. 123
ثانيا: مواجهة القابلية للاستدمار شرط لمواجهة الاستدمار:
تصفية الاستدمار في العقول قبل كلّ شيء. 33
إذا أردت أن تصلح أمر الدولة. أصلح نفسك. 34 -35
التّاريخ ما تصنعه الشّعوب. 60
يبدأ التّاريخ من مرحلة الواجبات المتواضعة. 78
صناعة السّياسة تعني، تغيير الإطار الثّقافي. فصناعة السّياسة تعني صناعة الثّقافة. 76
"إذا كانت الحقيقة سلاحا وكان الكذب سلاحا، فالأولى استعمال السّلاح الأوّل. لأنّ أسوأ نتائجه أقلّ سوءا من نتائج الكذب". 104
الفرد لا يتطور في مجتمع جامد، وإنّما يتهوّر فيه أحيانا. 105
الاستقلال الاقتصادي يرتبط بعاملين: اتّساع الرّقعة وعدد السّكان. 145
فأيّ مشروع نفكّر فيه بأفكار البعض، ونحاول إنجازه بوسائل البعض الآخر معرّض للفشل لا محالة". 152
كلّ مجتمع يصنع بنفسه الأفكار التي تقتله. 131
البذرة التي يقدّر لها أن تنبت يجب أوّلا أن تدفن في التّراب. 152
إذا أردت أن تجد الله فاخدم الإنسان. 155
ثالثا: مالك بن نبي والجمعية:
الجمعية ترفض نشر مقال مالك بن نبي:
حاولت أن أنشر مقالتي "حقد على الإسلام" بتاريخ: 11نوفمبر 1953 باللّغة العربية حتّى تؤدي مفعولها بصورة مباشرة فأرسلت بها إلى جريدة الجمعية "البصائر" وأوكلت لها أمر التّرجمة والنشر. فلم تفعل شيئا. لأنّ جهازها الصحافي باللّغة العربية وباللّغة الفرنسية، كان كلّه تحت تصرّف عملاء نعرفهم، وأردنا أن نكشف أمرهم في حديثنا مع الشيخ العربي التبسي في مناسبات مختلفة، ولكن دون جدوى، لأنّ فضيلة الشيخ رغم ما نعرف له من سمو أخلاق، لم يكن يفقه معنى لأسلوب الصراع الفكري. حتّى عندما يكون هذا الأسلوب في منتهى الوضوح". 59
مالك بن نبي يهدي مقاله للجمعية:
كتب مالك بن نبي تحت مقال: "بين الأفكار الميتة والأفكار القاتلة"، بتاريخ: 5 مارس1954: "أهدي هذه السطور إلى إخواني أعضاء جمعية العلماء لأنّهم أصحاب الفضل والمزية في تكوين جانب كبير من العقل الجزائري وفي تحضير رواد الثّقافة في البلاد". 127
وكتب على هامش نفس الصفحة: "ولكن الغريب أنّ جمعية العلماء -وقد سبق أن أهديت لرئيسها أحد كتبي- لم تجد في كلتي المرتين الفرصة للشكر والإهداء: حتّى أنّني لو كنت أجنبيا لقلت إنّ العلماء المسلمين الجزائريين لا يشكرون هدية الأفكار وإنّما يشكرون هدية الأشياء...". 127
مالك بن نبي يعترف بفضل الجمعية:
كتب في مقال بعنوان: "النقد السّليم"، بتاريخ: 22 جانفي 1954: "الشهادة بالفضل إلى هيئة منظمة معينة لا تقتضي بالضرورة الانتساب إلى هذه الهيئة أو المنظمة.
وفيما يخصني لقد بذلت شطرا من حياتي في سبيل الحركة الإصلاحية، وشهدت في مناسبات مختلفة بالفضل لجمعية العلماء التي قامت في الجزائر بنشر العلم والدين، وتكلمت مرارا في معاهدها دون أن أكون عضوا من أعضائها". 140
وأضاف في هامش نفس الصفحة: "وعلى الأصح دون أن تدعوني هذه الجمعية للمساهمة في شؤونها الإدارية حتّى ولو قدمت لها الطلب من أجل ذلك في بعض الظروف القاسية من حلبة الصراع الفكري". 140
الشرفة – الشلف - الجزائر
الثّلاثاء 9 شوال 1446هـ، الموافق لـ 8 أفريل 2025
[1] مقالنا: بين الرشاد والتيه لمالك بن نبي - معمر حبار
وسوم: العدد 1123