أسئلة محيرة حول سبٌ الصحابة ولعنهم
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي
في زيارة للعتبات المقدسة في النجف بصحبة صاحب أحدى المكتبات العريقية في العراق رحمه الله، كنت اساعده في قراءة بعض الادعية عند دخول الاضرحة، وكان بعضها معلقا فوق الأبواب لمن لا يحفظها عن ظهر قلب. كانت الزيارة عرضية فقد كان الغرض الرئيس من الزيارة شراء إحدى المكتبات الشخصية لأحد رجال الدين المعروفين، وإنتهزناها فرصة لزيارة العتبة المقدسة. ذكر ليُ بأن عنده دعاء وأوصي بقرائته خلال الزيارة وربما يزعجني ما فيه. فقلت له كلا إللهم إلا إذا كان فيه مس أو إساءة لعظماء المسلمين من الصحابة، فسكت خجلا وأعاده إلى جيبه. وبعد مضي فترة طويلة طرق بالي الحديث فطلبت منه أن يذكر ليٌ عنوان الدعاء فأبى، وبعد إلحاح كبير ذكر إنه موجود في عدة كتب منها المصباح للكفعمي.
رجعت إلى الكتاب وكان فيه هذا الدعاء" في القنوتات الطويلة المروية عن كتاب الْبَلَدُ الْأَمِينُ، وجُنَّةُ الْأَمَانِ، هَذَا الدُّعَاءُ رَفِيعُ الشَّأْنِ عَظِيمُ الْمَنْزِلَةِ وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ بِهِ وَقَالَ إِنَّ الدَّاعِيَ بِهِ كَالرَّامِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله فِي بَدْرٍ وَأُحُدٍ وحُنَيْنٍ بِأَلْفِ أَلْفِ سَهْمٍ الدُّعَاءُ :اللَّهُمَّ الْعَنْ صَنَمَيْ قُرَيْشٍ وَجِبْتَيْهَا وَطَاغُوتَيْهَا وَإِفْكَيْهَا وَ ابْنَتَيْهِمَا اللَّذَيْنِ خَالَفَا أَمْرَكَ وَأَنْكَرَا وَحْيَكَ وَجَحَدَا إِنْعَامَكَ وَعَصَيَا رَسُولَكَ وَقَلَّبَا دِينَكَ وَحَرَّفَا كِتَابَكَ وَعَطَّلَا أَحْكَامَكَ وَأَبْطَلَا فَرَائِضَكَ وأَلْحَدَا فِي آيَاتِكَ وَعَادَيَا أَوْلِيَاءَكَ وَ وَالَيَا أَعْدَاءَكَ وَ خَرَّبَا بِلَادَكَ وَ أَفْسَدَا عِبَادَكَ اللَّهُمَّ الْعَنْهُمَا وأَنْصَارَهُمَا فَقَدْ أَخْرَبَا بَيْتَ النُّبُوَّةِ وَرَدَمَا بَابَهُ وَنَقَضَا سَقْفَهُ وَأَلْحَقَا سَمَاءَهُ بِأَرْضِهِ وَعَالِيَهُ بِسَافِلِهِ وَظَاهِرَهُ بِبَاطِنِهِ وَاسْتَأْصَلَا أَهْلَهُ وَأَبَادَا أَنْصَارَهُ وَقَتَلَا أَطْفَالَهُ وَأَخْلَيَا مِنْبَرَهُ مِنْ وَصِيِّهِ وَوَارِثِهِ وَجَحَدَا نُبُوَّتَهُ وَأَشْرَكَا بِرَبِّهِمَا فَعَظِّمْ ذَنْبَهُمَا وَ خَلِّدْهُمَا فِي سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ بِعَدَدِ كُلِّ مُنْكَرٍ أَتَوْهُ وَحَقٍّ أَخْفَوْهُ وَ مِنْبَرٍ عَلَوْهُ وَ مُنَافِقٍ وَلَّوْهُ وَ مُؤْمِنٍ أَرْجَوْهُ وَ وَلِيٍّ آذَوْهُ وَ طَرِيدٍ آوَوْهُ وَصَادِقٍ طَرَدُوهُ وَ كَافِرٍ نَصَرُوهُ وَإِمَامٍ قَهَرُوهُ وَفَرْضٍ غَيَّرُوهُ وَأَثَرٍ أَنْكَرُوهُ وَشَرٍّ أَضْمَرُوهُ وَدَمٍ أَرَاقُوهُ وَخَبَرٍ بَدَّلُوهُ وَ حُكْمٍ قَلَبُوهُ وَ كُفْرٍ أَبْدَعُوهُ وَ كَذِبٍ دَلَّسُوهُ وَ إِرْثٍ غَصَبُوهُ وَفَيْءٍ اقْتَطَعُوهُ وَسُحْتٍ أَكَلُوهُ وَ خُمْسٍ اسْتَحَلُّوهُ وَ بَاطِلٍ أَسَّسُوهُ وَجَوْرٍ بَسَطُوهُ وَظُلْمٍ نَشَرُوهُ وَوَعْدٍ أَخْلَفُوهُ وَ َهْدٍ نَقَضُوهُ وَحَلَالٍ حَرَّمُوهُ وَحَرَامٍ حَلَّلُوهُ وِفَاقٍ أَسَرُّوهُ، وَغَدَرٍ أَضْمَرُوهُ وَ َطْنٍ فَتَقُوهُ وَضِلْعٍ كَسَرُوهُ وَصَكٍّ مَزَّقُوهُ وَشَمْلٍ بَدَّدُوهُ وَ ذَلِيلٍ أَعَزُّوهُ وَ عَزِيزٍ أَذَلُّوهُ وَ حَقٍّ مَنَعُوهُ وَإِمَامٍ خَالَفُوهُ اللَّهُمَّ الْعَنْهُمَا بِكُلِّ آيَةٍ حَرَّفُوهَا وَفَرِيضَةٍ تَرَكُوهَا وَسُنَّةٍ غَيَّرُوهَا وَحْكَامٍ عَطَّلُوهَا وَأَرْحَامٍ قَطَعُوهَا وشَهَادَاتٍ كَتَمُوهَا وَوَصِيَّةٍ ضَيَّعُوهَا وأَيْمَانٍ نَكَثُوهَا وَدَعْوًى أَبْطَلُوهَا وَبَيِّنَةٍ أَنْكَرُوهَا وَحِيلَةٍ أَحْدَثُوهَا وَخِيَانَةٍ أَوْرَدُوهَا وَعَقَبَةٍ ارْتَقَوْهَا وَدِبَابٍ دَحْرَجُوهَا وَأَزْيَافٍ لَزِمُوهَا وأَمَانَةٍ خَانُوهَا اللَّهُمَّ الْعَنْهُمَا فِي مَكْنُونِ السِّرِّ وظَاهِرِ الْعَلَانِيَةِ لَعْناً كَثِيراً دَائِباً أَبَداً دَائِماً سَرْمَداً لَا انْقِطَاعَ لِأَمَدِهِ وَلَا نَفَادَ لِعَدَدِهِ يَغْدُو أَوَّلَهُ وَلَا يَرُوحُ آخِرَهُ لَهُمْ وَلِأَعْوَانِهِمْ وَ أَنْصَارِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ وَمُوَالِيهِمْ وَالْمُسَلِّمِينَ لَهُمْ وَ الْمَائِلِينَ إِلَيْهِمْ وَالنَّاهِضِينَ بِأَجْنِحَتِهِمْ والْمُقْتَدِينَ بِكَلَامِهِمْ وَالْمُصَدِّقِينَ بِأَحْكَامِهِمْ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ عَذِّبْهُمْ عَذَاباً يَسْتَغِيثُ مِنْهُ أَهْلُ النَّارِ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ". ( المصباح/552).
وقفت مشدوها وأنا أحسب الجرائم التي أرتكبها أعظم خلفاء الإسلام بعد الرسول(ص) من قتل، وهذا التقييم ليس من بنات أفكاري لكنه قول للإمام علي ذُكر في أهم مراجع الإمامية "إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر".(الشافي2/428)؟ أي جبل من الجرائم! هدم وإنتهاك أعراض، نهب وسلب، ظلم وقهر، شر ونفاق، إنكار وعصيان، حرب وفساد، إستئصال وإبادة، طرد وإقصاء، كفر وتدليس، إغتصاب وسحت، باطل وإسر وغدر، تحريم الحلال، وحل الحرام، ذل وحيل وخدع، زيف، خيانة أمانه، وتعطيل أحكام الله وقتل الأجنة، وجرائم لا حصر لها تجعل أبي جهل شيخا وقورا أمامهما. بلا شك إن المجرمين الذين كان لهم دورا في إبادة البشرية مثل نيرون وهتلر وبقية الطغاة على ممر التأريخ يبدون متواضعين جدا أمام جرائم أبي بكر وعمر الفاروق! ولو مُثلا الآن امام محاكم على التهم الموجهة إليهما لأعدما عشرات المرات أو قضيا (14) قرنا في المؤبد والأشعال الشاقة..
فلماذا كل هذا الحقد؟ ولماذا التصريح به علنا دون مراعاة مشاعر المسلمين؟ وهل تخدم هذا الإساءات الإسلام أم تضره؟ ولماذا الإصرار على تداول هذا الأدعية منذ أكثر من عشرة قرون؟ ولماذا لا يكون لكبار المراجع موقف صريح وواضح من هذه الإساءات؟ وليس تقية يُعمل بها إمام الجبارة، وتعاف أمام الضعفاء. لماذا يكون اللعن واحد من أهم اركان المذهب؟ وهل يجوز شرعا لعن المسلم لأخيه المسلم؟ وإذا كانت ألسنة الجهلاء لا يعتب عليها فالحمق والجهل يبرران الخطأ ولا يعفيان عنه، لكن لماذا العلماء والمراجع الكبيرة وعدد من المثقفين يأخذون لها؟ لماذا تدرس الكتب التي تضم فنون اللعن وثوابه في الحوزات العلمية؟ ولماذا توزع أدعية اللعن المطبوعة في إيران على شيعة العراق ولبنان واليمن وسوريا ودول الخليج العربي مجانا؟
هل الأئمة وهم أحفاد الرسول(ص) فعلا لا يعرفون وصايا جدهم المصطفى(ص) فيلعنون المسلمين؟ أم هم لا يعترفوا بوصاياه؟ أو هو دين جديد إستحدثوه؟ وهل أحاديث اللعن المنسوبة إليهم حقيقة أم باطل. ولماذا لا يسب أهل السنة الأئمة أو يلعونهم أسوة بالصفويين؟ بل على العكس يوقروهم ويقدروهم بلا مغالاة أو تشويه أو تصنع؟ وكيف سيكون موقف الصفويين لو إنبرى سفهاء من أهل السنة وفعلوا فعلة ثائر الدراجي في الكاظمية مثلا؟ اليس من العجب هناك عشرات الآلاف من سفهاء الشيعة ممن يسبون الصحابة ويلعنوهم، ولا يوجد سفيه واحد من سفهاء السنة يقوم بلعن الأئمة؟ لماذا أعتبر ثائر الدراجي ظاهرة كما قدمته قناة إبراهيم الجعفري الفضائية؟ وإذا ظهر مثله من أهل السنة هل سيعتبر أيضا ظاهرة؟ وهل لعن كبار الصحابة وعدم إحترام مشاعر الآخر يجعل من الإنسان ظاهرة؟ ولماذا هرب الظاهرة بمساعدة حكومة المالكي إلى خارج العراق؟ هل كان الغرض من وراء لعنه هو الحصول على اللجوء السياسي؟ لماذا لم يبق في العراق مدافعا عن ظاهرته ونجوميته؟ هذا الظاهرة كان معلما في حكومة المالكي فأي سموم نفثها في عقول طلابه؟ إن كان الشيعة أقلية لا تزيد عن 10% من مجموع المسلمين في العالم ويفعلون هذا، فكيف سيكون الأمر لو كانوا أكثرية؟
ورد في الحديث الشريف" سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر". (أخرجه أحمد1/446). واللعن يتعارض مع صفات المؤمن، عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان والفاحش البذيء". (أخرجه الترمذي/1977). وعن ثابت بن الضحاك عن النبي(ص) قال " لعن المؤمن كقتله". ( أخرجه البخاري/5754). وروى أبو الدرداء الحديث الشريف" إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً، فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن ، فإن كان أهلاً لذلك وإلا رجعت إلى قائلها". ) أخرجه أبو داود/4905). والأشد نهيا الحديث الشريف الذي اخرجه مسلم "لايكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامه". فهل بعد هذه الأحاديث من محاججة؟
وموقف كبار العلماء يتماشى مع الأحاديث النبوية الشريفة، فقد ذكر الامام الغزالي" لايجوز لعن المسلم أصلاً، ومن لعن مسلماً فهو الملعون، وقد قال رسول الله" المسلم ليس بلعان". (سنن الترمذي2/189). ويزيد كيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم وقد ورد النهي عن ذلك في حديث عمران بن الحصين قال" بينما رسول الله في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك النبي فقال: خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. (جمع الفوائد3/353). وقال ابن حجر الهيتمي" لا يجوز أن يلعن شخص بخصوصه، إلا أن يعلم موته على الكفر كأبي جهل وأبي لهب، ولأن اللعن هو الطرد من رحمة الله، الملتزم لليأس منها، وذلك إنما يليق بمن علم موته على الكفر.
ربما يحتج البعض بأن هذه الأحاديث لا يؤخذ بها عند الإمامية فالأحاديث المنقولة عن الأمة تجيز اللعن وتزيد بالثواب عليه. قال الشيخ الأنصاري" ظاهر الأخبار اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن ـ الشيعي ـ فيجوز اغتياب المخالف، كما يجوز لعنه". (كتاب المكاسب1/319). ويقول الخميني" غيرنا ليسوا بإخواننا وان كانوا مسلمين. فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم". (المكاسب المحرمة1/251). وجاء في وصية الخميني للشيعة" وليعلمون كل أوامر الأئمة عليهم السلام في مجال إحياء ملحمة الإسلام التاريخية هذه، وأن كل اللعن لظالمي آل البيت. والتنديد بهم ليس إلا صرخة الشعوب في وجه الحكام الظالمين عبر التاريخ وإلى الأبد". الخوئي "المراد من المؤمن هو من آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالأئمة الاثنى عشر عليهم السلام: أولهم علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم الحجة المنتظر عجل الله فرجه، وجعلنا من أعوانه وأنصاره. ومن أنكر واحدا منهم جازت غيبته لوجوه: الوجه الأول: أنه ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين ووجوب البراءة منهم وإكثار السب عليهم واتهامهم والوقيعة فيهم أي غيبتهم لأنهم من أهل البدع والريب".(مصباح الفقاهة2/11).
وهناك العشرات من الأحاديث المنسوبة للأئمة التي تصب في نفس الإتجاه يمكن الرجوع إليها في أمهات كتب الامامية. بل إن الإمام الصادق في حديثه عن المهدي الذي لم يكن قد ولد جده بعد! يقول عنه" أن صاحب هذا الأمر يشبه سيدنا يوسف عليه السلام ومن ينكر من الأمة هذا الشبه خنزيراً". ثم لعن الأمة التي تنكر هذا الخبر، الذي أنكره العديد من مراجع الأمامية أنفسهم! إن تنكر خبر لا شواهد تأريخية عليه، وهو ضرب من ضروب الكهانة والتنبوء على أقل تقدير، تكون خنزيرا برأي الإمام، وتلعن أنت وأهلك وعشيرتك وأمتك؟
هل يمكن أن يكون الإمام الصادق بهذا المستوى من الفحشاء والبذاءة؟ هل الإمام يجهل أحاديث جده؟ هل يمكن أن يلعن الأمة الإسلامية ويشبهها بخنازير لأنه تنكر رواية غيبية؟ إن كان الجواب: كلا! فنحن على إتفاق تام. وهذا يعني ضرورة إعادة النظر في مثل هذه الأحاديث التي تسيء للأئمة قبل غيرهم. وأن يكف المراجع عن الإشارة إليها وترويجها بين أتباعهم، سيما غالبيتهم من الجهلة وغير المتعلمين.
وإن كان الجواب: نعم قال الإئمة بها، ونسير على نهجهم ونتبع أوامرهم ففيها الثواب، حتى لو خالفت أحاديث النبي(ص) لأن أحاديث الأئمة مقدمة على أحاديث النبي(ص).
سنتماشى مع أصحاب هذا الرأي الباطل لغرض الوصول إلى الحقيقة. فإن كان الأئمة يوافقون على اللعن فهذا يعني أما إنهم إستحدثوا دينا جديدا لا علاقة له بدين جدهم(ص)، أو إنهم مراوغون وكاذبون! ذكر نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد الأسدي عن عبد الرحمن، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن شريك" خَرَجَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يُظْهِرَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ أَنْ كُفَّا عَمَّا يَبْلُغُنِي عَنْكُمَا، فَأَتَيَاهُ فَقَالَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَسْنَا مُحِقِّينَ؟ قَالَ: بَلَى! قالا: أو ليسوا مبطلين؟ قال: بلى. قَالَا: فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ؟ قَال: َكرِهْتُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا: لَعَّانِينَ، شَتَّامِينَ تَشْتِمُونَ، وَتَتَبْرَءُونَ، وَلَكِنْ لَوْ وَصَفْتُمْ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمْ فَقُلْتُمْ مِنْ سِيرَتِهِمْ كَذَا وَكَذَا، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ كَذَا وَكَذَا، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ، وَلَوْ قُلْتُمْ مَكَانَ لَعْنِكُمْ إِيَّاهُمْ، وَبَرَاءَتِكُمْ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ احْقُنْ دِمَاءَهُمْ، وَدِمَاءَنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَبَيْنِنَا، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَخَيْراً لَكُم. فَقَالَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَنَتَأَدَّبُ بِأَدَبِك".(وقعة صفين/103).
ذكر السيد الرضي"من كلام لعلي عليه السلام، وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام في حرب صفين" إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ، وَلَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ، وَذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ، وَقُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ: اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا وَدِمَاءَهُمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَبَيْنِهِمْ، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ ". ( نهج البلاغة الخطبة/ 206). وقال الإمام علي عن الشيخين أبي بكر وعمر"وكان أفضلهم في الأسلام كما زعمت وأنصحهم لله ولرسوله الخليفه الصديق والخليفه الفاروق ولعمري أن مكانهما في الأسلام لعظيم وإن المصاب بهما لجرح في الأسلام شديد رحمهما الله وجزاهما بأحسن ماعملا". (نهج البلاغه/143). وذكر الثقفي عن الإمام علي حول بيعته لأبي بكر" مشيت عنـد ذلك إلى أبـي بكر فبـايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت، كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً". ( الغارات2/305). وروى المجلسي الذي يسمى وهو عند الإمامية خاتمة المجتهدين وإإمام الأئمة في المتأخرين رواية قال عنها"موثوقة " عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه:أوصيكم في أصحاب رسول الله(ص)، لا تسبوهم، فإنهم أصحاب نبيكم، وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً، ولم يوقروا صاحب بدعة، نعم! أوصاني رسول الله(ص) في هؤلاء". (حياة القلوب للمجلسي2/261).
أما الإمام الحسن فقد كان من شروط صلحه مع الخليفة معاوية أن " يعمل ويحكم في الناس بكتاب، وسنة رسول الله، وسيرة الخلفاء الراشدين" (منتهى الآمال2/212). ونقل الكليني عن الإمام الصادق "سألته عن أبي بكر وعمر: أأتولهما؟ فقال لها: توليهما. فقالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟؟ فقال لها: نعم". ( الروضة من الكافي8/101). ونقل المرجع الأربلي" عن عروة بن عبدالله قال سالت أبا جعفر محمد بن على (ع) عن حلية السيف ؟ فقال : لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق سيفه. قال: قلت: و تقول الصديق؟ فوثب وثبة، واستقبل القبلة، فقال: نعم الصديق. فمن لم يقل الصديق فلا صدق الله له قولاً فى الدنيا والآخرة". (كشف الغمة2/147). ونقل الطبرسي عن الباقر "لست بمنكر فضل أبى بكر، ولست بمنكر فضل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر". ( الإحتجاج). وورد في كتاب "عيون أخبار الرضا" لابن بابويه القمي (1/313) أن علياً رضي الله عنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر". وذكر الحسن العسكري "إن رجلاً ممن يبغض آل محمد وأصحابه الخيرين أو واحداً منهم يعذبه الله عذاباً لو قسم على مثل عدد خلق الله لأهلكهم أجمعين". (تفسير الحسن العسكري/ 196).
هذه هو الإمام علي والأئمة بصورهم الحقيقية وشخصياتهم اللامعة وأخلاقهم السامية ومكانتهم اللائقة، ليس تلك الشخصيات الهزيلة التي رسمها لهم الشعوبيون. الإمام يرفض أن يقوم أتباعه بسب أعدائه ولعنهم وينهاهم عنه مع أعدائه وهو على حق ويقين. فهل يعقل من له ذرة من العقل والإيمان أن يسب الإمام علي الصحابة ويلعنهم؟
هاتان صورتان مختلفتان بل ومتناقضتان لشخصيات الأئمة. الصورة الشعوبية البشعة المعتمة التي يظهر فيها الأئمة بشخصيات هزيلة بذيئة جاحدة. وصورة بيضاء ناصعة تنقل الحقيقة المطرزة بوشائح إيمانهم العميق ومكانتهم الرفيعة، وصفاء سيرتهم.
أي مسلم حقيقي وصاحب عقل رشيد ووعي ديني، سيرفض الصورة المشوهة ويأخذ بالصورة البيضاء الناصعة. فما معنى أن يصر البعض على ترويج الصورة البشعة؟ لو إفترضنا وجود روايتين متناقضتين للإمام علي مثلا. أولهما تظهره لعانا سبابا فسوقا مراوغا وكذابا وقليل الإيمان. والأخرى تظهره مؤمنا نزيها زاهدا كريما ومحسنا ومخلصا. فأي من الروايتين نختار؟ وأية منهما تمثل حقيقته؟ وأية منهما تتناسب مع سيرته وبطولاته؟ وأية منهما تعلي من شأنه وشأن الأئمة، وشأن الإسلام؟ وأية منهما تتوافق من القرآن والسنة النبوية الشريفة؟ ولو إفترضنا جدلا وجود جوانب سلبية عند بعض الصحابة ـ معاذ الله ـ فهل نسلط عليها الضوء ونجاهر بها فيستفيد منها اعداء الإسلام، أم نتركها جنبا ونأخذ الجوانب الإيجابية؟
لم ينتهِ المشوار بعد، وسنكمل بمقال قادم بعون الله.
عود على بدأ!
ملاحظة: المراد أينما وردت كلمة شيعة هو التشيع الصفوي.
لا أحد يجهل من قتل الإمام علي ولماذا وكيف؟ ولا يخفى على احد أين قتل الإمام؟ وما هو مذهب من قتله؟ وكلنا يعلم كيف تصرف الإمام مع قاتله والجملة الشهيرة التي قالها" لقد فزت وربٌ الكعبة" وأمره أولاده بمعاملة قاتله معاملة حسنة، لحد معرفة مصيره. مع هذا سنأخذ ملخصا مقتضبا للموضوع إستذكارا له من جهة، ولإرتباطه بمجريات الأمور الحالية ومبحثنا من جهة أخرى. وسنعتمد كالعادة روايات الإمامية حول الموضوع. فقد ذكر الشيخ المفيد الرواية التالية والتي نقلها الشيخ جعفر النقدي" من الأخبار الواردة بسبب قتل الإمام علي (عليه السلام)ما رواه جماعة من أهل السير، منهم: أبو مخنف، وإسماعيل بن راشد الرفاعي، وأبو عمرو الثقفي، وغيرهم: إن نفراً من الخوارج اجتمعوا بمكة، فتذاكروا الأمراء، فعابوهم، وعابوا أعمالهم، وذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم! وقال بعضهم لبعض لو انا شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلال، فطلبنا غرتهم، فأرحنا منهم العباد والبلاد واخذنا ثار إخواننا الشهداء بالنهروان، فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك! فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله: أنا أكفيكم علياً، وقال البرك بن عبد الله التميمي: أنا أكفيكم معاوية، وقال عمرو بن بكر التيمي: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، وتعاقدوا على ذلك، وتواثقوا على الوفاء، واتعدوا الشهر رمضان في ليلة تسع عشرة منه، ثم تفرقوا. فاقبل ابن ملجم لعنه الله، و كان عداده في كندة حتى قدم الكوفة، فلقي بها أصحابه، فكتمهم امره مخافة ان ينتشر منه شئ، فهو في ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت أخضر التيمية، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام)قتل أباها وأخاها بالنهروان، وكانت من أجمل النساء، فلما رآها ابن ملجم لعنه الله، شغف بها،واشتد إعجابه، فسأل في نكاحها وخطبها! فقالت له: ما الذي تسمى لي من الصداق؟ فقال لها: احتكمي ما بدا لك؟ فقالت له: انا محكمة عليك ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب!
قال: فانىّ لي بذلك. فقالت: تلتمس غرته فانْ أنت قتلته شفيت نفسي، وهناك العيش معي، وانْ قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا. فقال: انا والله ما أقدمني هذا المصر، و قد كنت هاربا منه لا آمن من أهله إلا ما سألتيني من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت! قالت: فانا طالبة لك بعض منْ يساعدك على ذلك ويقويك !، ثم بعثت إلى وردان بن خالد من تيم الرباب، فخبرته الخبر وسألته المعاونة لابن ملجم، فاحتمل ذلك لها. فخرج ابن ملجم فاتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بحرة فقال له: يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: تساعدني على قتل علي بن أبي طالب، وكان شبيب على رأي الخوارج، فقال له: يا بن ملجم هبلتك الهبول، لقد جئت شيئا إدا، وكيف نقدر على ذلك؟ فقال له ابن ملجم: نكمن له في المسجد الأعظم، فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به! فانْ نحن قتلناه شفينا أنفسنا، وأدركنا ثارنا! فلم يزل به حتى اجابه! فاقبل معه حتى دخل المسجد على قطام، وهي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة! فقال لها: قد اجتمع رأينا على هذا الرجل. فقالت لهما: فإذا أردتما ذلك فأتياني في هذا الموضع، فانصرفا من عندها. فلبثا أياما ثم أتياها ومعهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلون من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، فدعت لهم بحرير، فعصبوا به صدورهم، وتقلدوا سيوفهم، ومضوا، فجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين (ع)إلى الصلاة! وقد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) فواطاهم على ذلك. وحضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه. وكان حجر بن عدي (ره)تلك الليلة بائتا في المسجد، فسمع الأشعث بن قيس يقول لابن ملجم: النجا النجا لحاجتك فقد فضحك الصبح؟ فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له: قتلته يا أعور، وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيخبره ويحذره من القوم، فخالفه أمير المؤمنين (عليه السلام)فدخل المسجد، فسبقه ابن ملجم لعنه الله فضربه بالسيف! فأقبل حجر، والناس يقولون: قـُتـِلَ أمير المؤمنين(ع)". (راجع الأنوار العلوية/366). وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في أماليه بسنده إلى الأصبغ بن نباتة" لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام غدونا عليه نفر من أصحابنا: انا، والحارث، وسويد بن غفلة، وجماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء من الدار". وذكر محمد بن السائب بأنه اخرجت جثته ليلا من قبل" الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة. مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم (موسوعة شهادة المعصومين1/379).
لا إختلاف في الروايات إلا قليلا لأن مصدرها أبي مخنف. المهم إن من قتل الإمام علي هو عبد الرحمن بن ملجم، قتله وهو في طريقه للمسجد وليس أثناء الصلاة، ودفن سرا في الكوفة خشية من إخراج جثته والعبث بها من قبل الخوارج. معذرة عن الإطالة فالغرض منها التوضيح فقط.
والآن من قتل الحسين؟
ذكر الشيخ محسن الامين " بايع الحسين من أهل العراق(120000) وغدروا به وخرجوا عليه، وبيعتهم في أعناقهم، وهم قتلوه".(أعيان الشيعة1/41). ويضيف كاظم الاحسائي النجفي بأنه" الجيش الذي خرج لحرب الحسين(300000) كلهم من أهل الكوفة". وحذر الفزدق الإمام الحسين من أهل الكوفه بقوله" قلوبهم معك وسيوفهم عليك". (عاشوراء/ 89). وتشير مصادر الإمامية بأن سنان بن أنس النخعي هو الذي قتل الحسين. وأجهز عليه، كما قام خولي بن يزيد الأصبحي بحزٌ رأسه. وفي روايات اخرى الشمر بن الجوشن. أما الذي قتل العباس بن ابي طالب فهو زيد بن رقاد الجبني وحكيم السنبسي من طيي. اما الذي قتل جعفر وعبد الله اولاد علي بن أبي طالب فهو هاني بن ثبيت الحضرمي. وكانت طرق قتلة الحسين أسوأ من طريقة قتله. فعبيد الله بن زياد قُتل وحُز رأسه وأرسل الى المختار الثقفي مع رؤوس حصين بن نمير و وشرحبيل بن ذي الكلاع واعيان اصحابهم. كما قتل عمر بن سعد وحُز رأسه وتأسف إبنه حفص على قتله وتمنى لو كان مكانه! فالحقه المختار بأبيه قائلا" عمر بالحسين، وحفص بعلي بن الحسين". وجاء في بحار المجلسي بأن المختار طلب شمر بن الجوشن وأرسل نفرا لقتله وقد التقاهم الشمر في البادية فقاتلهم قتالا شديدا حتى أثخنته الجراح فأخذوه أسيرا الى المختار فحز عنقه، ورماه في قدر مغلي من الدهن. وفي رواية أخرى رميت جثته للكلاب.
ذكر المجلسي عن الشمر" هو من قبيلة بني كلاب ومن رؤساء هوازن، كان رجلا شيعيا شجاعا شارك في معركة صفين الى جانب أمير المؤمنين(ع) ثم سكن الكوفة ودأب على رواية الحديث". (سفينة البحار1/714). وأضاف محسن الأمين الحسيني العاملي" كما شهد صفين شبث بن ربعي وشمر بن ذي الجوشن الضبابي، ثم حاربوا الحسين(ع) يوم كربلاء وهم من شيعة أمير المؤمنين علي، فكانت لهم خاتمة سوء". (في رحاب ائمة أهل البيت1/9) . وذكر الشيخ المفيد" ثم حدثت خيانة الشيعة المجرمين الذين بايعوا الحسين ثم قتلوه". (الإرشاد2/95). كما قطع الاشتر أيدي وأرجل أبحر بن كعب وأحرقه بالنار. كذلك قتل الاشتر ابو الاشرس وكان من أعيان جيش عبيد الله بن زياد وحز رأسه وارسله إلى المختار. وقتل المختار أسود الأوسي واحرق جسده بالنار. وكانت جريمة الاوسي إنه نهب نعال الحسين بعد موته فقط! كما قتل المختار أسود بن حنظلة، واحرق جسده بالنار. وكان أسود قد اخذ سيف الحسين. وقتل بجدل بن سليم الكلبي بقطع رجليه ويديه بدعوة نهبه خاتم الحسين. وقتل بحير بن عمرو الجرمي بقطع رجليه ويديه بدعوة اخذه سروال الحسين. وقتل عثمان بن خالد ويسر بن ابي سمط وكانا قد اشتركا بسلب الحسين. كما قتل ابن حوشب وابن ضبعان وابن مالك، وكانوا من أعيان جيش عبيد الله بن زياد كما قتل اياس بن مضارب وحز رأسه. كما قتل عدد هائل من جيش عبيد الله. ويضيف الدينوري" استمر المختار في الطلب بثار الحسين وتتبع قتلته فقتل عبيد الله بن زياد، وعمير بن الحباب، وفرات بن سالم، وشمر بن الجوشن، وكثير غيرهم". ( الأخبار الطوال/293). وذكر المجلسي عن الطوسي في أماليه" كان شمر لعنه الله في جيش أمير المؤمنين(ع) يوم صفين". (البحار4/492). وقال إبن حجر"كان زياد قوي المعرفة، جيد السياسة، وافر العقل، وكان من شيعة علي، وولاَّه إمرة القدس، فلما استلحقه معاوية صار أشد الناس على آل علي وشيعته، وهو الذي سعى في قتل حجر بن عدي ومن مع". (لسان الميزان2/495).
عرفنا الآن من قتل الإمام علي ومن الذين قتلوا الإمام الحسين ولأي مدينة ينتمون، وأي مذهب يعتقدون، ومن هم خلفهم. وإنتهى موضوع "ثأرات الحسين" بقتل من شارك في قتله أو سرق متاعه او تفرج على مقتله.
من المعروف إن الشيعة الصفويين يمقتون أسماء عبد الرحمن وشمر وزياد ويزيد ومعاوية ولا يتسمون بهذه الأسماء. وفي نفس الوقت يكرهون اسماء بكر وعمر وعثمان ولا يتسمون بها.
السوال الذي يحيرني حقا ولم أجد له جواب شافي لا في (التهذيب) ولا في من (من لا يحضره الفقية) ولا في (بحار المجلسي) ولا في أصول الكافي ولا في بقية مصادر الإمامية. إن من قتل الإمام علي هو عبد الرحمن بن ملجم، وإن من قتل الحسين هو الشمر بن الجوشن وبقية الجوقة. حسنا من هو الأوجب فرضا ـ مع رفضنا اللعن والسب رفضا باتا لأنه يعارض أخلاقية المسلم وقيمه واقوال الائمة انفسهم ـ باللعن والسب؟ هل هم عبد الرحمن بن ملجم والشمر وعبيد الله بن زياد والبقية، أم عائشة وأبي بكر وعمر وعثمان.
لماذا لا يسب الشيعة من قتل الأئمة ويسبون غيرهم من الصحابة؟ سؤال إلى أخواني واهلي الشيعة وليس المراجع، كفانا الله تعالى شرهم. وما علاقة أم المؤمنين و أبو بكر وعمر وعثمان بمقتل الأئمة لكي يشتموا ويلعنوا؟
هل السبب لأن من قتل الإئمة هم من شيعتهم؟ لذلك يحرفون إتجاه بوصلة اللعن والشتم من جماعتهم الى غيرهم ممن لا علاقة بالفاجعتين؟ حتى يزيد الذي لم تثبت أمهات كتب الشيعة مسؤوليته المباشرة عن مقتل الإمام الحسين فهو بعيد عن لعنهم وشتمهم! مع إنهم يرددون شعارا متعارف عليه بينهم" سب يزيد ولا تزيد!". إذن لماذا يزيدون؟
ولو إفترضنا جدلا ـ وهو باطل بالطبع ـ بأن عمر قد كسر ضلع الزهراء كما يزعم الصفويون، فهل يعقل أن يسبوا من كسر الضلع ويتسامحون مع من قتل غيلة وغدرا زوج صاحبة الضلع المكسور؟ الا يعني هذا الأمر بأنه لا يتعلق بمقتل الأئمة وإنما بإثارة الفتنة والشقاق بين المسلمين لا أكثر؟ وإن موضوع اللعن ذو سمة شعوبية واضحة.
الخليفة الفاروق قُتل من بين بين الخلفاء الثلاث في المحراب أثناء الصلاة، والإمام علي أختلف الرواة والأكثر منهم يشير أثناء طريقة للمسجد. فلماذا يسمون الإمام علي شهيد المحراب وهو غير ذلك؟ فشهيد المحراب هو الفاروق فقط؟ بل إنهم اطلقوا الصفة(شهيد المحراب) على محمد باقر الحكيم وقد قتل خارج المحراب أيضا! حتى الصفات سرقوها من الخلفاء و أضفوها على الإمام وهو في غنى عنها!
لماذا يعظم الشيعة أبو لؤلؤة المجوسي قاتل الخليفة الثاني، في حين يحتقر أهل السنة قاتل الخليفة الرابع وكلاهما خليفة للمسلمين وقتل على أيدي الأشرار؟
لو قامت المملكة السعودية بكتابة جدارية على قبر أبو لؤلؤة الحقيقي وليس الكاذب في إيران" لعن الله أمة قتلتك" هل يسكت الشيعة ويمررونها كما مررها أهل السنة؟ حيث توجد جدارية في كربلاء" لعن الله أمة قتلتك". (أي الأمة العربية والإسلامية).
لو قامت السعودية على سبيل الفرض ببناء مزار لعبد الرحمن بن ملجم كمزار أبي لؤلؤة في إيران والباديء أظلم! كيف سيكون موقف الشيعة؟
90% من المسلمين السنة يراعون مشاعر 10% من الشيعة. فلماذا لا تراعي الأقلية مشاعر الأكثرية بالمقابل؟ هل هو التحدي أم سماحة أهل السنة، أو إستضعافهم؟
قبل فترة صرح شيخ الأزهر بأن اهل الشيعة أخواننا ونصلي خلفهم وهم فعلا كذلك. هل يستطيع أي من المراجع الأربعة في النجف واسيادهم في قم أن يصرحوا بتصريح مماثل لشيخ الأزهر؟ هل يستطيع المراجع أن يصدروا فتوى صريحة بلا تقية، تقر بأن اهل السنة مؤمنون و ليسوا كفارا، وجواز التعبد على مذهب اهل السنة و الجماعة؟ وإن الخلفاء الثلاثة ليسوا ظالمين ولم يغتصبوا الخلافة؟ وإن الصحابة لم يرتدوا عن الإسلام وليسوا بكفار؟ وتدريس المذاهب الأربعة في الحوزة إسوة بالأزهر الشريف؟ الجواب معروف مسبقاّ والسبب معروف أيضا.
نسأل الله تبارك أن يهدي الجميع إلى طريق الإيمان الصحيح والصراط المستقيم، ويعزز من الأخوة الإسلامية، ويدحر فلول الصفويين والشعوبيين، وكل من يضمر الشر للمسلمين ويعلن خلافه.