كبش الشباب والمتزوجين
معمر حبار
هناك ملاحظة استرعت الانتباه، وهو يتتبعها المرء من سنة لأخرى. مفادها أن هناك تغاضيا وتغافلا عن السنّة النبوية الشريفة التي تعتمد على الإنفاق، ودفع المال. ولعلّ من الأمثلة البارزة على ذلك، مايتعلق بالأضحية.
من عادة الأسر، أن الأبناء يشتركون مع الأب في ثمن الأضحية، وبغض النظر عن حسنات هذه العادة ، كان على المجتمع أن يربي العزاب القادرين، أن يضحوا بأنفسهم ولأنفسهم. وعلى المتزوجين والساكنين ضمن العائلة الكبيرة، أن يضحوا لأنفسهم ولعائلتهم، ولاينتظرون أضحية الأب، ولا الشراكة في الأضحية. فيتعلّمون القيام بالسنّة النبوية بمفردهم، فينالون ثواب الأضحية، وأجر الصدقة، وفضل الهدية، فيكبر أبناءهم على الفضل والعطاء.
إن الأسرة التي يخرج من بيتها 04 كباش للصدقة والهدية، أفضل من أسرة يخرج منها كبش واحد، وهي قادرة على إخراج 04، لأنها حرمت نفسها فضل العدد، واكتفت بواحد.
إن الشاب الأعزب والمتزوج، الذي يرفض الأضحية، ويكتفي بأضحية الأب، تراه ينفق المال الكثير طيلة أيام السنة .. على أفراح وأعراس، وهدايا، ونزهة، وتسلية، وحدائق، وبحار، وجبال، وأحباب وأصحاب. لكنه في نفس الوقت، يصغرأمام أداء شعيرة الأضحية، ويعلن لمن افتخر أمامهم، أنه الأصغر الذي لايستطيع أن يضحي، وأن الأب ينوب عن أفراد الأسرة، وهو الأعزب ذو الراتب الأحسن، والمتزوج صاحب المنصب العالي، فيرضى لنفسه الصغر.
طيلة العقود الأربعة ، لاأعرف إماما تطرق لهذا الموضوع في درس أو خطبة. ولم أقرأ لمثل هذا الموضوع على فقيه أو غيره.
إن حديث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، لاينافي إطلاقا حثّ الشباب على الأضحية لمن استطاع، بل يعضده ويقويه.
هذه الأسطر، لاتتطرق لمسألة الاستطاعة من عدمها، فذاك أمر مشاهد معلوم، يعذر بشأنها من لم يستطع، ويجازى من أقدم عليها. لكن الأهم هو ضرورة استيعاب الشاب الأعزب، و غير المتزوج، و المتزوج تحت سقف العائلة، لأهمية الأضحية عن النفس، وأهله وأبنائه وأنه لوحده يمثل أسرة مستقلة، تستوجب القيام بمفرده بهذه الشعيرة، دون الاعتماد على الأب، وهو الأعزب الغني، والزوج صاحب الأولاد.
إذا كان الاعتماد على النفس، فضيلة ينشدها المجتمع ويسعى إليها، فإن أضحية العازب المقتدر، وأضحية المتزوج الذي يعيش تحت سقف الأسرة، تدخل ضمن إطار الاعتماد على النفس، التي يحبها الفرد ويشجها المجتمع، ويفتخر بها الزوج، وتغرس المثال الحسن للنشء القادم.