إعادة البناء النفسي للأمة
خليل الجبالي
مستشار بالتحكيم الدولي
البناء النفسي للشعوب يعيد الثقة في قواها العلقية ومن ثم يتيح لها التفكير والإبداع اللذان يؤديان إلي التخطيط والبناء للإستفادة الجيدة من المقدرات والإمكانيات للأفراد والأوطان.
نحن العرب والمسلمون بحاجة أن نعي الدرس جيداً نحو بناء قوانا النفسية التي لا محال عنها إن حاولنا أن نحافظ على بقاءنا في هذه الحياة حتى تُتاح لنا لقمة العيش الكريمة.
إن حماية النفس والمحافظة عليها هي مستقبل الأمم ولن يتم إلا باستشراف المستقبل والإعتماد علي الأجيال القادمة بدلاً من قراءة خططنا الاستراتيجية وأوراقنا المستقبلية بالمقلوب.
فالبناء النفسي هو الضرورة الملحة والتي يجب أن تترسخ داخل كل إنسان لتبين مدي قناعته ومدي عطائه ، ولن يكون ذلك إلا بعدة نقاط منها :
- بناء الجانب الإيماني والروحي في نفوس الشعوب ، والتأكيد علي معيَّة الله وقدرته وعطائه ومنعه.
- تهيئة أماكن العبادة والمحافظة علي حرمتها بما يتناسب مع التزام الشعوب وانضباطها في الجوانب التعبدية لله سبحانه وتعالي ، والتي لا مناص منها في تنفيذ أوامره سبحانه ، وتهيئة النفوس لطاعة الأوامر واجتناب النواهي، مع رفع أيدي الحكومات عن التدخل في تلك الأماكن بما يحقق الأمن والأمان لعباد لله.
- تفجير الطاقات واكتشاف المواهب لدي الشعوب العربية والإسلامية ، وتبني الإبتكارات والإختراعات وإخراجها حيز التنفيذ، وتحفيز الآخرين على استغلال العقل في التفكير والتدبر بدلاً من التدمير والتشرد.
- تهيئة الجو المناسب والأماكن الفسيحة للانطلاق والترويح وانتعاش الأجسام نحو إعادة نشاطها مرة أخري.
- تفعيل التأمين الصحي والعناية الجيدة والحقيقية بصحة الشعوب ، وحمايتها من الأمراض والأوبئة مع الاستفادة من العقول العلمية المهاجرة ، وخاصة الهاربة من الكبت والبطش العلمي والمادي من حكومات بلادها، وأن يستفاد منها علي مستوى البلاد العربية والإسلامية إن لم ترغب العودة إلي بلادها مرة أخرى.
- توجيه أموال الأمة في إعادة بناء كيانها العلمي والاستراتيجي ، والبعد عن الإسفاف والتبذير والتفريط مما يولد نوع من الثقة لدى الشعوب نحو حكوماتهم.
- إيجاد كوادر جديدة تحمل عبء المسئولية في جميع النواحي ، وتوفير الإمكانيات اللازمة لذلك، وتأهيل ورفع كفاءة الكوادر المسئولة حالياً ، والتركيز علي التطوير الفني في الأداء بدلاً من الانتشار الأفقي وكثرة أعداد المسئولين دون جدوة تُذكر.
- إعادة وتنقيح وصياغة القوانين واللوائح والدستور بما يتناسب مع الشورى الحقيقية، والديمقراطية الواقعية، وحرية الشعوب في ظل ضوابط الشرع والدين، مما يهيئ الجو النفسي الصحي والطبيعي نحو التفكير في الإبداع والثقة في إعادة بناء قُوَى الأمة من جديد.
- استخدام ميزان الشرع في السلوكيات والأخلاقيات نحو أفراد الشعب فيما بينها وفيما بين الحكومات.
- ترسيخ مبادئ الحرية والديمقراطرية لدي الشعوب وتدوال السلطة، مع شعورهم بالمصداقية في المحافظة علي إختياراتهم السياسية.
- ترسيخ مبادئ الحق والعدل والمساواة بين أفراد الشعب ، والمحافظة علي الحقوق مهما كانت درجة قرابة الأفراد من السلطة.
- إيجاد مناخ إيجابي بين الحكام وشعوبهم ليتسم بالمصداقية والثقة والنصح والإرشاد.
- التخلص من تبعية الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية السياسية والإخلاقية والسلوكية مع الإستفادة فقط من تقدمهم العملي والتكنولوجي بما يعود علي الشعوب بالنفع والتقدم.
إن هذه النقاط ليست هي نهاية المطاف ، ولكننا نرى إذا كان إعادة البناء النفسي سيؤخذ موضع التنفيذ، أن تُشكل هيئة أو لجنة لصياغة وتحديد النقاط التي ستنطلق منها الأمة نحو البناء النفسي لشعوبها.
إن المحافظة علي القوى النفسية لدي الشعوب لن تقل قيمة عن مقدراتنا الجغرافية وثرواتنا المالية أياً كان نوعها حتي نستطيع إلي مكانة من الإعداد الجيد نحمي بها أنفسنا ، أو نرهب بها عدونا لنتمكن من تحقيق غايتنا التي خلقنا من أجلها.
قال تعالي (وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ وآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ومَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إلَيْكُمْ وأَنتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) [الأنفال].