الإعلام بين التحيــز والحيـــاد !!!

الإعلام بين

التحيــز والحيـــاد !!!

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

لا يختلف اثنان في عصرنا الحالي على ان للاعلام دور كبير ومهم في التاثير على الراي العام ، حيث انه سلاح فتاك قادر على التاثير وتغيير مسارات الامور والاحداث بسرعة مذهلة لا ينكرها الا جاهل لا يرى العالم بواقعيته التي نعيشها . 

ولا شك ولا ريب في ان كثيرا من المنابر الاعلامية لتتخذ من شعارات : استقلال الخبر ، الدقة في نقل الخبر والمعلومة ، نقل الصورة كما هي ، ... الخ

كشعارات رنانة تجذب المشاهد وتجعل منها منابر ذات مصداقية معينة . هذه الشعارات ذات دلالة على عدم التدخل وعدم التحيز والوقوف على الحياد في ممارسة المهن الاعلامية الصحافية .

 ولكن الحقيقة الواضحة الساطعة كسطوع الشمس تقول ( انه لا توجد منابر اعلامية حرة حتى في اعتى الديمقراطيات العالمية ، بل يكاد يكون شعار الاعلام الحر حلما مستحيلا ، وهدفا صعب المنال وذلك بناء على ما يلي : 

1.     ان أي منبر اعلامي لا بد له من طاقم بشري يدير عجلته ، وهنا لا يمكننا نزع انسانية الاعلامي وفكره ورأيه بحيث نصنع منه الة تنقل الخبر والصورة دون التدخل فيه بحسب الرغبات والاهواء والافكار السياسية والايدولوجية ، بل ونقل ما يتناسب معها وترك او محاولة طمس او تزوير الوقائع التي تتعارض او تختلف معها . فقد يكون التدخل كبيرا عبر تغيير واقع الاحداث ، وقد يكون غير ملحوظ عبر انتقاء واختيار كلمات الخبر والتعابير التي تظهر على وجه ناقل الخبر والاحداث . 

2.     نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين  ولا تكاد تمر ساعة دون حدث ما ، ولان الاحداث تتسارع بشكل كبير جدا ، هذا يعني تركيز المنابر الاعلامية على احداث دون الاخرى بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة او الخاصة للمنبر الاعلامي . وهنا لا بد من تدخل الاراء والافكار والقناعات وشعارات المنبر عبر رؤساء التحرير لتغطية حدث دون غيره ، وما يعنيه ذلك من بناء رأي عام حول قضية ما عبر تغطيتها كاملا ، واهمال قضية أخرى  او حدث آخر . 

3.     نحن نعيش في زمن اشتعلت فيه نار الطائفية والعرقية والقومية والعشائرية والفئوية وحتى الحزبية ، بحيث اصبح جزءا كبيرا من الاعلام ان لم يكن غالبيته مجيرا لخدمة هذه الفئات الضيقة وافكارها وسياساتها . فبالتأكيد لن ننتظر من منبر اعلامي تابع لأجهزة الاعلام الحكومي الرسمي ان ينتقد سياسات حكومية او يفسح المجال للمعارضة السياسية ان تستعرض انجازاتها من خلاله ، ولن ننتظر من منبر اعلامي تابع لحزب يساري ان يمجد نشاطات الاحزاب الليبرالية و يذكر انجازاتها . 

4.     لا يستطيع انسان عاقل ان ينكر بان التكاليف التشغيلية المادية للمنابر الاعلامية باهظة جدا ، بحيث تشكل هاجسا لاداراتها ، فمن هنا فقد يكون التدخل عبر تقديم اموال دعم وتبرعات واعلانات وهدايا واعطيات يقدمها الاشخاص ذوو النفوذ او الدولة عبر اجهزتها المختلفة او بعض المؤسسات ذات الاجندات الخاصة مما يؤثر على سير العمل الاعلامي وتجييره لجهة ما ، ناهيك عن ان غالبية المحطات الاعلامية هي ملك لاشخاص او لاجهزة الدول او لجماعات سياسية واحزاب . 

5.     السبب الخامس والاخير وهو دليل قوي على انه لا يوجد اعلام حر ، هو سبب يعود لمتلقي الخدمة الاعلامية نفسه . حيث انك تجد متلقي الخدمة ينتقي من الاخبار والتحليلات والافكار والبرامج ما يناسب معتقداته وايدولوجيته وافكاره السياسية أي بمعنى آخر ينتقي منها ما يلبي حاجاته الفكرية والسياسية ويتماشى مع معتقداته الدينية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية والثقافية . فتجده في كثير من الاحيان غير مستعد لتلقي حاجاته السابقة من منبر اعلامي يختلف معه فكريا بذريعة انه لا يثق به وبمن يحررون اخباره ويعدون برامجه ، في حين انه يستسلم ويسلم كل عقله وفكره للمنابر الاعلامية التي ينتمي اليها فكريا وسياسيا ودينيا . 

مما سبق يتضح لنا ان الاعلام الحر هو حلم صعب الوصول اليه ، وانما هناك اعلاما يحاول التحرر والاستقلال عبر توازنه في طرح القضايا والمنافشات . 

فالاعلام الغير مقيد يعنى التحرر كل كافة القيود التى ألتفت به ألتفاف الحية بفريستها ... فالإعلام الغربي قد تحرر من تلك القيود القانونية الوضعية منذ سنوات خلت !!!

ولكن يبقى أعلامنا حبيس واقع يصعب التفلت من قيوده طالما أنه مكبل بقيود التسيس والفبركه الاعلامية والمنتجة والاعداد البرامجي مسبقا التخطيط والإعداد !!!