أبعاد في ظل الوطن ورحيل غير مدروس
أبعاد في ظل الوطن
ورحيل غير مدروس
سليمان عبد الله حمد
المتطلعون لتحسين اوضاعهم والراغبون في اكتساب الخبرة من خلال فرص الهجرة للبلاد العربية او الغربية او حتى الولايات المتحدة الامريكية وكندا واستراليا يسعون لذلك عبر طرق شتي وعبر مكاتب التشغيل بالخارج او من خلال متابعة نشرات الوظائف التي تملأ شبكات الانترنت او من خلال الاهل والأقارب الذين يوفرون فرص الزيارة او من خلال الهروب عبر العمرة او الحج للمملكة العربية السعودية اكبر المستقبلين للهجرة السودانية .
هؤلاء منهم خبراء وأصحاب تخصصات نادرة ومهمة وأطباء ومهندسون في مختلف تخصصات الهندسة وعمال مهرة وتقنيون اضافة للعمال غيرة المهرة وهناك تجار يمارسون تجارة بين دول الخليج والسودان وغيرها من الاعمال.
المعروف انه ليس هناك ترتيب او تنظيم لهذه الهجرة من خلال مكاتب متخصصة تقوم بالموازنة بين احتياجات الوطن وفتح المجال امام اصحاب التطلعات المشروعة في ايجاد فرص عمل لزيادة الدخل او لوجود فرصة عمل لبعض الخريجين الذين لم يجدوا فرصة للعمل هنا واضطروا للبحث عن فرصة خارج البلاد ولا نستطيع ان نقول علي الحكومة ان تمنع زيد او عبيد من الهجرة متى ما توفرت له الفرصة ووجد عقد العمل المجزي والوظيفة المناسبة في تخصصه ولكن يجب ان يتم ذلك بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص . فقد كانت الحكومة في الماضي تنتدب الموظفين في مختلف التخصصات وتوزع الفرص علي التخصصات بالتساوي حسب الشروط التي تطلبها الدولة المعنية فكان انتداب المعلمين والأطباء والمهندسين الذين يقضون فترة الانتداب ويعودون الي وظائفهم !!!
ولكن مرة ثانية ماذا لو وجد طبيب متخصص في تخصص نادر والبلاد تحتاجه ولكنه متطلع لزيادة دخله وقدم له عرض مجزي في هذه الحالة اما ان نطلق سراحه لينال فرصته وأما ان نوفر له ما يحقق هذه الطموحات والطبيب هنا مثال لملاحظة هجرة عدد من اطباء العظام من ذوي التخصص العالي حتى فاقت نسبة المهاجرين من بقوا في ظل الوطن الظلوم .
حدثني بعض الاطباء انهم لا يجدون في المستشفيات العامة والخاصة كل ما يساعدهم علي اداء واجباتهم الطبية تجاه المرضي من معامل وأجهزة للكشف او المعالجة اضافة لضعف الكادر المساعد من فنيين وتقنيين وكوادر التمريض علي مختلف درجاتهم وقد نصحني احد الاصدقاء بان اجري عملية جراحية في العظام خارج الوطن وقال لي بالحرف الواحد هناك عدد كبير من الاطباء يمكن ان يجري هذه العملية ولكن ما بعد العملية التمريض والمتابعة ولذلك كثير من الاطباء يفضلون العمل في مستشفيات دول المهجر لما يتوفر فيها من امكانيات تصقل تجاربهم وتزيد معارفهم اضافة للجوانب الاخرى من تحسين الاوضاع المادية وتحقيق التطلعات .
موضوع الهجرة يحتاج لدراسات متخصصة وفتح الباب امام التخصصات المتوفرة وترتيب الفرص للتخصصات النادرة وتقنين ذلك بقوانين العمل والهجرة , وفي هذا الجانب لابد من مراجعة الهجرة والعمالة الوافدة فمن غير المناسب فتح الابواب امام العمالة الهامشية مثال عمال النظافة والعمال غير المهرة مثلاً والذين يمكن ان نوفرهم من العمالة السودانية فلا يمكن ان نستقبل عمالة هامشية ونرسل العلماء والخبراء خارج الوطن !!!
عجبا لهذا الزمن كنا لا نرى غير أولاد الوطن هم الذين يشغلون كافة الوظائف في قطاع الخدمات الطبية ولكن أين ذهب هؤلاء في ظل الحكومات الوطنية والتحرر السياسي والاقتصادي وسياسة الانفتاح الاقتصادي وتحرير العملة و التى كانت فيها الخدمة المدنية يضرب بها المثل فى الاستقرار ..
ولكن طفح الكيل وأقبلت إلينا كل أفريقيا بالوطن فهؤلاء يصلون السودان للعمل والاستقرار فيه من كافة دول أفريقيا وهؤلاء السودانيين يهاجرون إلى أي وطن بدون أن يكون لديهم المؤهلات العلمية التى تعينهم على كسب لقمة ألعيش!!!
وربما يقنع المهاجر بأن يدفع بمن يعول إلى التسول خارج الوطن وربما التفلت عن المألوف وركوب موجه أفعل كل شى بعيد عن عيون أولاد الوطن !!!