شيء من وهجْ الترابطِ الاجتماعي
سليمان عبد الله حمد
وجدتْ المرأةُ نفسها في مهب الريح بهدف سدِ ثغرةِ غيابْ الزوج المغترب الذي لتحقيق طموحات أسرته في مستقبل مادي ينعم فيه الجميع بالسعادة المنشودة ...!!!
بلاشك أن الإغترابُ في زماننا هذا أصبح سِمةً عامةً ووباءً مُستشري لمْ يكدْ ينجو مِنهُ أىُ بيتٍ سوداني، فمُنذُ أنْ عَرِفَ الرُجلُ بأنَ للسفرِ سبعةُ فوائدْ حتى أصرَّ أنْ يجنيها (سبعتها) بحيث أصبح لا يألو جهداً في معاناة أسرته في ظل غيابه والذي قد يمتد لسنوات وعذره الوحيد بأنه هاجر من أجلهم وتحقيق تلك السعادة المادية التى تلبي طلبات وآمال كل أسرته الصغيرة والممتدة .
وقُدّرً لنا أن نعيشَ في مُجتمع (تشتتْ) وغادرتْهُ هذه الفئة ِالتي تحمل في طياتها التفكير ليل نهار في تغير حال أسرته تاركاً نصفها الآخرَ ينبِضُ شوقاً، مُجتمعُ غابَ مُعظمِ رِجالِهِ لأهدافٍ ساميةٍ ولكِنهُمْ تركوا العِبء الأكبر للنصفَ الرقيقْ بحيث يتحمل تلك المتاعب الحياتية وإيجاد حلول لمشاكل الاسرة ، فتصبح الأم هي الراعية والملبية لكافة وطلبات أفراد الاسرة ، وقد تلعب دور الأب في الوفاء بالزيارات المدرسية وربما حضور بعض جلسات مجلس الآباء في أمر يهم طالبات المدرسة ، وربما تقوم بمتابعة الحالة الصحية وذلك بتوفير العلاج والدواء ومراجعة المستشفى لمتابعة حالات مرضية عرضية أو مزمنة ،وقد تلعب دور الذهاب كل يوم لسوق الخضار وسوق المدينة للوفاء بطلبات هذه الاسرة ، كل هذا وذاك جعل تلك الام الحنون تقدم كل تلك الخدمات بدون انتظار لرد جميل !!! . فهي شمعة تحترق في سبيل إسعاد الآخرين ...
و مع غيابِ الزوجِ وجدتْ المرأةُ نفسها في تحدٍ كبيرٍ لسدِ ثغرةِ الغيابْ ولعبِ الدورِ المزدوجِ كأمٍ وابِ معاً، وحال زوجاتِ المُغتربين في المُدنِ أعظمُ بكثيرٍ مِن حالِهنَ في القُرى، فبطبيعة المدينةِ التى تُطفئ كثيراً مِن وهجْ الترابطِ الإجتماعى، تجدْ زوجةُ المغتربِ نفسها مُضطرةً لِمواجهةِ كثيرِ مِن المسئولياتِ بمفردِها وذلكَ على الرُغم مِن وجود الأخ او الأب او الجار وذلك مرجعهُ لصخب المدينة و حكمهُ القاسي فى انشغال الأغلبية عن بعضهم البعض.
نأمل أنْ يتوقفَ هذا النزيفُ مِنْ هِجرةِ الرجُلِ من أجل توفير لُقمةِ العيشِ ذلك الوهم المتوغل في نفوسنا …!!!