ثورة يبطلها القضاة
ثورة يبطلها القضاة
خليل الجبالي
كتب عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إلي القاضي عبدالله بن قيس يقول له : ) سلام عليك ، أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك ، وأنفذ إذا تبين لك، ولا تيئس ضعيف من عدلك ، ولا يمنعك قضاءٌ قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق ، فمراجعة الحق خير من التمادي في الباطل(.
وهذا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يكتب إلى أحد عماله حينما استأذنه في تحصين مدينة قائلاً :) حصنها بالعدل ، ونق طريقها من الظلم ( .
ويقول سعيد بن سويد في إحدى خطبه بحمص: ) أيها الناس إن للإسلام حائطاً منيعاً وباباً وثيقاً ، فحائطه الحق وبابه العدل ، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ، ولكن قضاءٌ بالحق (.
إن الأمال كانت معقودة علي قضاة الحق لينطقوا به لا يبغون في حكمهم مأرباً ولا مغنماً إلا رضى الله ، أم اليوم فقد تغيرت العقول ، وتبدلت الأقلام فأصبح الناصح الأمين صاحب الحق محبوس خلف القضبان وليس عبدالرحمن عز منا ببعيد، وصاحب الأرض المسروقة والأموال المنهوبة حر طليق ، وليس الزند منا بقريب.
إننا في أشد الإستغراب من البراءات التي يصدرها القضاء وخاصة التي القضايا التي قامت الثورة من أجلها، فهل يأتي اليوم الذي يحكم فيه القضاة ببطلان الثورة واعتبار الثوار خارجين علي القانون، وتكال لهم التهم التي كان ليصقها بهم مبارك وزبانيته للشرفاء ومنها: قلب نظام الحكم وتعطيل الأحكام والدستور؟
إننا نخشي أن يحكم القضاة علي الثوار بتهمة الإنضمام إلي ثورة محظورة، كما كانوا يتهمون الإخوان المسلمين بتهم الإنضمام لجماعة محظورة.
إن كل الشبهات والإتهامات بل المستندات التي تدين القضاة تحتم علي العقلاء منهم أن يسعوا بالفعل ليطهروا أنفسهم من المدنسين منهم .
عجباً للمجلس الأعلي للقضاء وهو يقول أن "التظاهرات التي نظمتها جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس المصري محمد مرسي الجمعة للمطالبة بتطهير القضاء تعد "اساءة بالغة للقضاء ونيلاً من استقلاله".
فهل ضياع حقوق الناس لا يسئ لهم؟
وهل عدم رفع الحصانة عن الزند وعبدالمجيد محمود لا يسئ لهم؟ .
وهل تعديهم علي سلطة رئيس الجمهورية في إصدار الإعلان الدستوري لا يسئ لهم؟
إن الكبر يمد صاحبه بالطغيان .
( الَذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى المُتَكَبِّرِينَ (29)سورة النحل
وإليكم بعضاً مما يسيئ القضاة الشرفاء:
ـ براءة قتلي المتظاهرين في موقعة الجمل وجميع ميادين الثورة .
ـ عدم تلبية طلب النائب العام برفع الحصانة عن الزند والسماح له بالهروب بحجة أداء العمرة.
ـ الإفراج عن المتورطين في قضية التمويل غير المشروع للمنظمات الأهلية في مصر وأغلبهم من الأمريكان مع عدم منعهم من السفر علي يد المستشار عبدالمعز إبراهيم ، وعدم مسائلته حتي الآن.
ـ براءة الفاسدين أمثال ابراهيم سليمان وزكريا عزمي وفتحي سرور وصفوت الشريف في قضايا الفساد والسطو علي أموال الشعب.
ـ إخلاء سبيل حسني مبارك تمهيداً لخروجه من السجن.
ـ الحكم علي قناة الحافظ بالغلق لمدة شهر واتهامها بأنها قناة تعمل علي نشر الرذيلة وإنحطاط الأخلاق!
ـ الحكم علي الشيخ عبدالله بدر بالسجن عاماً مع الشغل وتغريمه 20 ألف جنيهاً لسبه الشريفة العفيفة إلهام شاهين علي الرغم من عرضه لبعض ماهو منشور علي مواقع الإنترنت من لقطات أفلامها!
ـ براءة إعلامي فضائيات رجال الأعمال المحسوبين علي نظام مبارك علي الرغم من ثبوت تورطهم في سب وقذف الرئيس مرسي أمثال باسم يوسف ويوسف الحسيني وإبراهيم عيسي ومحمود سعد وخيري رمضان وغيرهم.
وهناك من القضايا التي يندي لها الجبين حيث لم يأخذ المجلس الأعلي للقضاء أي موقف قبل القضاة المتورطين فيها من رشاوي وإستيلاء علي ممتلكات الدولة وقضايا مخلة بالشرف وتعاطي مواد مخدرة وغيرها.
فيا قضاة مصر الشرفاء ، ثوروا علي منصتكم، ثوروا علي مكانتكم ، ثوروا علي مصر الجديدة حتي تكون لكم اليد العليا في تطهيرها بدلاً من الشبهات التي توقعون أنفسكم فيها.
أيها القضاة أنصروا الحق وكونوا أهله، وإياكم والكبر كما قال رسول الله صل الله عليه وسلم ) الكِبْرُ بَطَرِ الحقِّ ، وغَمْطِ النَّاسِ( المصدر صحيح الجامع.
أيها القضاة لا تضعواأانفسكم ضد الثورة والثوار ، فما تفعلونه يعيد نظام مبارك مرة أخري ويبطل الثورة ، ولن تكون.
فكونوا كما نظن فيكم.
بل كونوا كما طلب رب العزة منكم.
(يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) سورة المائدة