ليس بيننا وبين الإسلاميين ثارات وعداوات
ليس بيننا وبين الإسلاميين ثارات وعداوات
عقاب يحيى
يكثر الخوف في أوساط " الديمقراطيين"، والعلمانيين"، و" الليبراليين" من غد يسيطر فيه الإسلاميون على الحكم، ويحكمون قبضتهم على كل شيء : بما في ذلك إعدام الرأي الآخر، ورفض الدولة المدنية، التعددية.. ويضربون أمثلة من مصر وتونس وليبيا وغيرها.. فيكثر الكلام، وينسج البعض غداً شبحياً مظلماً
يعيدنا قروناً للوراء، وتستخدم فيه سيوف قطع الرؤوس والأفكار المخالفة، واغتيال حرية الرأي والمعتقد، ومنع التداول على السلطة حين يصلون في أول دورة انتخابية، وقتما يعيدون النظر بالدستور والقوانين لتكييفها بما يؤبد حكمهم ...
ـ الحديث يتناول الإسلاميين بالجملة : الوسطيين منهم والمعتدلين . السلفيين والجهاديين والقاعديين وما بينهما من تشكيلات وتيارات .. والنتيجة : إعلان الحرب الاستباقية ولو بالكلام والنوايا والضجيج الإعلامي.. وبعض محاولات التجميع البديل، والمنافس .......
الإسلاميين حقيقة قائمة، طبيعية في مجتمعات مؤمنة، وتعاني خيبات أمل تجويف المشروع النهضوي، وخيانته على يد حملته، وتتوفر لهم ظروف ومقدرات وإمكانات لا تتوفر لغيرهم بالتأكيد، وهم ليسوا كتلة واحدة، أو غير قابلة للتطوير، فقد تقدمت جماعة الإخوان المسلمين كثيرا في خطابها المعتدل والمنفتح، وتضمنت وثيقتهم للمرحلة فهما متطورا يتجاوز ما تطرحه عديد التشكيلات التي تحسب نفسها على الخط الديمقراطي، وبالقطع ، والمفروض أنهم يختلفون عن الحركات الجهادية والمتطرفة التي تدعو إلى إقامة إمارة إسلامية وتطبيق " الحدود"، والتعامل مع الآخرين المختلفين دينيا ومذهبياً كأهل ذمة او زنادقة، وهو خط يجب تعزيزه عبر التعاون والعمل المشترك وليس بالاحتراب وافتعال المعارك مع الاتجاهات الوسطية والمعتدلة .
ـ سيقول المشككون : هؤلاء لا يمكن الثقة فيهم، ويبطنون غير ما يُظهرون، وإن تحكموا احتكروا وأظهروا جوهر سياستهم وعقيدتهم، وأنهم جزء من تنظيم عالمي متشابك الخيوط والخطوط، وهو الذي يرسم، ويأمر، ويبني التكتيكات للتسويق الشعبوي وغيره ..وأنه لا سبيل للتعامل معهم سوى مواجهتهم بقطب ديمقراطي عريض، ومتين، يضع حدا لنفوذهم ومدمداتهم، ويعرّي إطروحاتهم الملغومة ..
ـ نعم من الضرورة إيجاد قطب وطني ديمقراطي، لنه تعبير عن الحاجة ، ولأنه موجود فعلاً، ولأن التعددية هي التنافس والتفاعل بين التيارات المختلفة، لكن ليس عن طريق الاصطراع وذههنية اجتثاث الآخر، والاجتثاث أنواع . وبالوقت نفسه فإن الإشكالية تكمن ـ تأسيساً ـ في طبيعة مكونات وخطاب الديمقراطية، بشتى تنوعاتهم الوطنية والقومية والليبرالية والعلمانية.. وغيرها، ولا يمكن تحميل الآخر ـ المُختلف ـ مسؤولية ضعف وتشتت وذاتية ونخبوية هذا التيار، وبعده عن الميدان والشعب والشباب . المشكلة كامنة فيه، وعليه أن يحلها هو قبل أن يضع اللوم على الآخر، وقبل شن حروب استنزافية ..
ـ كما أن تعلم، وتجسيد الديمقراطية داخل الفرد والتشكيلات السياسية، وفي علاقاتها البينية، ومع الآخر المُختلف، والشعب.. ستكون الوسيلة الأنجع لوضع الحركات المتشددة في مكانها الطبيعي حين تجد نفسها تغرد في واد صفصف ..
ـ إن إيجاد صيغ للتعاون والتحالف مع الحركات الإسلامية المعتدلة، القابلة بالديمقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة : قاعدة ارتكاز في مهماتنا العاجلة الحالية : إسقاط النظام مدخلاً لكل اللاحق والآحلام والتغيير، وحجر رحى في بناء الدولة المدنية الديمقراطية على قاعدة التنافس والتفاعل والحوار وليس الاحتراب ..