جيش الأسد: من مذبحة الحولة إلى مجزرة تريمسة

د. محمد أحمد الزعبي

بين المذبحة والمجزرة خيط رفيع

د. محمد أحمد الزعبي

لم أستطع وأنا أتابع أمس مناظر مذبحة / مجزرة  البشر والحجر في تريمسة بمحافظة حماة ، ان أمنع دموعي من الانهمار ، بل إنني لم أستطع متابعة مناظر هذه المجزرة الرهيبة فاغلقت التلفاز ، وشرعت أقلب ماأرى وما أسمع على مختلف وجوهه : ترى ماهذا الذي يجري في بلدي سورية ؟! ، هل يمكن أن ينقلب الإنسان الذي استخلفه الله على هذه الأرض وزوده خلافاً لكل الكائنات بالعقل ، ان ينقلب إلى وحش كاسر خال من العقل والضمير ؟! .

 إنني هنا لاأخاطب بشار الأسد وشبيحته وحسب ، وذلك على قاعدة ( يافرعون مين فرعنك ؟ قال مالقيت حدا يردني !! ) ، وإنما أخاطب كل من أطلق ويطلق نار بندقيته أو رشاشه ،أومدفعه أودبابته أوطائرته أوصاروخه أوقنابله ( ولاسيما المحرمة دوليا) على مدن وقرى بلده ، وهو يعلم علم اليقين ، أنه إنما يرتكب بذلك عملاً  وحشياً وهمجياً غير أخلاقي وغير وطني وغير إنساني ، حصيلته قتل مئات الشهداء  ولاسيما من الشيوخ والنساء والأطفال ، ومن المدنيين السلميين ، الذين لايملكون سوى حناجرهم ، التي أعلنوا ويعلنون من خلالها عن مطلبهم المشروعة في الحرية والكرامة .

لاأخال أن ضباط  وضباط صف وجنود الجيش السوري الذين يقتلون بني جلدتهم  في درعا ودمشق وحمص وحماة وإدلب وحلب ودير الزور والقامشلي والحسكة والرقة  ، دون هوادة أو رحمة ، وبصورة ممنهجة ويومية يجهلون أن دولة الصهاينة في فلسطين المحتلة ، وحماتها من الشرق والغرب ، بل ومن العرب والمسلمين أيضاً ، هم من يقف وراء بشار الأسد ، ونظامه الديكتاتوري الفاشي ، وهم من يقف وراء مبادرات فرص المذابح والمجازر، فرص الدابي وكوفي عنان ،  التي أخذت تمنح للنظام منذ أن تجذرت الثورة ، ودخلت مرحلة اللاعودة ، مرحلة إنهاء النظام . وإذا كانوا ــ وهذا مانعتقده ــ لايجهلون كل هذا ، فما خطبهم إذن!! هل انطلت عليهم " لعبة الطائفية " !! ، هل انطلت عليهم " لعبة العصابات المسلحة " !! ، هل انطلت عليهم " لعبة الأقلية والأكثرية "!! ، أم أنهم خائفون من أن يطالبهم نظام مابعد الأسد باستعادة الجولان بمختلف الوسائل والطرق ، والتي باتأكيد من بينها أن " ماأخذ بالقوة لايسترد إلاّ بالقوة " ، وهم ــ وهذا مانعتقده أيضاً ــ لم يعودوا مهتمين لابالجولان ، ولا بفلسطين ، ذلك أن اهتماماتهم باتت منصبة على " جيوبهم " ، وعلى " بطونهم " ، هذا إذا لم نقل أكثر من ذلك .

إنني باسم 20000 شهيد ، بينهم 1500 طفل أطلب من بشار الأسد ، ومن شبيحته من العسكريين والمدنيين ، أن ينظروا عبر وسائل الإعلام المختلفة ، إلى ماصنعت أيديهم في كل مدن وقرى وطنهم وبلدهم سورية ، ولا سيما في بابا عمرو ، وفي الحولة ، وفي تريمسة ، وفي قلعة الحصن ، أن ينظروا إلى الدور التي هدموها فوق رؤوس ساكنيها ، إلى المزروعات والغابات التي أتلفوها وحرقوها ، إلى الأب الذي يحمل طفله/ طفلته بين ذراعيه وهو لايعرف أين سيواريها التراب ، إلى الطفل الذي يقف فوق جثتي والديه المستشهدين ، وهو لايعرف ماذا سيحل به بعدهما ، أن ينظروا إلى العائلات التي سمموها في قلعة الحصن ، إلى الأطباء والممرضين الين قتلوهم ، إلى المقابر الجماعية التي يعرفون مواقعها جيداً ، ثم يذهبوا بعد ذلك إلى أقرب مرآة وينظروا إلى أيديهم ووجوههم ، ترى أية أياد هذه الملطخة بدماء الأطفال ؟! ، وأية وجوه هذه البعيدة عن الرحمة والإنسانية ؟! ، وأي رئيس هذا الذي تخدمه تلك الأيادي الحمراء والوجوه الصفراء ؟! . 

إن ما يطلبه منكم شهداء الحرية من الرجال والنساء والأطفال أيها القتلة ، وأنتم تنظرون إلى وجوهكم في المرآة ، أمراً واحداً ليس أكثر ، ألا وهو أن تشعروا بالخجل من أنفسكم  ، مع معرفتنا الأكيدة ياأيها الشبيحة ، من المدنيين والعسكريين ، وياأيها الشبيح الأكبر، بل الجزارالأكبر بينهم  " إن فاقد الشيء لايعطيه " ، وإذن فلا أمل عندنا في أن تشعروا بالخجل ، لامن الله ، ولا من الشعب ، ولا من أنفسكم .