نورنا ونورهم
نورنا ونورهم
نور عن نور يفرق
إبراهيم جوهر - القدس
حزيران ينبئ بالرحيل ، وقلبي يرحل فيه ومعه ؛ يرحل في المعنى والذاكرة . اليوم الأول من الثلث الثاني موعدي لمراجعة عيادة العيون في المشفى . وموعد افتتاح المعرض الأول للفنانة الشابة ( نمير القاسم ) في قاعة ( محمود درويش ) في مركز ( يبوس الثقافي ) بالقدس .
صباحا سأكون في المشفى ، ومساء سأكون في ( مشفى الروح ) ؛ أفكّر لنفسي في نفسي ، وأسرح مع تخيلاتي وتهيؤاتي وأمنياتي وتوقعاتي ...
مراجعة روتينية للعيادة الطبية . سيستمر العلاج بقليل من القطرة ، وسيكون خيرا .
في المدرسة أناقش موضوعة أساتذة الجامعات عندنا .
طرحت الفكرة في سياق الحديث ذي الشجون ؛
لا بحوث علمية ، أو أدبية . لا إسهامات في الحركة الثقافية المحلية . عزوف واكتفاء بدور المعلم المدرسي ، حتى أضحت جامعاتنا مدارس كبيرة . قتل لروح البحث والثقافة ، واكتفاء بكتاب منهجي (!!) . وظاهرة الاكتفاء باللقب الأكاديمي ...
في معرض الفنانة ( نمير القاسم ) الذي عنوته بعنوان إحدى اللوحات ( طابع عفوي ) كانت حركة مشاهدة وتأمل ومتابعة . وكانت لقاءات ودردشات وشكوى وهموم .
هناك التقيت الفنان الشاب ( حسام عويسات ) الذي أوصلني دعوة للمشاركة في ( مهرجان الإبداع المقدسي ) يوم الأحد القادم في قاعة ( كلية هند الحسيني ) بجامعة القدس .
كانت مساحة للقاء ذوي الاهتمامات الثقافية ، والرؤى من عشاق الحياة . ثلاث عشرة لوحة حكت حالة ، ورسمت أفقا ، ونقلت فكرا ورسالة انتماء . تقول الفنانة عن لوحاتها : ( يغلب على هذه الأعمال الفنية الطابع التراثي الوطني والإنساني بأسلوب تجريدي عفوي ، ممزوجة بالأرض والتراب والألوان النارية الدافئة ، تستمد قوتها من حب الوطن وتنادي بحق العودة وتفتخر بتراثها الجميل وتعتز بأسوار مدينتها الشامخة ) .
... بعد أيام سيقام مهرجان ( آخر ) ؛ ( مهرجان نور القدس ) . النور هناك لن يحمل المعاني التي حملتها اللوحات الفلسطينية هنا .
( نور القدس ) سيكون نارا في القلب .
( في عام 1992 م. أقيم "مهرجان القدس الأول للثقافة والفنون " في أرض ملعب المطران بالقدس . المهرجان المقدسي ترافق مع مهرجان آخر مقابل ومواز لفعالياته في " جورة العنّاب " وعرض التراث ذاته وادّعى أنه تراثه ! . وقتها صحّت المقارنة بين " مهرجاننا ومهرجانهم " وهي افتتاحية صحيفة " الشعب " التي كتبها الصحفي " إبراهيم ملحم " ) .
المهرجان الأول بقي وحيدا يتيما . ( تآمر) بنو ثقافتنا من أصحاب الذوات المنتفخة وأوغروا صدر ( الرجل) العملاق ...وانتكست الفكرة ، والمؤسسة ، والمهرجان .
( طابع عفوي ) لميرا القاسم جاء معرضا في إطار مشروع ( المعرض الأول ) الذي تقيمه ( يبوس ) للتعريف بفناني مدينة القدس ، وإعلاء روحها الفنية الحضارية . المعرض جاء بتوقيت ( عفوي ) ولكنه يرد على ( مهرجان النور ) القريب .
يرد وهو يقام في قاعة ( محمود درويش ) ، وينقل القدس بجمالها العفوي ... ولكنه لا يحتمل ولا يتحمل مهمة ( الرد ) التي يجب أن تتضافر الجهود ، والإبداعات للرد الثقافي عليه .
نورنا يغلب نورهم .
نور عن نور يفرق .