هي صراع بين إرادتين إذاً

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

وتمضي الشهور وتتعدد الأيام  في صراع مميت بين إرادتين

إرادة شعب يريد الحياة , وإرادة مجرم يسلب الحياة

وعندما نستعرض إرادة الشعب السوري والذي خرج من تحت نير الخوف والصمت إلى التحدي والعزيمة والإصرار , نلاحظ وجود فارق كبير بين إرادة رجال الثورة في سورية ورجال النظام المضاد لهذه الثورة

فلو فلسفنا هاتين الإرادتين نجد الفارق الكبير بينهما

فعندما تشتري جهازاً جديداً أو معمل جديد معتمد في كل خصائصه على آخر التقنيات وقارنت انتاجه بمعمل قديم أصابه الإهتلاك في كل شيء , لوجدنا أن القديم يكاد لايغطي تكاليفه والحديث ينتج بدون اهتلاك

فإرادة الثوار هي إرادة جديدة شابة مفعمة بالحياة تكونت هذه الإرادة وبنيت في نفوس الثوار عبر سنوات طويلة من القهر والذل والتهميش والقتل والتغريب  , وبتراكم هذه الأمور في النفوس ومع مايحيط المكان من تحركات ثورية وكذلك الفضاء الواسع والذي أصبح بمتناول كل شخص ومعرفة وتداخل ثقافات العالم , وغياب القطبية الدولية  والتي كان السبيل الذي يلجأ إليه الحاكم الشمولي أو الدكتاتوري لحمايته, كل هذه الأمور وغيرها , ومنها الإيمان بحتمية التغيير , ظهرت هذه الإرادة القوية الشابة والعزيمة والتي لايمكن أن يقف في طريقها كل محاولات الإرادة المضادة , والتي بنيت فقط على المصلحة الآنية والفائدة الزمنية أو الوقتية , والخالية من العزيمة والإصرار , والمفهو م الوحيد في ثقافتها هي القوة والبطش , وقد ظهر جلياً أن هذا المفهوم أصبح متهالكاً صدئاً مصيره التحطيم وقريباً أمام تلك الإرادة الفولاذية الجديدة والتي لم  تتعرض بعد لأي صدأ وهي حديثة الولادة يمكنها ذلك من مقاومة كل العواصف الموجهة لها

فالنظام لم ولن يستطع أن يقدم شيئاً جديداً لهذه الطاقات والتي خرجت لتوها , فقد وعد بوعود ولم يستطع تنفيذها , لأن الميت لايمكن إحياؤه من جديد

فالثورة في سورية اتبعت السلمية في حركتها , ومن أول لحظة قابلها النظام بثقافته والتي لايعرف غيرها وهي القمع بكل الوسائل , فقد شاخ تفكيره وهرم وأصبح لايعي ماحوله , ولو كان يعي الزمن لكان خرج من هذه الأزمة بكل سهولة ,

بينما الثوار قادرين على تخطي هذه الثقافة بإبداعات جديدة تتواأم مع روح العصر الذي نعيشه لاروح العصر والذي مضى عليه عقود طويلة

سنجد قريباً مقاومة وانهاك النظام وتحطيمه بأساليب مبتكرة , ولن تتوقف فقط على السلمية وإنما ستغزو النظام في مفاصل قوته وتحطيمها , سيكون القادم من الأيام محاسبة كل المجرمين والمساندين للنظام , ولن ينجو مجرم من فعلته , الكثيرون منهم سيجدون أنفسهم يتجرعون نفس الكاس من السم والذي جرعوها لغيرهم من الأبرياء , والفارق كبير هنا, ذك تجرع كأس السم وذهب شهيداً من أجل بناء وطن وبناء إنسان حر فيه وبين من يعمل على هدم الوطن والإنسان فيه

ترى مجرمي النظام عندما يعذبون معتقلاً لايصفونه بصفة خيانة ولا بخروج عن القانون أو ماشابه ذلك , وإنما يعذبونه فقط ويقولون له تريد حرية فخذ هذه , وذك الضابط والذي تربى بأموال الناس وهو ومن معه يرمون الناس بأسلحتهم الرشاشة ويقولون لهم تريدون حرية خذوا هذه هي الحرية

فالصراع بين حر وبين عبد والعبد ليس له الحق في التفكير , بينما الحر يفكر ويخترع ويعمل فإرادته بيده

هذا هو الفارق بين الإرادتين وهذا هو الذي سيحدد من المنتصر , بين إرادة تقول نحن للحياة ومع الحياة , وبين إرادة ضعيفة مهترئة , وذليلة وهمجية ولا تملك أفقاً يبشر بخير ولو بقدر ضئيل من معنى الحياة

ومع كل همجية النظام وأعوانه وآلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين والمعتقلين , وتعذيب الناس حتى يشهدوا بألوهية بشار أو أخوه , فهذه هي ثقافتهم ثقافة عبد حقير لايعرف شيء , خال من المعرفة والفهم وشكله شكل انسان وعقل الحمار يفوقه في الذكاء

لقد حان الوقت للقضاء على هذه اللاعقول وإحلال محلها عقول تبدع وتتفنن وتجتهد وتفكر من أجل الخير والتقدم وبناء حضارة الإنسان , وخير مايمثل هذه العقول هم رجال وبنات الثورة كبيرهم وأو سطهم وصغيرهم , فلقد أبدعتم وستنتصرون في القريب العاجل بإذن الله ليخلو وطننا من حكم الأغبياء.